Al Jazirah NewsPaper Saturday  01/05/2010 G Issue 13729
السبت 17 جمادى الأول 1431   العدد  13729
 
البعد الإستراتيجي للتصنيع الحربي
د. زايد بن معيوض الزايدي

 

كان للفكرة الرائدة التي تبنتها القوات المسلحة السعودية بإشراك القطاع الخاص في تأمين احتياجاتها من المواد وقطع الغيار من خلال التصنيع المحلي، وأتت أولى الخطوات الموفقة إقامة المعرض الأول لعرض قطع الغيار والمواد المطلوب تأمينها، أمام رجال الأعمال والذي أُفتتح يوم السبت الموافق 29 صفر 1431هـ بمركز معارض الرياض كخطوة أولى نحو صناعة حربية وطنية، كان لها أثر وبعد أمني يأتي امتداداً لتاريخ القوات المسلحة الناصع من خلال ما تقدمه من مساهمات في دفع عجلة التنمية الاقتصادية والاجتماعية في المملكة وكنتاج للرؤى الإستراتيجية لسلطان الخير وباني نهضة قواتنا المسلحة. ومن المعروف أن القوات المسلحة تستهلك كميات كبيرة من المواد المختلفة وتحتاج للكثير من المعدات متعددة الأغراض والاستخدامات وكذلك الأسلحة والذخائر بكافة أنواعها.

وهذه المنظومات بنيت على تقنية عالية التقدم تحتاج إلى تحديث مستمر وخدمات صيانة وتأمين قطع الغيار بشكل دائم، وهذا يأتي ضمن إمكانيات الدولة نظراً لما تتمتع به من قدرات اقتصادية وسياسية وعلاقات دولية، تتيح لها الحصول على كل متطلباتها وخاصة الأسلحة ذات الاستخدام الإستراتيجي، إلا أن الضمانات في ظل بوادر تشكل نظام عالمي جديد تبقى محدودة والاستمرار في الاعتماد على الخارج في تسليح وتأمين قواتنا المسلحة يبقى محدداً رئيساً للأمن الوطني السعودي وخاصة أثناء الحروب والأزمات، عندما يكون فرض اتجاهات سياسية معينة لخدمة مصالح الدولة المصدرة للسلاح ماساً مباشراً بالسيادة الوطنية، والتأثير على مجريات الأحداث. فالدول تسعى لإنتاج سلاحها الذي تدافع به عن أرضها وحقوقها وكرامتها، وإنتاج غذائها الذي يمكنها من الصمود وتفويت الفرص على أعدائها للنيل من أمنها وعزتها، وتجنيبها شر تقلبات السياسة الدولية، ومن المعروف أن تقنية الصناعات الحربية تعتبر ثروة وطنية للدولة المالكة والمنتجة لها تحاول المحافظة عليها وتخضعها للاعتبارات الاقتصادية والسياسية، هذا البعد هو الأهم على الإطلاق، لكن تبقى هناك عوامل ذات أهمية تتمثل في جلب وتوطين التقنية وإيجاد فرص وظيفية لشباب وشابات الوطن ليصبح قوة منتجة بمعايير المرحلة الراهنة التي تعتمد على الإبداعات التقنية، ودعم الصناعة السعودية، من خلال الدخول في الصناعات ذات التقنيات العالية، ودعم القطاع الخاص، الذي يعتبر مورداً وطنياً مهماً وداعماً للاقتصاد يعول عليه بالاستمرار في زيادة نسبة مشاركته في الناتج المحلي الإجمالي ولدعم خطط التنمية الدفاعية لارتباطها الوثيق بالأمن الوطني.

الفوائد عديدة وانعكاسها على النمو الاقتصادي والتنمية الشاملة المستدامة إيجابية بكل تأكيد. هذا التوجه الوطني لهذه الدولة التي تتبنى نهج السلام والأمن الدوليين، والدور الرائد للقوات المسلحة يأتي في ظل هذا الحكم الزاهر لإضافة لبنة واثقة في صرح هذا الوطن الطموح، لبناء علاقة إستراتيجية بين القطاع الخاص والقوات المسلحة، لوضع القطاع الخاص أمام تحد كبير ومسئولية وطنية قادراً على تحملها بكل كفاءة واقتدار.

هذه المبادرة الجديرة بالاهتمام تجعلنا أكثر ثقةً وتفاؤلاً بمستقبل واعد لقواتنا المسلحة، كما أن هذا المشروع الجبار يحتاج إلى دعم وطني متكامل وعلى جميع المستويات، لنتمكن من إيجاد قدرات وطنية ترفد قواتنا المسلحة باحتياجاتها من الأسلحة والمعدات وجميع مستلزماتها، لتبقى درعاً يحمي وطننا العزيز وكرامتنا وعزتنا. فليس هناك مستحيل في الواقع إلا إذا استحال في الأذهان.




 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد