Al Jazirah NewsPaper Saturday  10/04/2010 G Issue 13708
السبت 25 ربيع الثاني 1431   العدد  13708
 
كتابات العدل ومكافحة غسل الأموال
فضل بن سعد البوعينين

 

في 21-6-2007 وتحت عنوان «حتى لا يمول الإرهاب من هذا الباب» تناولت، في «الجزيرة»، علاقة غسل الأموال وتمويل الإرهاب بسوق العقار، وكتابات العدل، وكتبت ما نصه: « أشير أيضاً إلى العلاقة الوثيقة بين عمليات غسل الأموال وأسواق العقار، وهي علاقة يفترض في المُشرع أن يتنبه لها وأن يحد من تعاظمها من خلال الأنظمة والقوانين... سوق العقار وفرت البديل المناسب لعصابات غسل الأموال التي اضطرت لتقليص أنشطتها المباشرة مع المصارف السعودية بعد رفعها معدلات الحذر والرقابة وسنها لقوانين (الإفصاح) عن المصدر. فالمعروف أن إدارات كتابة العدل ما زالت تقبل توثيق تناقلات العقار المسددة قيمها المالية نقداً، وإن زادت على ملايين الريالات، وهذا أمر يتعارض مع أنظمة مكافحة غسل الأموال الدولية».

بعد ما يقرب من ثلاثة أعوام على تناولي موضوع غسل الأموال وعلاقته بصكوك الملكية والمعاملات التجارية المرتبطة بكتابات العدل، عَقدت وزارة العدل، بالتعاون مع جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية، برنامجا حكوميا يهدف إلى «تعريف كتاب العدل العاملين في الحقل العدلي بجرائم غسل الأموال وعلاقتها المثبتة في تمويل الإرهاب».

جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية تقوم بدور مميز في نشر الوعي الأمني، من خلال عقد البرامج المتخصصة، وتدريب المسؤولين، وإجراء البحوث الموسعة، في الجرائم المالية المعقدة، التي تساعد كثيرا في بناء الثقافة الأمنية الشاملة.

الدكتور عبدالله السعدان، وكيل وزارة العدل لشؤون التوثيق، حذر من أن تكون بعض صكوك الملكية، عقود الشركات، والمعاملات التجارية المرتبطة بكتابات العدل على علاقة بعمليات غسل الأموال، وشدد على دور الإدارة المهم، ومسؤوليتها في مكافحة جريمة غسل الأموال.

الدكتور عبدالله السعدان صرح على أن أمام كتاب العدل، في حال الاشتباه في المعاملات الواردة إليهم خيارين: «إما أن يرفضوا تثبيت المعاملة» أو «أن يقوموا بتثبيتها وتمريرها للجهات الخاصة». أعتقد أن خيار رفض تثبيت المعاملة التي يشتبه في ارتباطها بعمليات غسل الأموال، يؤدي إلى تنبيه المجرمين بانكشاف أمرهم، ما يجعلهم أكثر حذرا في إتمام العملية التي تمثل بداية الخيط الذي يقود الجهات الأمنية للكشف عن شبكة غسل الأموال، وربما ارتباط أعضائها بجرائم أخرى كتمويل الإرهاب على سبيل المثال لا الحصر، وبذلك يقدم كاتب العدل، من حيث لا يعلم، أكبر خدمة للمشتبه فيهم برفضه توثيق المعاملة التي تشكل صك الإدانة. أعتقد أن أمام كتاب العدل، في حالة الاشتباه، خيارا واحدا وهو تثبيت المعاملة، دون إثارة المشتبه فيهم، ومن ثم تمريرها بسرية تامة للجهات الأمنية التي تتولى أمر التحقق من صحة الاشتباه. غرس الطمأنينة في نفوس غاسلي الأموال، وإعطائهم الثقة بعدم انكشاف أمرهم هو الأهم في هذا الجانب، أما ما يترتب على التوثيق المرتبط بشبهة غسل الأموال فيفترض أن يحال موضوعه إلى الجهات الأمنية. رفض معاملات التوثيق للاشتباه غير المؤكد قد يعرض كتابات العدل إلى قضايا قانونية في حال ثبوت خلو جانب طالب التوثيق من أي تهمة مباشرة، لذا فمن الأفضل أن تحال قضايا الاشتباه إلى الجهات الأمنية التي تتولى البحث والتقصي بسرية تامة وتقوم بدورها في القبض على المجرمين حال ثبوت الاشتباه، ومن ثم نقض عمليات التوثيق التي تعتبر في هذه الحالة عمليات متعارضة مع الأنظمة والقوانين، أما في حالة سلامة موقف طالب التوثيق، فتغلق الجهات الأمنية ملف الاشتباه بسرية تامة دون أن يترتب عليه أية إشكالات جانبية.

تعتبر عمليات غسل الأموال من العمليات المعقدة التي تحتاج في كثير من الأحيان إلى خبرات أمنية ذات كفاءة عالية، وهي في الغالب تحتاج إلى دعم جهات متفرقة، داخلية، وربما خارجية، لضمان الإحاطة التامة بأطراف عملية واحدة لغسل الأموال القذرة التي ربما قادت للكشف عن شبكة واسعة، حول العالم؛ لذا يجب التمييز بين الاشتباه ومسؤولية الإبلاغ السري من جهة، وبين الإدانة التي لا يمكن أن تحدث بعيدا عن جهود الجهات الأمنية المختصة من جهة أخرى، وهو أمر لا يمكن الوصول إليه دون إثبات الحالة، وتمريرها للوحدة المختصة بمكافحة غسل الأموال في الجهة الأمنية.

أعتقد أن جوانب من عمليات غسل الأموال المتأتية من سرقة المال العام، أملاك الدولة، جرائم المخدرات، الرقيق الأبيض، الفساد الإداري، الاتجار بالأعضاء، الرشاوى ما زالت مُعتمة حتى اليوم، وهي في أمس الحاجة إلى برامج موسعة، رقابية، تدريبية، وتثقيفية، تسهم في الكشف عنها، وحماية المجتمع من شرورها، واجتثاثها بالكلية من مجتمعنا الإسلامي المحافظ.

F.ALBUAINAIN@HOTMAIL.COM



 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد