«التقويم التعليمي غيب التقويم التربوي وأضعف المخرجات» هذا العنوان للمقال كغيره من العبارات، يحتمل الخطأ والصواب، وتحليل عباراته وتوضيح أمثلته يوضح المقصود، وأشعر بأنه لن ينسف جهود القائمين على التربية وتقويمها، ولكنه يشارك في علاج الاعوجاج، لتوضيح التلازم المطلوب بين التقويم التربوي والتعليمي، بأسلوب مباشر وبعيد عن تعقيدات المصطلحات التربوية والتعليمية.
شعور الطالب أن تربيته في جانب وتعليمه في جانب آخر هو ما أعنيه بالضبط، وبعبارة أخرى أقول: إن السبب الأول والأخير في خلل الجو التربوي، ينحصر في آليات التقويم التعليمي والتربوي المتبع، كماً ونوعاً. الوصول لقلب الطالب من أصعب المهام التربوية وتزيد الصعوبة في ظل زحمة متطلبات التقويم التعليمي.
معطيات الواقع داخل المدرسة، تؤكد بأن الطلاب يبحثون عن التعليم، وليس عن التربية، بدليل فرح الطالب حينما تزيد درجاته، ويهيم حينما تنقص درجاته، وفئة منهم لا تحرك الدرجات فيهم ساكنا، وفي المقابل لا يفكر الطالب بوضع صلاته داخل مصلى المدرسة، ولا بطريقته أثناء فسحة الطلاب، ولا ترتيب حاجياته في الفصل، ودور المعلم التربوي لن يكون متكاملا بدون آليات واضحة مهما سمع من خطب تربوية.
التقويم التعليمي غيب التقويم التربوي بوضعه الحالي، وليس بوضعه المنتظر والمأمول، وليس بآلياته ومتطلباته العلمية.
إذا قلت بأن التقويم التربوي حلم من الأحلام بجوار التقويم التعليمي، فالمقصود أن الحلم طال، وبطبيعة الحال لا غنى عن التقويم التعليمي، ولا عن التقويم التربوي، وكلاهما يكمل الآخر؛ لأننا لو قومنا الطالب تربويا، بجانب التعليمي، سنضبط المخرجات ونعززها، وسنصلح الجو التربوي الطلابي، والسؤال: كيف؟
الطالب الذي لا يحترم معلميه، لن يستطيع أن يحصل على نتائج مميزة في التقييم التعليمي، والطالب الذي لا يحاور المعلم بطريقة علمية، وبأسلوب الحوار الصحيح، تجعله يحصل على تعليم ضعيف، والطالب الذي لا يدرك أهمية تعاونه واحترامه لمن أكبر منه سنا «المعلم» لن يستطيع أن يفهم الدرس، والطالب الذي لا يتلقى إستراتيجيات متنوعة منذ المرحلة الابتدائية وما قبلها لن يساعد المعلم على البدء بأي إستراتيجية مميزة فيما بعد الابتدائية، وبالتالي لن يستجيب للتقويم التعليمي ولا التربوي، وستستمر غالبية المخرجات ضعيفة .
والمعلم الذي لا يقدم درسه من منطلقات تربوية سيجعل الطالب في حل من التقويم التربوي والتعليمي معا، وبالتالي فمناصفة التقويم التعليمي والتقويم التربوي كمتطلبات طلابية، حل منشود ولا يجوز تربويا تحميل الطالب ذنب الخلل.
تقييم المعلم للطالب على نوع المناقشة، في نسق التقويم التربوي مع التعليمي ضرورة، وهذا جزء من تفسيري للعنوان .
لائحة السلوك بأسلوبها الحالي، تغرس في نفسية الطلاب هم تقييمهم وليس تقويمهم، صحيح أن الطالب لا يدرك الفكر التربوي بشكل متكامل، ولكن قائمة الممنوعات « المخالفات «، مع تغييب المتطلبات والنصائح وآلياتها المتكاملة والدقيقة، يوضح بأن تقويمنا التربوي يعيش حالة معوجة.
مثل هذا العنوان يشارك في علاج الوضع بأسلوب النفض أو الصعق، وبعبارة قاسية، ولكن الهدف يستحق المغامرة .
الممازجة بين التقويم التربوي والتقويم التعليمي مطلب ضروري، ولا يجوز الاستمرار في الغفلة عنهما معا.
وضع الطلاب في مصلى المدرسة ووضع أحذيتهم، وسلوكهم مع المعلم في الصف، ووضعهم في التعامل فيما بينهم، وعند شباك المقصف وفي الخروج من الفصل والدخول إليه، أدلة تؤكد ضرورة المسارعة لعلاج الأوضاع التربوية وتقديم أساليب جديدة لعلاجها عبر وسائل تقويم وتقييم مبتكرة وليس الحل في الدرجات فقط ولا التعهدات الخطية والمواعظ الرنانة. مواجهة الطلاب، بأن لا يفعلوا، وألا يفعلوا، لا يشكل التربية المتكاملة، والأصل الشعور بالواجبات والحقوق قبل الإشعار بالممنوعات، بمعنى أن استيعاب الواجبات داخل المدرسة بأساليب بعيدة عن قائمة الإملاء المطول «الواجبات والحقوق» أهم من استيعاب إملاء «الممنوعات والمخالفات». إدارة التقويم، بمسماها الجديد، مطالبة بالتنسيق مع الجهات ذات العلاقة، لتقديم تقويم تربوي بجانب التقويم التعليمي، وبأساليب مختلفة وعملية بدلا من تلقينها دائما، بحيث تعزز الجانب الإيجابي قبل متابعة الجانب السلبي لدى الطالب، وعلى سبيل المثال، المميز من الطلاب تربوياً، يحتاج أن يقال له أحسنت، قبل أن ينتظر من يقول له أخطأت وبحاجة إلى تقويم تربوي وتعليمي مميز ومختلف عن الواقع. التقويم والتقييم التعليمي والتربوي كلاهما يكمل الآخر ولا يجوز استمرار التركيز على التقويم والتقييم التعليمي والغفلة عن التقويم والتقييم التربوي.
shakeer.saleem@gmail.com