Al Jazirah NewsPaper Thursday  22/04/2010 G Issue 13720
الخميس 08 جمادى الأول 1431   العدد  13720
 
عرب نيوز وخمسة وثلاثون عاماً من العطاء المتواصل
خالد عبد الرحيم المعينا(*)

 

صادف يوم الثلاثاء 20 أبريل (نيسان) 2010 الذكرى الخامسة والثلاثين لإصدار صحيفة «عرب نيوز» التي هي أول صحيفة تصدر باللغة الإنجليزية في المملكة العربية السعودية.

لقد أصبحت «عرب نيوز» حقيقة ماثلة بفضل الله سبحانه وتعالى، ثم بفضل البصيرة النافذة للرواد الأوائل الذين أرادوا أن تكون بالمملكة صحيفة تصدر بلغة يقرأها ويفهمها العالم بأسره.

لم تكن طريقنا في الأيام الأولى مفروشة بالورد. لقد كان عملاً شاقاً الحصول على صحفيين, ومحررين مؤهلين وقادرين وعلى الأجهزة والمعدات اللازمة لإصدار صحيفة خاصة وسط كم هائل من الإجراءات الروتينية القاتلة، وبعد أن تم عبور هذه المرحلة بالجهد والعرق, ولدت عرب نيوز.

وأثلج صدور الصحيفة أعداداً كبيرة من المقيمين الذين كانوا تواقين لقراءة أخبار العالم باللغة الإنجليزية. كان ذلك في زمان لم توجد فيه القنوات الفضائية ولا الإنترنت ولا وسائل الاتصالات الحديثة لا في السعودية ولا في دول العالم الأخرى.

واستمرت «عرب نيوز» في التقدم بخطوات وئيدة لكنها واثقة. وكانت حتى ذلك الحين ينظر لها على أنها صحيفة «الأجانب».

وساعدت الأحداث الدولية المتلاحقة على تشكيل عرب نيوز ورسم صورتها، ومن هذه الأحداث غزو الاتحاد السوفيتي لأفغانستان (1979م) ثم الحرب العراقية - الإيرانية, وحرب جزر الفوكلاند بين الأرجنتين وبريطانيا, وكأس العالم لكرة القدم في إسبانيا عام 1982, وغزو إسرائيل للبنان في نفس ذلك العام, ومذبحة الفلسطينيين في صبرا وشاتيلا وغيرها من أحداث وفرت مادة صحفية للجريدة التي تعاملت معها بمهنية زادت من احترامها عند القراء.

وبدأت زيادة كمية جرعة الأخبار الإقليمية والدولية وإضافة والمحلية تستقطب اهتمامات الأعداد المتزايدة من القراء وهنا بدأت تظهر مهنية الصحيفة واحترافيتها في تناول القضايا والموضوعات. وقد ساعدنا في ذلك المطبوعات الجديدة التي بدأت تصدرها الشركة السعودية للأبحاث والنشر حيث أفدنا في أخبار المحلية من محتويات جريدة «الشرق الأوسط» ومجلة «المجلة» ومجلة «سيدتي». وهذا الأمر وفر لنا ميزة إضافية على الصحف الأخرى.

وظهر أداء الصحيفة المتميز بصورة لافتة إبان حرب الخليج الأولى عندما قام الرئيس العراقي السابق صدام حسين بغزو الكويت. فقد تحركنا على الفور ونقلنا مكتبنا إلى المنطقة الشرقية. وبعد ستة أيام من الغزو الذي وقع فجر الخميس الثاني من أغسطس (آب) عام 1990 ولم نعد إلى جدة إلا يوم 14 مارس (آذار) عام 1991م. لقد شعرنا عندئذٍ بأنه ليس من اللائق أن نغيب عن الساحة بينما مئات الصحفيين والمراسلين من أنحاء العالم المختلفة قد تجمعوا هناك. وعلى الفور أصبحت عرب نيوز مصدراً للأخبار والمعلومات عن المجتمع السعودي. وكان مكتبنا يعج يومياً بعشرات الصحفيين من كل جنس ولون.

وقد وضعتنا تلك الحرب على مسرح العالم حيث ظهر الكثيرون منا على شبكات التلفزة العالمية بشكل يومي.

وشهدت فترة التسعينات مرحلة تطور «عرب نيوز» ثم جاءت أحداث الحادي عشر من سبتمبر عام 2001 فوضعت الصحيفة في تلك الأخبار العالمية. وكون المشاركين في تلك الأحداث كلهم من المنطقة, فقد صب الأمريكيون جام غضبهم علينا.

ونزلت علينا عشرات الآلاف من رسائل البريد الإلكتروني التي تنضح كراهية وحقداً. ولم نيأس أو نتقاعس بسبب السباب المتواصل بل إننا استخدمنا موقعنا على الإنترنت لنشرح ونوضح ونجيب بكل هدوء وعقلانية ومنطق وطلبنا من الأمريكيين ألا يعمموا فرية البعض وجرمهم على كل العرب والمسلمين وطلبنا منهم أن نعمل معاً على اجتثاث قوى الشر وعلى مسح أحزان الناس. ولم يكن ذلك عملاً سهلاً حيث قضينا نحو أربع سنوات كاملة ونحن نحاول ونحاول فأصبنا بعض النجاح وإن لم يكن على مستوى الطموح. لكن المفرح في ذلك العمل أن الناس بمختلف مشاربهم بما فيهم الصحفيون السعوديون والشباب قد ارتفعوا إلى مستوى الحدث فكتبوا, وعلقوا مما ساعدنا على إيصال الرسالة.

وبدأنا أيضاً نجذب القراء المحليين الذين وجدوا فينا الوسيلة الإعلامية التي كانوا يبحثون عنها. وزاد قراء عرب نيوز من العرب, كما بدأ الكثير من النساء يتصفحن الجريدة وقد اكتسبنا ميزة التميز والتفرد بفضل اسمنا, وصوتنا المختلف وموقعنا المميز على الإنترنت. لكل من هو تواق لمعرفة المجتمع السعودي, ومرئياته, وطريقة تفكيره, وقد وفرت «الصحيفة الخضراء» لهم ذلك.

قمنا أيضاً بتوظيف عدد من النساء ليس من منطلق إعطائهن حصة معقولة من الوظائف لكن اتساقاً مع مبدأ توظيف الأكفاء والأقدر. وقد أثبتت المرأة قدراتها المتميزة في العالم الصحافة وأصبحت تشارك بفاعلية في تحقيقاتنا الصحفية المتعمقة حول حقوق الإنسان, والعنف الأسرى, والاعتداءات ضد الأطفال, وسوء معاملة العاملين الأجانب وغيرها من موضوعات ذات بعد إنساني جعلتنا صوتاً للمقيمين الأجانب.

إننا لا نبحث عن الإثارة ولا عن زيادة التوزيع, مع أن هذا مطلب كل صحيفة, لكننا نبحث أكثر من ذلك على بناء جسور للتواصل بين الذين لا صوت لهم وبين السلطات المسؤولة.

ولا ننكر أننا وجدنا دعماً كبيراً من التغييرات التي أحدثتها الإصلاحات التي يقودها خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز -حفظه الله- ودعوته المتواصلة لإيجاد مجتمع متسامح وإعطاء المرأة دورها في تنمية المجتمع مما وفر لنا مساحة شاسعة للتعبير عن أنفسنا. وقد زادت حرية التعبير, والانتقاد, والمساءلة من شعورنا بمعنى الصحافة المسؤولة.

وبدأنا ننافس أنفسنا، وهكذا أصبحنا أكثر مهنية واحترافية. ولا أحسبني أجافي الحقيقة عندما أقول إن كثيراً من الإعلاميين الأجانب الذين يزورون المملكة يحرصون على زيارتنا.

وأصبحت الصحيفة خلال مسيرتها في الأعوام المنصرمة جزءاً لا يتجرأ من نسيج المجتمع السعودي مع مواصلة تركيزنا على قضايا الشباب والمرأة وحقوق الإنسان.لقد قطعت عرب نيوز مشواراً طويلاً وأصبحنا صحيفة يحرص القراء باللغة الإنجليزية على قراءتها. وباختصار، فقد أصبحت عرب نيوز الصحيفة السعودية الإنجليزية التي تعبر عن تطلعات وآمال الشعب السعودي.

ولا تعني هذه المناسبة أن نتوقف لكي نكيل المديح لأنفسنا. لقد تغيرت الصحف ونحن كذلك. وسوف نساير الزمن ونعض بالنواجز على التغيير الذي أصبح مرادفاً لإستراتيجيتنا.

ولم يكن ما وصلنا إليه اليوم ليتحقق لولا فضل الله سبحانه وتعالى ودعم الرواد الأوائل الذين سبقونا ومنهم الناشران: هشام على حافظ (يرحمه الله) ومحمد علي حافظ (أطال الله بقاءه) ورئيس مجلس إدارة الشركة الراحل الأمير أحمد بن سلمان بن عبد العزيز (يرحمه الله) الذي كان مصدراً متفرداً للدعم القوي, ومتلقياً رائعاً لكل الأفكار الجديدة, ورؤساء التحرير السابقون.

لقد قدم كل هؤلاء الناس الدعم والمساندة لصحيفة عرب نيوز حتى وصلت إلى ما وصلت إليه اليوم.

إننا اليوم جزء من منظومة صحيفة متكاملة ورائعة يرأس مجلس إدارتها صاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن سلمان بن عبد العزيز, الذي تولى أيضاً مسؤولية الناشر بكل جدارة واستحقاق مما وفر البيئة الصالحة للإبداع والتطور فهو لا يتدخل في الأمور التحريرية, كما أنه مستمع جيد لكل الآراء والأفكار الجديدة، وظل يقدم كل الدعم المادي والمعنوي المطلوب لكل المطبوعات مما سهل علينا الأمور وجعلنا ننطلق نحو آفاق أرحب وأوسع.

إن الذكرى الخامسة والثلاثين لتأسيس عرب نيوز ما هي إلا وقفة للتأمل والتدبر وتقديم الشكر لكل من أعاننا على الوصول إلى ما نحن فيه. وهي أيضاً مناسبة نقوم فيها بتهيئة أنفسنا لمواجهة التحديات المقبلة.

وأثق تماماً أننا قادرون على ذلك.

(*)رئيس تحرير عرب نيوز



 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد