Al Jazirah NewsPaper Thursday  01/04/2010 G Issue 13699
الخميس 16 ربيع الثاني 1431   العدد  13699
 
فن التعامل مع الناس
إبراهيم راشد الهذيلي

 

أقام الإسلام العلاقة بين أفراد مجتمعه على دعامتين أولاهما: الحفاظ على روابط الأخوة. وثانيهما: الحفاظ على النفس والمال والعرض. والإنسان اجتماعي بفطرته كثيرا ما تفرض عليه ظروف عمله مرافقة أناس متنافرة طباعهم متباينة عاداتهم مختلفة عقائدهم لذا يتوجب عليه التعامل بفن يستطيع فيه التعايش مع الآخرين بوئام ومن هذا الفن لتعامل:

1 - احترام شعور الآخرين وذلك بألا نتعرض لهم بإهانة ولا لذويهم بالتجريح ولا نسفه عقائدهم. ومن احترام الشعور: ألا نأكل أمام صائم ولا نضحك أمام حزين ولا نمزح مع جاد لا يرغب المزاح ولا ندخن أمام مريض أو رفيق سفر يتضايق من الدخان إلا بعد إذنه وألا نشتم أحدا ولا نكفر مسلما.

2 - أن نبدأ بالسلام ونبش في وجوه إخواننا ونساعدهم عند الحاجة وأن نحب الخير لهم وأن نبتعد عن إيذائهم ونحسن معاملتهم ففي الحديث عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه) متفق عليه. وأيضاً فعن ابن عباس قال: (ثلاثة لا أقدر على مكافأتهم ورابع لا يكافئه إلا الله تعالى: فاما الذين لا أقدر على مكافأتهم: فرجل أوسع لي في محله ورجل سقاني من ظمأ، ورجل اغبرت قدماه في الاختلاف إلى بابي، وأما الرابع الذي لا يكافئه إلا الله عز وجل: فرجل عرضت له حاجة فظل ساهرا متفكرا بمن ينزل حاجته وأصبح فرآني موضعا لحاجته فهذا لا يكافئه عني إلا الله عز وجل واني لأستحيي من الرجل يطأ بساطي ثلاثا ولا يرى عليه أثر من أثري).

-3 الا نشتري شيئا يساوم غيرنا لشرائه حتى ينتهي بشرائه أو بتركه ففي حديث ابن عمر: (لا يبع بعضكم على بيع أخيه) رواه البخاري.

4 - أن نحترم عقودنا فلا نتراجع عن بيع تم وانقضى زمنه ثم تفرقنا بعد جلسة البيع ففي الحديث: (البيعان بالخيار ما لم يتفرقا فإن صدقا وبينا بورك لهما في بيعهما وإن كذبا وكتما مقحت بركة بيعهما) حديث صحيح اخرجه البخاري.

5 - أن يصدق البائع في وصف بضاعته وإظهار عيبها الخفي وأن يلتزم المسلم الصدق في القول والعمل فلا يتظاهر بأنه مدين حتى لا يقصده أحد بدين وألا يتظاهر بأنه غير موجود حتى لا يطالب بدين غيره ففي الحديث (تحروا الصدق وإن رأيتم ان الغلبة فيه فإن فيه النجاة) رواه ابن ابي عدي وأن الكذب لا يجوز إلا في ثلاثة مواطن: في الحرب فإن الحرب خدعة وفي إصلاح ذات البين ومع الزوجة لإرضائها فيما لا ضرر فيه. وألا يحلف ليروج بضاعته فعن ابي هريرة رضي الله عنه قال: (سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: الحلف منفقة للسلعة ممحقة للكسب) متفق عليه وعن أم كلثوم بنت عقبة انها سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (ليس الكذاب الذي يصلح بين الناس ويقول خيرا وينمي خيرا. ولم أسمع يرخص في شيء مما يقول الناس كذب إلا في ثلاث الحرب والاصلاح بين الناس وحديث الرجل امرأته وحديث المرأة زوجها) رواه الأربعة.

6 - أن نوفي بوعدنا في أداء الدين ورد العارية والتزام الدقة في المواعيد وفي الالتزام بالشروط والعقود والكفالة والمعاهدات كما لا يجوز أ نرجع عن هدية قدمناها لأحد لحديث ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم: العائد في هبته كالعائد في قيئه) رواه الخمسة.

7 - ألا نسخر من أحد أو نلمزه أو نناديه بلقب يكرهه بل نناديه بأحب الأسماء إليه ولا نقلده أو نعيبه أو نعيره في عرجة رجله أو عورة في عينه أو أي مصيبة ابتلي بها كالبرص وغيره بل علينا أن نحمد الله أن شفانا وعافانا مما ابتلى به كثيرا من خلقه فالذي يستهزئ بالناس أو يسخر منهم إنما يعترض على الله تعالى الذي خلقهم على هذه الصورة وهو لا يدري لذا فقد حرم الله تعالى ذلك بقوله: ?يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَومٌ مِّن قَوْمٍ عَسَى أَن يَكُونُوا خَيْرًا مِّنْهُمْ وَلَا نِسَاء مِّن نِّسَاء عَسَى أَن يَكُنَّ خَيْرًا مِّنْهُنَّ وَلَا تَلْمِزُوا أَنفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الاِسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ وَمَن لَّمْ يَتُبْ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ? (الحجرات: 61).

والسخرية أن تسفه رأي إنسان أو تتخذه موضع التندر والتنكيت لتضحك منه الناس واللمز لغة: الطعن أو الوخز بالكلمة أو الإشارة والاستهزاء فهو محرم شرعا لأن مقياس التفاضل في الإسلام هو التقوى والعمل الصالح وربما نستهزئ بإنسان ويكون أفضل منا عند الله تعالى قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (رب أشعث أغبر مدفوع بالأبواب لو أقسم على الله لأبره) رواه مسلم.

8 - لقد حرم الإسلام الكيد في الخفاء والأساليب الملتوية في إيذاء الناس وأمر بالوضوح والصراحة فإذا أردت أن تحارب إنساناً لله تعالى فليعلم ذلك اما ان تتجسس عليه وتقابله بوجه المحبة وتخفي وجه البغض فذلك مرفوض في الإسلام فإن ذا الوجهين لا يكون عند الله وجيها لأن الإسلام أقام مجتمعه على أساس صلاح الباطن والظاهر وحافظ على حرمان الناس أن تنتهك وأعراضهم أن يولغ فيها، ونهى عن إشاعة الفاحشة، والاثم مادام صاحبها ليس مجاهرا ففي الحديث (من ستر عورة فكأنما استحيا موؤودة من قبرها) رواه أبو داود والنسائي وابن حبان والحاكم.

- الدلم



 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد