Al Jazirah NewsPaper Thursday  15/04/2010 G Issue 13713
الخميس 01 جمادى الأول 1431   العدد  13713
 
حوار ومشاهدون
علي الخزيم

 

جلد الذات، تضخيم الأَنا، تزييف الوعي ؛ هذه عبارات وجمل تساعدك على تحويل الأنظار إليك أثناء المشاركة في البرنامج الحواري المتلفز أو مداخلتك التلفزيونية، فمثل هذه الألفاظ لابد أن تلفت انتباه المثقف، ونصفه، ومن لا ينتمي إلى هذه الفئة، والتفاتة كل هذه الشرائح إليك لكل منها معنى واستفهام وربما تعجب.

والتعجب غالباً سيكون من المثقف الذي وزن بقية كلامك وقاس حدوده وأبعاده فوجد أن العبارات أعلاه إما خارج السياق أو في المكان الخطأ أو يمكن الاستغناء عنها لو كان المتحدث غيرك، ونصف المثقف يحتار بين علامات التعجب والاستفهام والاستنكار !! فجملك ليست بالعذبة السلسة المنسجمة مع ما ترمي إليه، ولا هي (في نظره) مما يمكن إهماله لعدم فهمه، لكنها مما لا تنقاد إليه ذائقة هذا الصنف من المتابعين.

أما تلك الشريحة الثالثة التي لا زالت منذ ثلاثة أيام تتحاور حول اكتمال دخول الكرة كاملة لمرمى الخصم من عدمه، وهل رفع رجل الخط رايته قبل صفارة الحكم أو بعدها، وأصواتهم ترتفع ويحتدم جدالهم وتزيد سخونته كلما (فَلَّ) فريق البلوت المقابل (50 تردف سرا) واشرفوا على (400) فهؤلاء يلتفتون إليك ليس إعجابا بطرحك لكنما هم يعبرون عن ضيقهم بك وكأنهم يقولون : (غثنا هذا اللي يتميلح) ماذا يقول: جلد وتضخيم وتزييف، هل هذا نقل حي من قسم الشرطة أو تعليق مباشر على محاكمة عصابة متخلفة ؟! وحصيلة آراء الفئات الثلاث في النهاية كانت بين نافر منك ومتردد في متابعتك وعاتب عليك ولكل منهم معاييره في الإصغاء والمتابعة والحكم، فبدلاً من جذب المعجبين المنصتين لحسن إلقائك، جلبت الراصدين الناقدين لشطحاتك اللفظية، ولعل بعض المتحدثين في المداخلات أقل إثارة للأعصاب من غيرهم مثل أولئك الذين يختارون جملاً ربما كتبوها على قصاصات من الورق حتى لا تنسى أو تتبخر مع بريق الإضاءة ورهبة كاميرات الاستديو، أو مع انصراف الذهن وسرحانه في أمور جانبية، كقول أحدهم: لست من دعاة اليأس ومجندي الفتور، وإنني لملتزم بإرهاصات مفردات الذاكرة والضمير، وأنا لا أشح بجهودي الجبارة في تجييش إفرازات الثقافة العربية الرهيبة للأجيال القادمة، (لا حول ولا قوة إلا بالله) ماذا يريد مثل هذا المتحدث من المتلقي المتابع أمام التلفاز أو المذياع ؟! وما الذي يدفعه إلى هذا النحو من طرق الحديث واعوجاج العبارات ؟! فيمكن أن يصنف بين المتحدثين أوالمثقفين بدرجات متقدمة حينما يبتعد عن متنافر الكلمات، وسيجد من يستلذ بأفكاره وتنظيره وبساطته مع عمق في أسس الفكرة ووضوح في تقديم الحلول ..

ويحسن التذكير بأن مما ينفر المشاهد من الحوارات المتلفزة مبالغة ضيف الحوار بالتأنق في الملبس وبأشياء غير مألوفة منه أو من أمثاله ومن هم في درجته العلمية أو الثقافية، فكلما كان المرء (لاسيما قادة الرأي) متبسطاً في مظهره وطريقة طرحه لأفكاره كان أكثر قبولاً من المشاهد المتابع.




 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد