Al Jazirah NewsPaper Thursday  15/04/2010 G Issue 13713
الخميس 01 جمادى الأول 1431   العدد  13713
 
المنشود
الأمطار والمهايط!!
رقية سليمان الهويريني

 

يضع الدفاع المدني يده على قلبه كلما رفع الإمام يديه نحو السماء يطلب الله غيثاً مغيثاً، طبعاً هذا حين كانت الروايات التاريخية تروي لنا القصص الصادقة من أدعية الناس المؤثرة الملحة على الله بالمغفرة أولاً، وثانياً بسقيا الخير التي تفيد البلاد والعباد.

وكان الرعيل الأول يتودد إلى خالقه ويتقرب إليه طالباً أنواع المطر وأشكاله وقوته، ويسأله أن يجنب البلاد ما يضر بها وبمحاصيلها. بينما الدفاع المدني ما زال يضع يده على قلبه كلما لاح برق متبوعاً بأمطار غزيرة، لا خوفاً من امتلاء السدود والفيضانات، ولكن خشية من انتقاد الناس والسؤال عن دور جنوده أثناء وقوع حالات الغرق للشباب وبعض الأسر بسبب الاندفاعات غير المحسوبة احتفالاً بالمطر، واغتباطاً بالغيث، وابتهاجاً بالسيول لدرجة شراء السيارات الموسمية ذات المحركات الجبارة والدبل والمميزات الخاصة بالسيول وتحدي الغرق!

وأصبح من المألوف ترقب بعض الناس بولع كل عام حالات الغرق المتبوعة بالشهامة والفزعة والتقاط الصور التذكارية التي تُظهر شجاعة شبابنا المكنونة بفعل البطالة والتسدح! فكلما تبدت أيام الوسم التي يكثر مطرها انتفض أولئك الشباب وانقسموا إلى فريقين: فريق يغرق، وآخر ينقذ! بينما يقف عن بعد فريق الدفاع المدني بجنوده متفرجاً منتظراً نتيجة الإنقاذ، مرشحاً من المنقذين جنوداً للانضمام له بعد الوسم! لذا أقترح عليه أن يكون القبول والتسجيل بناء على نتائج الوسم السنوي! وبحساب الغرقى والمنقذين يمكن للدفاع المدني اختيار كفاءات طيبة من جنوده مدربين بالفطرة ولديهم المهارات وبشهادة الناس. وربما لن يكونوا بحاجة لهم مستقبلاً، حيث سينضمون لزملائهم القدامى بانتظار وسم جديد وترشيح لجيل جديد متوقد بالحماس!

إن الاستخفاف بالأمطار نوع من إلقاء النفس بالتهلكة، والدخول في بطون الأودية والتمادي فيها هو الهلاك بعينه! والأمر مبدئياً التوعية من لدن الدفاع المدني في كل مكان، وفي كل مؤسسة وعبر وسائل الإعلام مع ذكر الإحصائيات الدقيقة لحالات الغرق والوفاة، والتحذير من الدخول في الأماكن الخطيرة. وبعدها لا بد من الحزم وإبعاد الناس بالقوة عن مواقع السيول. وهو أمر تحتمه الضرورة في ظل قلة الوعي، ضعف الرشد لدى بعض الفئات ولو كانت بالغة أو ذات مستويات علمية عالية لم تنقصها المعرفة والإدراك، ولكن يقودها التقليد وحب المغامرة وتحدي الموت. ومن يتحداه فهو متعمد إهلاك نفسه بعد مشيئة الله. ومن يغتر بقلة الماء فهو ظالم لنفسه، ومن يعوّل على إمكانياته وقدراته الضعيفة فهو جاهل وغافل عن قوة الماء وجبروته!

وخطورة الأمر تنسحب على السباحة في البحر بحسب الإحصائيات الهائلة التي ينشرها خفر السواحل بقيادة حرس الحدود في المنطقة الشرقية. وليت الدفاع المدني يقتدي بهم في الشأن التوعوي ولاسيما لجنة السلامة البحرية التي تكثف أعمالها التوعوية الخاصة بسبل الوقاية من أخطار النزهات الشاطئية وخطورة السباحة في الأماكن غير المسموح بها. وكثيراً ما تشهد أيامهم المشرقة بالعطاء والحماس فعاليات ونشاطات ومحاضرات داخل المدارس والجامعات بهدف التأكيد على أهمية التقيد بإرشادات السلامة البحرية. وهي فرصة للإشادة بعضوات لجنة السلامة البحرية بقسمها النسوي الذي ينظم تلك الفعاليات.

والحق أن حرس الحدود بالمنطقة الشرقية بإصراره على القضاء على حوادث الغرق أو التعرض له والمحافظة على الأرواح يؤكد استشعار الأمانة والإخلاص الذي يسكن قلوب ومشاعر منسوبي القيادة هناك. ويظهر ذلك جليا باستثمارهم كل الوسائل المتاحة للتعريف بعدد الأشخاص الذين تعرضوا للغرق في البحر لإيضاح أثر الإهمال والمجازفة وعدم التقيد بإرشادات السلامة خلال النزهات الشاطئية. فضلا عن لجوئهم لوسائل الإعلام، وتعاملهم الخلاق بكل شفافية ووضوح مع الإعلاميين كمساعد ومعين لهم على النهوض بالتثقيف والتوعية.

www.rogaia.net


rogaia143@hotmail.com

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد