Al Jazirah NewsPaper Friday  02/04/2010 G Issue 13700
الجمعة 17 ربيع الثاني 1431   العدد  13700
 
ربط تقييم الأداء الوظيفي بالحافز
سلطان بن نايف الحربي

 

عندما ينادي شخص ما بضرورة ربط الحافز بالإنتاجية في العمل الحكومي - وتحديداً في مجال التدريس - من المؤكد أننا سنرى أن المعلمين في هذه اللحظة سوف ينقسمون إلى قسمين، أحدهما مؤيّد، والآخر معارض وكِلا الاتجاهين يمتلك من الأدلة المنطقية والحجج ما يفلج به حجة الآخر.

هذا الرأي (يقال) بأنه سبق أن طُرِح على معالي الدكتور «عبد العزيز الخويطر» عندما كان وزيراً للتربية والتعليم آنذاك، وقابله بالرفض القاطع لسبب منطقي ووجيه يراه هو ويدل على مدى قدرته على استشراف المستقبل، حيث يرى أن هذه المسألة فيها ذمم ومسؤولية أمام الله أولاً لكونه مرتبطاً بأرزاق هؤلاء الموظفين.

ولنفترض أن هذا الرأي تم الأخذ به وأصبح تقييم الأداء مرتبطاً بالعلاوة السنوية للمعلم، ألا يتطلب ذلك الأمر أن تقوم الوزارة بتغييرات جذرية في نظامها، أهمها الإعداد الجيد للمدير، وضرورة أن تتوفر فيه شروط ومواصفات دقيقة لأنه بالتالي سيكون مؤتمناً على أرزاق الناس وترقياتهم، ناهيك عن التغيير في بنود التقييم والمعايير التي يستندون عليها في تقييم الأداء الوظيفي، مع ضرورة إيجاد نظام يكفل للمعلم حق المطالبة والتظلم بمراجعة تقييم الأداء الوظيفي، إذا أخذنا في الحسبان أن أنماط المديرين ليست واحدة.

وفي ظنِّي أنَّ ربط الحافز بنوعيه (المادي والمعنوي) بالكفاءة والإنتاج هو مطلبٌ ملحٌ ومهم لا سيَّما في العملية التربوية التعليمية، إذ إنَّه يكون بمثابة مؤشر قوي يُفرِّق بين الأداء الجيد والأداء المتوسط للمعلم، بشرط أن تؤخذ كافة التدابير ويراعى في ذلك جميع الاعتبارات التي يمكن حدوثها، والتي من شأنها أن تؤثّر على عطاء المعلم، وإخلاصه في العمل.

ولعلي لا أذيع سرًّا إن قلت بأن هذه الطريقة معمول بها في مدارس الهيئة الملكية في الجبيل وينبع، وهي خطوة لم يسبق مدارس الهيئة الملكية إليها أحد، فكل الشكر والتقدير لمسؤوليها على هذه المزية التي يتميز بها معلمو الهيئة الملكية عن غيرهم، وحبذا لو كان هنالك دراسات تطبيقية لقياس أثر الحافز بنوعيه (المادي والمعنوي) في تقييم الأداء الوظيفي لدى المعلمين.

فرغم كل ما له من أهمية وقيمة يطغى عليها الجانب المعنوي أكثر من المادي وذلك من وجهة نظري الشخصية، إلا أنَّها عليها مآخذ لكون الحل والعقد في هذه المسألة يكون بيد مدير المدرسة، وإذا اعتبرنا أن مدير المدرسة من البشر، فالبشر يخطؤون، وليس كل القرارات هي بالضرورة مبنية على أساس علمي ومعايير مقننة على بيئة العمل.

إذا اعترفنا بهذه المسلَّمة، فمن الصواب التفكير والتأمل في أبعاد مثل هذه المشاكل، وما يمكن أن تصل إليه، وبالتالي وضع حلول بديلة من شأنها إصلاح ما يمكن إصلاحه.

لنأخذ هذا المثال مدارس دول الغرب كأنموذج نقيس عليه طريقتهم في حل المشكلات ونطرح السؤال التالي:

- كيف استطاع الفكر الإداري الغربي التغلب على مثل هذه المشكلة؟!

لعلنا نصل في يوم من الأيام لما وصلوا إليه من نفاذ البصيرة وحسن تدبيرهم للأمور، والذي ينبني على التخطيط الجيد بغرض الوصول للأهداف المعلنة وتوفير الأدوات اللازمة لتحقيق هذه الأهداف.

هناك في مدارس دول الغرب بحسب ما قرأته أو فهمته يشترك المدير والمشرف التربوي في التقييم ولا أدري إن كان لديهم نظام يسمح بإشراك أولياء الأمور أيضاً في هذه المسألة أم أن نظرتي الحالمة هي التي تقنعني بوجود هذا النظام، وعلى أية حال، فبنود تقييم الأداء الوظيفي يتم الإعلان عنها في أول العام الدراسي ويُطْلَعَ الْمعلم عليها، ويشْرَح الْمُدِير الْبُنُود التي تخصُّه، ويعطي مجالاً للمشرف التربوي لكي يتحدث عن البنود التي تتعلق بمجاله الإشرافي، ويُعلِّقان على المعايير والأسس التي بناءً عليها يقومون بتقييم الأداء الوظيفي للمعلم، وبعد الانتهاء من الشرح يعطي المدير المعلمين فرصة المشاركة بالرأي أو الاستفسار عمَّا يستصعب عليهم فهمه ويتأكدوا بأنهم فهموا أدوارهم، وما هي الأهداف التي يسعون لتحقيقها.

أثناء العام الدراسي يتم زيارة المعلم عدة مرات - تقريباً ثلاث مرات - من قِبل المدير والمشرف، وفي كلِّ مرة يُستدعى المعلم ويناقش في بنود التقييم، وكذلك الملاحظات التي تم تسجيلها، ويناقشانها مع المعلم، في الزيارة الأولى والثانية يكون الهدف توجيهاً لأداء المعلم بما هو مطلوب منه تحقيقه وفق ما يخدم الهدف الأساسي، ويعطى فرصة الدفاع عن وجهة نظره في الأساليب التي يقتنع بجدواها، ويتم النقاش المنطقي حولها حتى يتوصل الأطراف إلى اتفاق في وجهات النظر، أمَّا الزيارة الثالثة فتكون من أجل تقييم الأداء الوظيفي، وهي الفرصة الأخيرة للمعلم كي يثبت جدارته في طريقة تدريسه.

هنا وهنا فقط... يمكن لنا أن نلحظ وندرك الهدف المراد تحقيقه من حيث الحرص على زيادة الإنتاجية والطريقة السليمة في كيفية حث العاملين على الإبداع والابتكار والتجديد، فهل سنرى مثل هذا النظام معمولاً به في مدارس الهيئة الملكية بالجبيل وينبع؟ أتمنى ذلك.

الجبيل الصناعية - مدرسة الدانة بالجبيل الصناعي



 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد