Al Jazirah NewsPaper Thursday  08/04/2010 G Issue 13706
الخميس 23 ربيع الثاني 1431   العدد  13706
 
الشرع والحياة
علي الخزيم

 

الحياة العصرية، كلمتان تعنيان وتيرة حياة الناس خلال الحقبة الزمنية التي يعيشونها، واصطبغت كلمة (العصر، والعصري) بمفهوم الزمن الحديث وكل حديث في الزمن هو آخره المعاش، فالحياة العصرية هي الحياة أو الزمن الجديد (المعاصر)، وهذا المدلول استخدم في كل قرن وحقبة فكل مجتمع من البشر يرى أنه يعيش عصرًا حديثًا أو حياة عصرية جديدة بما تحمله من تطورات في المجالات المتعددة وبما يحيطها من ثورات صناعية وثقافية ونظم اجتماعية ناشئة تطوِّر ما قبلها من نظم أو أنها تلغي نظاماً من نسق حياة المجتمع وتقيم مكانه ما هو أحدث منه وانفع لحياة الناس وحسب طبيعة وثقافة وعرف كل تجمع إنساني، وهنا يكون للدين دوره البارز فغالب ما يستحدث من قوانين ونظم لتسيير حياة الناس وتيسيرها تكون مستمدة ومحاطة بقواعد من الشريعة التي كلف الناس باتباعها وأُمروا بتنفيذ أحكامها.

وفي الشريعة الإسلامية السمحة تجد أن قواعدها وأحكامها غير جامدة وأنها جعلت لصالح كافة البشر في كل زمان ومكان مهما تعددت مشاربهم وثقافاتهم وأعرافهم فإنهم سيجدون في أحكامها ما يدلهم إلى الصراط المستقيم في عباداتهم وأمور معيشتهم مهما تشعبت وتعددت أغراضها، غير أن من المؤسف أن تكون وفي (الحياة العصرية) فئة أو فئات من المسلمين في أنحاء المعمورة تتعامل مع مقاصد الشريعة وكأنها جرم جامد لا يمكن التعاطي معه إلاَّ في إطار قالب محدد لا يمكن تجاوزه ويضيقون على أنفسهم وعلى غيرهم في أمور دنياهم ومعاشهم، وللتمثيل ليس إلاّ ما تداولته وسائل إعلامية ومواقع الإنترنت من أن فئة تحرم دخول فرق الإنقاذ الرسمية من رجال الدفاع المدني للتجمعات النسائية كالمدارس ونحوها في حال نشوب حريق أو غرق أو هدم لا قدر الله ذلك، ومن ذا الذي ستكون نفسه مريضة ودنيئة إلى هذا المستوى المنحدر من عدم المروءة والرجولة بحيث ينشغل عن إنقاذ الفتيات والنساء بمعاكستهن أو اختلاس النظر إليهن وإلى أجسادهن المرتجفة المرتعدة الملتحفة بالخُمُر والعباءات وأي خاطر لهن والأمر على هذا الوصف بأن يبادلنه النظرات، وإن حدث من لئيم غلبه سفهه ومال إلى محاولة هذا العبث الطائش فإنه بين رؤسائه وقيادة الفرقة ويمكن كشفه ويمكن للنساء فضح أمره، وهو على كل الأحوال يعد حالة شاذة في موقف نادر ومع ذلك سيلقى عقابه من رئيسه، ومع هذا وذاك فلابد أن للشرع رأيه في هذا التجاوز النادر الفردي وربما أنه ليس مما يعوّل عليه في تعميم الأحكام ومن ثم تعطيل المصالح العامة بسببه، ويمكن القياس على هذا الأمر أمور متعددة ينطبق عليها ما ينطبق ويتعلق بالمثال آنف الذكر، مع البعد عن فرط الحساسية والتعامل بالأحوط درءا للمفسدة والوقوع في التشدد المؤدي للإضرار بمصالح الناس وتغليب حسن النوايا على التشكيك بالذمم.. أقول: إنه من المناسب أن يعمد أهل العلم والاختصاص المكلفين أمر الأمة في دينهم لاستنباط أحكام ونظم وقواعد وقوانين مستمدة من أحكام الشريعة الإسلامية ولا تختلف أو تتعارض معها، يكون فيها علاج للكثير من المستجدات في حياة الناس ومما يشكل عليهم في أمور دينهم وارتباطها بوتيرة معاشهم اليومية، وإن لم تكن المجاميع والهيئات والمجالس المختصة قريبة من الناس ومصالحهم فبم تشتغل إذن؟!




 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد