Al Jazirah NewsPaper Sunday  18/04/2010 G Issue 13716
الأحد 04 جمادى الأول 1431   العدد  13716
 
إلى جنة الخلد يا والدتي
حمد بن فهد بن حمد العنقري

 

والدتي..

لحظات من أصعب اللحظات عشتها حين مرضك.. لحظات ليست كباقي اللحظات الحزينة..

ما أصعب أن أراك تتألمين وتتأوهين وأنتِ على السرير الأبيض..

ما أصعب أن أراك وأنت لست قادرة على الصلاة في آناء الليل وأطراف النهار كما هي عادتك..

ما أصعب أن أراك لست قادرة على تحريك شفتيك بحرف واحد لتدعي وتتقربي لرب العالمين كما كنت أراك..

لحظات عصيبة وصعبة عشتها خلال أربع سنوات وأنت على السرير الأبيض فترة مرضك..

وجاءت الفاجعة وأي فاجعة إنها لحظة وداعك.. لحظة انتقال روحك الطاهرة إلى بارئها..

في يوم الأربعاء الموافق 8 - 4 - 1431هـ وبقلوب راضية بقضاء الله وقدره غمرني الحزن وأنا أتلقى خبر وفاتك..

ما أصعب الفراق وما أوحش المكان والزمان بعد فراقك..

فقدت أماً حنوناً.. فقدت اليد الحانية.. فقدت دعائك.. فقدت القلب الطيب.. فقدت عتابك ومتابعتك..

ولكنها تخف الفاجعة وتخف المصيبة ويخف الحزن حين أتذكر قول الله تعالى: (وبشر الصابرين الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون)..

والدتي.. عزاؤنا الوحيد أن المرض فاجأك وأنت في بيت من بيوت الله (جامع الملك عبدالعزيز بالزلفي) وأنت تؤدين صلاة عيد الأضحى المبارك قبل أربع سنوات.. فهنيئاً لك بهذا المقام الذي أكرمك الله به أن أصابك المرض وأنت في بيت من بيوت الله.

والدتي منذ صغري وأختي كنت لنا الأب والأم حيث توفي والدي ونحن صغار لا نتجاوز الخمس سنوات فقمتي بتربيتنا أحسن تربية وتحرمين نفسك من لقمة العيش والملبس الحسن لننعم بها.. كنتِ تسهرين الليل لراحتنا كم عانيتي والدتي في تربيتنا حتى وصلنا إلى ما وصلنا إليه وذلك بفضل الله سبحانه وتعالى ثم بفضل تربيتك الحسنة..

والدتي كنتِ صوامة قوامة منذ نعومة أظفارك كنت تقومين الليل تتهجدين في صلاتك حريصة على أداء الفريضة في وقتها حتى ولو كنت في سفر حريصة على أداء السنن والنوافل ما استطعتِ.. هنيئاً لك بهذا. والدتي.. رحلتِ بلا عودة.. ولم يبق لنا سوى ذكرك وطيبك الحسن..

أبشرك يا أمي أن الله سبحانه وتعالى منحني القوة والصبر وأنا أودعك حينما رأتك عيناي وهم يوارونك الثرى..

لا أعرف ماذا أكتب وكيف أكتب وأنت على قيد الحياة.. فكيف لي أن أكتب بعد رحيلك عنا.. ولكنه الدعاء السبيل لمخاطبتك، فحقك علي أن أدعو لك الله.. فا اللهم أبدلها داراً خيراً من دارها وأهلاً خيراً من أهلها وادخلها الجنة وأعذها من عذاب القبر ومن عذاب النار..

اللهم إن كانت محسنة فزد من حسناتها، وإن كان مسيئة فتجاوز عن سيئاتها.

اللهم ادخلها الجنة من غير مناقشة حساب ولا سابقة عذاب.

اللهم اّنسها في وحدتها وفي وحشتها وفي غربتها.

اللهم انزلها منزلاً مباركاً وأنت خير المنزلين.

اللهم انزلها منازل الصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا. اللهم اجعل قبرها روضة من رياض الجنة, ولا تجعله حفرة من حفر النار. اللهم افسح لها في قبرها مد بصرها وافرش قبرها من فراش الجنة.

اللهم أعذها من عذاب القبر, وثبتها عند السؤال..

اللهم املأ قبرها بالرضا والنور والفسحة والسرور..

اللهم انقلها من مواطن الدود وضيق اللحود إلى جنات الخلود..

اللهم اّمنها من فزع يوم القيامة ومن هول يوم القيامة واجعل نفسها آمنة مطمئنة.. اللهم إن رحمتك وسعت كل شيء فارحمها رحمة تطمئن بها نفسها وتقر به عينها..

اللهم احشرها مع أصحاب اليمين واجعل تحيتها سلام لك من أصحاب اليمين.. اللهم بشرها بقولك: (كلوا واشربوا هنيئاً بما أسلفتم في الأيام الخالية).. اللهم اجعلها من الذين سعدوا في الجنة خالدين فيها ما دامت السماوات والأرض.. والدتي.. الآن أنت إن شاء الله في دار خير من دارك ومع أهل خير من أهلك ولا نزكيك على الله بل الله يزكي من يشاء.. جمعني الله بكِ في الجنة.. آمين.. رحمك الله وأسكنك فسيح جناته.

ابنك
الزلفي



 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد