Al Jazirah NewsPaper Monday  22/03/2010 G Issue 13689
الأثنين 06 ربيع الثاني 1431   العدد  13689
 
ربيع الكلمة
ست الحبايب
لبنى الخميس

 

يحتفل البشر عبر القارات بعدة أعياد ومناسبات وأيام مميزة خلال العام، اختاروها؛ لتكون ذات طابع احتفالي خاص وفريد من نوعه.

ومن ضمن تلك المناسبات المتنوعة، والذي صادف تاريخه البارحة 21 من مارس، هو (يوم الأم العالمي) الذي اختلف حول تاريخه ومضمونه العالم؛ فاليونان مثلاً اختارت لها يوماً خاصاً يختلف عن سائر الدول، كما أن بعض البلدان رفضته جملةً وتفصيلاً، على اعتبار أن كل أيام السنة هي للأم، وأن تخصيص يوم واحد لشكرها أورد جميلها بدعةً وفكرةً سخيفةً بل وجائرةً!

وفي الشرق الأوسط اتفق العرب - في ظاهرة نادرة الحدوث - أن يكون يوم الأم في الواحد والعشرين من مارس من كل عام، وهو بداية انطلاق فصل الربيع والخير والجمال، في حين يختلف سكان الأرض على تاريخ الاحتفال بيوم الأم.. تتفق القلوب وتتحد المشاعر والأحاسيس في سائر أرجاء المعمورة على أن (ماما) بكل اللغات هي الكلمة الأجمل والأعذب على الإطلاق.

والأم هي مصدر الحنان والأمان والحب الأول والمنبع الحقيقي لكل ما هو جميل وصادق وبريء.

هي التي ولدت وتحملت ويلات الحمل والولادة، وهي التي رضعت وربت وحممت وداوت وسهرت وبكت ورفعت كفها إلى السماء ودعت وفي النهاية قدمت.. للدنيا أبناءها بعدما غرزت فيهم القيم والأخلاق وبعدما غذتهم بالقوة والصبر والإيمان.

هي التي يكبر أبناؤها ولا تزال تراهم أطفالاً صغاراً تتمنى أن تضمهم إلى صدرها وتحميهم غدر الدنيا ومصائبها؛ فإن توفيت شعروا بالكبر والشيب والشيخوخة.

هي التي جعلت أبناءها سر سعادتها بالدنيا، وراحتهم قضيتها الكبرى، ونجاحهم في دروب الحياة المختلفة حلمها وغايتها وراحة بالها؛ فتجدها تذرف الدموع على سرائك وضرائك، وتبكي فرحاً حين تباغتها بخبر سار عنك، وتفرح وتضحك حين تراك سعيداً دون أن تعلم ما بك، تشقى وتسهر حين ترى الحزن والألم يأكل منك ويحاصرك ويخنقك؛ فتتمنى لو كان بإمكانها أن تقاسمك الوجع أو أن تحمله عنك لتخفف عنك وتواسيك وترسم الابتسامة على شفاهك مرة أخرى.

هي التي تقدم وتعطي عطاءً سخياً ولا تطلبه عليه جزاءً أو شكوراً.

. هي الموجودة دائماً من أجلك.. في كل مراحل حياتك.. في الشدة والرخاء، في السراء والضراء.. تدعو لك في امتحاناتك في السر والعلن أمامك وخلفك.. وتسعد بنتائجك وتباهي بك أمام الأهل والأصدقاء، وكأنك الوحيد الناجح بينهم.

هي التي لا يرضيها سوى سعادتك، ولا تتمنى سواها.. تريدك ناجحاً ومشرقاً ومتفجراً بالحياة بكل مفرداتها، ولا تسمح حتى لحبها بأن يمنحك الألم.

(أنتَ) حبها وسندها وعزوتها و(أنتِ) ابتسامتها وروحها وقلبها الذي يمشي على الأرض.

نحن دعاؤها الصادق في سجداتها وركعاتها، نحن همها الذي لا يفارقها، نحن الدم الذي يجري في عروقها، نحن دموع الفرح والضيق، نحن قصتها وحكايتها وقضيتها التي لا تزيدها الأيام إلا جمالاً ونقاءًً.

فكم نحن مقصرون.. وعن حقها العظيم علينا غافلون.. نمضي في هذه الدنيا ونعتقد أننا حققنا إنجازاتنا بأنفسنا وصنعنا نجاحاتنا بعرق جبيننا، وننسى أن بركاتها تحيط بنا وبعد الله كان رضاها سر توفيقنا ودعاؤها ودموعها سبب تفريج همومنا وتيسير أمورنا.

مهما مضينا في هذه الدنيا وحدنا.. ومهما بعدتنا عندها المسافات والظروف تبقى هي الشمعة التي تنير حياتنا، النور حين يغطي عالمنا الظلام، البسمة حينما تتغير وجوه الجميع.. هي التي لم ولن تتغير حينما يغدر بنا الزمن ويخوننا الأوفياء وينسانا الأصدقاء ويعادينا الحساد.. وهي الوحيدة التي لا تغار منك بل تصفق لك، وتشجعك، وتهنئك، وتحتفي بك، وتشد على يديك.

هي شمسنا في الصقيع، وقمرنا في الليالي، وملاذنا الآمن دائماً وأبداً.

فأدام الله كل أم شمعةً وفرحةً ومنبع أمان وحب.. ورحم الله كل أم أرادها الله بجواره وأسكنها فسيح الجنان بقرب الرحمن.

ختاماً.. كلمة شكر وامتنان أعلم كم هي متواضعة أمام جبال العطايا وأنهار الحنان والعفو.. أقولها لأمي عبر هذا المنبر وأمام كل الناس:

أنت الأروع، والأغلى، والأهم.. أقبل أيادي القدر الذي شرفني بأن أكون ابنتك.. فوجود امرأة عظيمة مثلك في حياتي أجمل وأسخى نعمة من الله تعالى أشكره عليها بكرةً وأصيلاً، وأرجو من الله - عز وجل - أن يقدرني على رد بعض من جميلك الوافر عليَّ، ويمنحني القدرة على إسعادك وإرضائك، وكم أتمنى أن أكون مصدر فخر لك، كما كنتِ وما زلتِ وستبقين مصدر فخر وعزة وبهاء لي ما حييت.. لأنك أجمل كتاب قرأته، وأروع اسم نطقته، وأعذب قلب عرفته، وأدفأ قلب ووطن سكنته.. فكل عام وأنت كما أنت رائعة على مر السنين.

***






 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد