Al Jazirah NewsPaper Friday  02/04/2010 G Issue 13700
الجمعة 17 ربيع الثاني 1431   العدد  13700
 
جامعة الإمام.. وكرسي الأمير نايف والأمير سلمان
أحمد بن عبد العزيز الركبان

 

يقولون إن لكل تظاهرة بداية، وبداية التعليم في المملكة كانت هشةً خفيفةً، بين القبول والرفض زمن الكتاتيب والجلوس على الرمال و(الخيش الحرشة).. حتى إن الطالب لا يأتي إلى الدراسة في عهد الفصول المبنية بالطين إلا لابساً غترة ومشلحاً.. ليقوم بوضعهما على (معلاق) المشالح باللهجة العامية، في طرف الفصل.. هكذا كان الحال مفروضاً عليهم.

انتعش التعليم مع رغبة الناس إليه -رجالاً ونساء- مصحوبة تلك التحولات بآراء.. منها من يؤيد.. ومنها من يرفض، وبخاصة ما يعني المرأة.. حتى إن بعض الآباء يجرِّمون ذهاب الابن وتغرُّبه إن كان صغيراً إلى مناطق النهوض التعليمي والوظيفي في ذاك الوقت.. خوفاً عليه من الضياع الاجتماعي.

تذكرت.. وأنا أكتب هذا الطرح، زمن قرص الأذن والفلكات التي تُهدى لبعض الطلبة المقصرين.. على يد بعض المعلمين المتعاقدين الملأى منهم المداس في ذلك الزمان؟

أما حالنا اليوم.. فتحوَّلت تلك المخاوف البريئة إلى تصارُّع وتسابُّق في العملية التعليمية.. حتى يبلغ الدارس أعلى درجات التعليم.. بل وصل العلم إلى الابتعاث إلى دول ودويلات.. لترتفع شموخ التعليم في مجالات عدة.

هنا.. ترصَّع العقد الفريد على أعناق الظن الجميل بتأسيس جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية كواحدة من الجامعات الهامة كرمز يحمل شعار نهج الوطن وتأسيسه العقائدي بين الملك المؤسس -رحمه الله- والدعوة المحمدية التي نهضت فكراً وعلماً في تأسيس الوطن الخيّر.. ولم يكن من ولاة الأمر على مر العصور إلا تحميل الجامعة كمسمّى لرمز من رموز النهوض في زمن التحولات لرجل تهافتت عليه صفحات التاريخ هو: (الإمام محمد بن سعود) -رحمه الله-.. جامعة الإمام الرائدة.. كان لا بد لها من انتعاش في زمن رائد التعليم في ذلك الوقت.. خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز -رحمه الله-.. وكان لها المجد الكبير في اختيار الموقع المؤثر تاريخياً وسياسياً.. وكان الفضل في ذلك المكان هو لأمير الرياض سلمان الخير الذي راهن على اختيار الموقع الإستراتيجي الحالي.. بل وأصر على هذا الموقع الفريد والمميز.. لبوابة الرياض الدولية.

توالى عليها جمع من المديرين.. اختلف عطاء كل واحد منهم بحسب قدرته التطويرية على دفع الجامعة إلى التسابق والعلو.. رغم صغر حجم الجامعة وتبعية بعض الكليات والأفرع لها مع تزاحم الجامعات في هذا الوقت.

جيئ بالأستاذ الدكتور سليمان بن عبد الله أبا الخيل مديراً لها.. وهو المظنون فيه تمخيض الجامعة من الناحيتين: المنهج التعليمي والأكاديمي.. فهل يُعقل أن تضمر الجامعة على ما آلت إليه منذ التأسيس قبل عقود من الزمن؟ مع اليقين التام أنها أثمرت في كل زمن بكل المقاييس المتميزة.

من هنا جاءت الرؤية المخبرية التي حرَّكت الراكد من المياه العذبة كي يشرب الظامئ من حلاوة التحلية والتصفية المحلاة.. بعد تحريك المواهب من بني البشر فكراً وعلماً وإشرافاً ومنهجاً.

لذا أصبحت الجامعات تبحث عن التميُّز العالمي والتصنيفات العالمية التي أصبحت مثار جدل يومي.. ولكل جامعة اعتبارات في إثبات وجودها بين أقطاب الجامعات في العالم.. وإذا ما أخذنا جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التي تُعتبر من صغرى الجامعات في المملكة من حيث أفرعها.. مقارنة بالجامعات الأخرى فإنها استطاعت أن تجد لنفسها في زمن قياسي ما يؤهلها عالمياً دونما اتخاذ وسائل تحريشية.. أو خلل في مضامين التقييم العالمي.. رغم أنها مرت بمراحل تطويرية في السنوات القليلة الماضية.. وهي التي اتخذت من التقنية رمزاً وتفوقاً من خلال بوابتها الإلكترونية كتميُّز فريد من نوعه رغم حداثة استخدام الجامعة للتقنية والحاسوب الآلي كمنهج دراسي.

تلك الهشاشة السابقة في التقنية التي نصفها بأنها أوهن من بيت العنكبوت الذي شاخ في زمن بعيد استطاعت الجامعة في مراحلها أن تتجاوز الوهن الذي يصيب أي منشأة حديثة العهد بالتطور الناجم على مستوى العالم.. حتى تشرفت الجامعة بحاضر احتضنت فيه كرسي رمز الأمن الداخلي والخارجي الأمير نايف بن عبدالعزيز النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء ووزير الداخلية كدعم وثقة من سموه في منهج الجامعة المؤصِّل للدين والولاء لله ثم الوطن وقادته.

هذا الكرسي لن أتوسع فيه لأن الجواب بائن من عنوانه كما يقول المصريون.. ثم تجاوزت الجامعة الحديثة في التطوير الضمني إلى تشرفها بانضمام كرسي الأمير سلمان بن عبدالعزيز أمير الرياض المحنك كرد جميل لمعطيات الجامعة في ثقافة التطوير والتحديث الذي يقوده الشيخ سليمان مدير الجامعة.. كرسي الأمير سلمان جاء ليؤكد ثقة ولاة الأمر -حفظهم الله- في سياسة الجامعة وأهدافها النبيلة والمنتسبين إليها.. الجامعة سعت إلى التطوير والتحديث بإدخال كليات كانت غائبة في زمن بعيد كالحاسوب والطب وجعلت منهما مناراً يتحدث عنهما الناس.. إلى أن اعتمدت الجامعة مستشفى جامعياً سيُبنى قريباً -بإذن الله-، يليق بالدارسين والمنتسبين إليها ليكون مصدر اعتزاز لكلية الطب والدارسين فيها.. كما أوجدت الجامعة تسابقاً في البحث العلمي وجائزة حديثة لأفضل البحوث.. سُلمت لأربعة فائزين.. جوائز مالية وتقديرية من منسوبي الجامعة.. مما جعل من أعلى سلطة في الجامعة أن يرفع البحوث الفائزة إلى تسعة بحوث في تخصصات متنوعة ورفع القيمة المالية المهداة للفائزين.. ثم منحت الجامعة فرصاً تعليمية للدارسات من جيل الوطن الخيّر من بنات الوطن في كافة التخصصات فيما لا يخدش حياء الطالبة.. جعلت الجامعة من فتيات الوطن قيمة تعليمية ومكانة بارزة في القيادة التربوية والتعليمية والإدارية.. لتزداد فرص الطالبة إلى التحصيل العلمي المتفوق في الدارسات العليا داخلياً وخارجياً.

الجامعة.. أحدثت تطويراً منهجياً وأكاديمياً وإستراتيجياً على كافة الأصعدة.. في كافة التخصصات فهي لا تكتفي بتخريج طلبة محاضرين.. بل إنها تسعى إلى أن تُخرّج علماء متميزين من خلال دعم البحوث العلمية ونشرها وتلاقح الأفكار.. وهي التي تقبع بين عدد كبير من الجامعات في المملكة.. ومع هذا كشَّرت عن أنيابها بالتسابق العقلاني لتكون الجامعة منار هدى ومنار خير للوطن والمنتمين إليه حينما زرعت الثقة في الناس لمستقبل زاهر ومشرق.. وأصبحت الجامعة ذات تصنيف عالمي متقدم رُوعي فيه كل أساسيات التقييم ومعايير الجودة العالمية.. دونما تأثير مسبق أو غزل دعائي.

هي ذاتها التي تنظم مؤتمراً علمياً للطلبة المبتعثين في بريطانيا ودول أوروبا كرسالة وطنية من جامعة كم وصمت بالتفريخ المزيف عليها.. إنها إستراتيجية ومضامين لأبناء أوروبا لتعليم الناس مَنْ هم طلاب جامعة الإمام.. لك الود أيها المدير الذكي؟

هي ذاتها الجامعة الصغيرة الحجم.. الكبيرة المعنى.. ولا نعيب في أن الجامعات السعودية تأخذ مساراً منطقياً في رسم الخطط كل فيما يراه.. مع أن جامعة الإمام تهيئ المستقبل لبناء أسطورة كبيرة من البنى التحتية بمنطقية وعقل مدروس على أسس تربوية وتعليمية.. تخرِّج أنموذجاً من العلماء والباحثين.

جامعة الإمام حينما تتجول في أفنيتها الهادئة البعيدة عن الضجيج.. تجد أنك بالفعل في رحاب صدح العلم ونسيم العقل الذي عادة يُزيَّن بتغذيته بالعلم النير المتعقِّل.. وقد سمح لي المقام أن أتجول بين بعض العمادات التي غبت عنها سنين طوالا.. جرفتني الرغبة إلى ذكرياتي الناطعة بالمواقف.. فسادت تعاملات منتسبيها بالأدب والتميُّز.. حينما تجد أن عمداء بدرجة امتياز في الأخلاق والتواضع والصدق.. بعيدين عن التكلف أو الاشمئزاز لعلهم.. يكونون منار خير لغيرهم في حسن التعامل مع المواقف.. فذاك عميد الدراسات العليا د. النجيدي.. ونظيره عميد الإعلام د. المجلي.. ووكيله د. البداح.. ود. المطيري.. تلك النخبة من الأساتذة يتشرف الإنسان أن يجعلهم مثالاً يُحتذى بهم في كل تعاملات الحياة.. والأمثل في أن مكتب معالي المدير يتميز موظفوه بالبساطة والخلق مع كل زائر صغير أو كبير يشرف عليهم د. خالد الدايل وسكرتارية المدير.. خصوصاً ممن اتخذوا من الحلم والصدق في إبداء المعلومة نبراساً طيباً.. مكاتب مديري الجامعة لا بد أن يكون موظفوها على خُلق في التعامل والحلم.. وولي الأمر ما جعلَ حاجة الناس في يد مسؤول إلا يريد أن تُذلل لهم قدر الاستطاعة.. والناس لهم حاجات ورغبات للجنسين.. والذي نفهمه عن مدير الجامعة تمتُّعه بتواضع وصدق وأخلاق ومنطقية لا تحتمل أي نوع من الكبرياء المعروف عن بعض المسؤولين -هداهم الله-.. ولهذا تميَّزوا.. الجامعة لم تنجح في الريادة إلا بجهد مثمر وخطط علمية مدروسة تأخذ نصيبها على أرض الواقع شيئاً فشيئاً.. إذاً من الظلم أن لا تُعتبر جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية ذات معايير عالمية وتصنيف ريادي بين جامعة الدول العالمية.. وهي التي تميزت وانفردت في العديد من التحديثات العلمية ومخرجات التعليم وتطوير المنهج العلمي والأكاديمي والبحثي.. رغم صلافة الموج الذي يحدث لمطوريها على اعتبار ضمنية الجامعة وحساسية النظرة إليها.. ويكفي الجامعة فخراً أنها احتضنت أهم الكراسي العلمية لرائد الأمن الأول.. ولمنعش الرياض عالمياً.. حتى أصبح الوهن الرقيق أعمدة صلبة تتكئ على فكر قيادي يعمل بصمت.

إعلامي



 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد