Al Jazirah NewsPaper Friday  16/04/2010 G Issue 13714
الجمعة 02 جمادى الأول 1431   العدد  13714
 
الإعلام والتخلف
مهدي العبار العنزي

 

التحولات الثقافية تتطلب جهوداً تتضافر من أجل الارتقاء بتراثنا وثقافتنا وآدابنا، وتتطلب مساهمة فعالة في إبراز الصورة المشرفة للشعر الجزل القوي والنقي؟ فالصورة الهزيلة التي تقدمها وسائل الإعلام عن هذا الشعر يجب أن تتغير لأن قوة تأثير هذه الوسائل تحتم إعادة النظر والعمل الجاد على مسح هذه الصورة هذا إذا رغبت هذه الوسائل تقديم الشعر الذي يساهم في كل القضايا، فالمجتمع وتقديم الصالح العام على ما سواه ولكنها لن تفعل؟ لقد ساهمت هذه القنوات بالتحديد في تثبيت الصورة السيئة وترسيخها وربطها في هذا المجتمع حتى أصبح أغلب الشعراء يعتقدون إن دورهم لا يتعدى المديح والشتم والمفاخرة وإثارة النعرات والتقليل من الآخرين والتعصب الأعمى وتكريس العنصرية القبلية في مفهومها الممقوت؟ ونسوا أن دور الشاعر أكبر وأنبل من كل ما تقدم لأن الشاعر وعلى مر العصور يجب أن يكون أداة خير لا أداة شر يجمع ولا يفرق يتباهى يإسلامه بوطنه وقادته، ويجب أن يكون الشعراء في هذا العصر قوة فاعلة في تحريك التاريخ وصنعه وليس مجرد دمى محنطة في متحف التراث وهذا يعني المشاركة الفاعلة في خدمة الوطن والمجتمع والعمل على مواجهة مشكلات العصر وتقديم بدائل إبداعية خلافه تكون كحلول لهذه المشكلات والمساهمة بصدق في بث الوعي وحث الناس على التمسك بكل القيم الفاضلة والتعاون مع الأصوات الخيرة التي تنادي بمحاربة الفقر والمرض والتخلف والجهل والانحراف ونبذ التعصب بكل أشكاله وتقديم الشعراء أنفسهم لمجتمعهم بأنهم يحملون رسالة من مهامها تحمل أعباء المسؤولية والمشاركة مع الناس مما يؤدي إلى مستقبل مشرق إن ما نشاهده لا يمت للإبداع بصلة بل إن الشعر الشعبي بالتحديد أصبح يمثل خطراً على المجتمع المتماسك.

فالشعر الذي لولاه لما عرفت الآداب والحوادث والقصص، ولولاه لما اغتنت خزانة العلوم بكل ما تحفل به من مواضيع البيان والبلاغة والمعارف تحول إلى وسائل هدم وتفريق الأمة والنيل من تلاحمها ووجودها؟ وإذا سلمنا بأن العقليات لا تتغير إلا ببطء شديد فإن وزارة الثقافة والإعلام مطالبة بالتدخل السريع لتغيير عقليات الكثير من الشعراء الذين اتجهوا إلى القنوات الفضائية وبرامج المسابقات هذه البرامج التي تكرس المفهوم القبلي لأن المقياس الوحيد لنجاح أي شاعر مشارك وفوزه بالجوائز لا يتأتى إلا من خلال التصويت من قبيلته، ولا يتم له ذلك إلا إذا كتب أكبر عدد من القصائد يؤكد فيها أن قبيلته أفضل قبيلة في العالم بأسره ويعدد حروبها وأبطالها؟ إن هذا تخلف واضح؟ ولأن القبيلة عندما تشاهد هذا الشاعر يمجدها وينخاها يتسابق أفرادها في دفع الأموال ولو أنهم تبرعوا بها للفقراء والمعسرين لكان أفضل لأن في ذلك أجرا عظيما وتعاونا على البر والتقوى.

إن هذا يعتبر عودة المجتمع إلى عصور مظلمة تساهم وزارة الثقافة والإعلام في إيجاده وإذا أرادت الوزارة القضاء على هذا التخلف عليها إيجاد برامج مشابهة عندها سيتم القضاء كلياً على هذا الداء القاتل.

* * *




 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد