Al Jazirah NewsPaper Sunday  25/04/2010 G Issue 13723
الأحد 11 جمادى الأول 1431   العدد  13723
 
المنشود
إمبراطورية الغش.. وأبناؤنا المبتعثون!!
رقية سليمان الهويريني

 

أمضى (إيمون دانيال هيغنز) سبع سنوات في الجامعات الأمريكية يتردد خلالها على عشر كليات مختلفة في ولاية كاليفورنيا ويدرس في عدة تخصصات قبل أن يؤسس إمبراطورية الغش!

وكانت أموره تسير على ما يرام إلى أن قبضت السلطات الأمريكية عليه بحجة احتراف الغش، حيث لم يكن إيمون هيغنز الذي يبلغ من العمر 46 عاماً طالباً رسمياً قط، بيد أنه كان يحضر المحاضرات ويؤدي الاختبارات، وينجز الواجبات نيابة عن الطلاب خاصة العرب، وبالذات السعوديين مقابل مبالغ مالية متفق عليها! وبعد أن توسعت تجارته اضطر إلى توظيف امرأة تساعده في عمله، حيث جمع مئات الآلاف من الدولارات سنوياً.

وتضم قائمة زبائنه 120 طالباً من السعودية ولبنان والكويت وتركيا، ومن بين الأدلة الموجودة لدى الشرطة بريد إلكتروني من طالب سعودي يثبت أنه ومجموعة من زملائه الطلاب السعوديين دفعوا أربعة وثلاثين ألف دولار أي مائة وثلاثين ألف ريال، مقابل أن يقوم (هيغنز) بتولي مهامهم الدراسية بشكل كامل خلال أحد الفصول الدراسية.

وبعد نشر الخبر هب بعض السعوديين يدافعون عن أولئك الطلاب الغشاشين مبررين - أننا كسعوديين - لا نقبل أن توجه لنا التهم جزافاً! لذا دبجنا قصيدة الشعور بالمؤامرة ضدنا، بحكم أننا مسلمون ومستهدفون! وأن الهدف من المؤامرة التشكيك في كفاءة وتميز الطالب السعودي دون غيره، لما حققه من إنجازات علمية - في وقت قياسي - أبهرت أمريكا وأثارت دهشة دول أوروبا! حيث معظم الإنجازات العلمية العالمية نفذت بأيد سعودية! وعادت للسيطرة مرة أخرى تلك الفكرة التي تعشش على رؤوسنا بأن العالم كله يكرهنا، ويسعى لتشويه صور أبنائنا المبتعثين الأبرياء الذين يشقون ويتعبون ويسهرون الليالي على كتبهم وأبحاثهم، ويترددون على معاملهم ليعودوا لبلادهم محققين آمال وطنهم، ومحرزين الهدف من ابتعاثهم. فالمصانع معطلة عجلاتها انتظاراً لقدومهم وبذل جهودهم، والمشروعات متوقفة لحين حضورهم وتنفيذ أفكارهم.

الواقع أنني حزينة، أو بالأحرى مقهورة من تلك التصرفات المخجلة لأبنائنا المبتعثين، وقد لا ألومهم كثيراً! لأن أبناءنا هنا طلاب المدارس قد اعتادوا على الغش في الامتحانات في بلدهم الحبيب ولا يكاد يتجنبه إلا ذو الدين الثابت، أو الضمير الحي، أو الجبان! وقد تمر حالات الغش على المعلمين فيغضوا الطرف عنها، إن لم يساهموا فيها، دون أن تكون للسلطات الأمنية أي تدخل أو للرقابة الأكاديمية أي دور في الوقوف في وجهها.

وإن كان هناك من عتب فإنني أزجي عتاباًَ خاصاًَ للجامعات الأمريكية لعدم اكتشافها هذا الغشاش طوال سبع سنوات، وهو يحضر بدلاًَ من الفاشلين! وكيف كان يستطيع دخول القاعات وأداء الاختبارات دون التأكد من شخصيته من خلال هويته أو بطاقته الجامعية، رغم الاحترازات الأمنية المشددة في أمريكا، وعلى الطلاب العرب على وجه الخصوص.

ولمن لا يصدق هذا الخبر، ويحيله لقائمة الشعور بالمؤامرة، أذكر له قصة طالبة في المرحلة الابتدائية حين عادت من أمريكا بصحبة والدها المبتعث هناك، أحضرت معها شهادة إتمام السنة الثانية من المرحلة الابتدائية توضح اجتيازها جميع المواد المدرّسة لها باللغة العربية وعليها توقيع المدرسة والملحقية والسفارة السعودية في أمريكا. وحين انضمت لزميلاتها في الصف الثالث تفاجأت المعلمة أنها لا تجيد قراءة وكتابة الحروف الهجائية! وعند سؤالها عن نجاحها وتفوقها قالت: (يسألني بابا، ولما ما أعرف أجاوب، كنا نضحك وهو يضع لي الدرجات).

كان والدها لطيفاًَ للغاية، ورحيماًَ بدرجة كبيرة، ومثقفاًَ بصورة بارعة، حيث وضع لها امتيازاً بالدرجات الكاملة في جميع المواد، وتمت المصادقة على اختبار والدها.. الغشاش الأكبر!!

www.rogaia.net


rogaia143@hotmail.com

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد