أن تكتب فيما لم يكتب فيه الآخرون فهذا تميز وجانب يحسب للكاتب، هذا إذا كان طرحه متميزا، وأما أن تكتب فيما يكتب فيه الآخرون ويكثرون فيه من الكتابة فهذا قمة التميز، أتذكر أنه وقبل سنوات ومع أول أيام السنة الهجرية كانت الكتابة عن بداية السنة الهجرية كما هو معتاد لدى الجميع من موضوعات تقليدية والكل يحث على استثمار العالم الجديد وأخذ الدروس والعبر من العام المنصرم وإن كان بعضهم قد يطرح موضوعه بعبارات جديدة، وهذا ما يحسب له، وأما الدكتور فهد السماري أمين عام الدارة، فقد كان يغرد خارج السرب، فقد كتب مقالا في الموضوع نفسه، لكن جعل المدخل هو تقويم أم القرى الذي بين أيدينا وعلى مكاتبنا من خلال معلومات تاريخية مميزة يعرف أهميتها من أحب التاريخ، ثم تحدث فيما تحدث فيه الآخرون من بداية العام الهجري، وهكذا رأيت أبا عبد الله السماري يندر أن يكتب في موضوع دون أن يضمنه نصا جديدا أو قصة أو موقفا تحسب لطرح أو موضوعه سواء كان ما يكتبه في مقالته الشخصية أو بمقالاته وتعقيباته بوصفه أمينا عاما لدارة الملك عبد العزيز.

لن أطيل في التنظير في هذا الموضوع لكني حقيقة دهشت كثيرا من انتقائه للنشر لكتاب عن الكشافة ونشره، وحين رأيت إعلان نشره قبل رؤية الكتاب لم يدر بخلدي ما هو الجديد في كتاب عن الكشافة، ومن إصدار الدارة وعنوانه: (المعسكر الكشفي الأول - الجامبوري المنعقد بجدة في شعبان 1378هـ 1957م، تقرير) لكن حين ترى هذا الكتاب الذي لم تتجاوز صفحاته الأربع وستين صفحة تجده بالفعل يحمل تميزا، فهذا الكتاب - أو التقرير - حمل تميزا في جوانب بخاصة في رعاية الملكين الراحلين سعود وفهد في رعاية التعليم في تلك الفترة، مع الرعاية المباشرة لهما لنشاط الكشافة قبل قرابة الستة عقود، ولم يقتصر الأمر على ذلك بل أسعدني أكثر نشر هذا الكتاب لأكثر من صورة نادرة لخادم الحرمين الشريفين الملك فهد وهو يرعى هذا النشاط الوليد في بلد وليد وفي سنواته الأولى !!

أقول هذا وأنتم ترون عشرات الكتب التي صدرت عن الملك فهد على مدى سنوات طويلة، ويندر أن تجد كتابا أو حتى موضوعا ناقش هذا الجانب فضلا عن أن ينشر هذا التقرير.

هل رأيتكم كيف أن صاحبنا السماري قناص حتى في نشره للموضوعات والكتب، وأنه يغرد خارج سرب التاريخ والمؤرخين في طرحه، ويجعلنا نستمتع بهذا التغريد.

الجامبوري من مصطلحات الكشافة معناه كما في حاشية الكتاب : التجمع الكبير للكشافة سواء على مستوى الداخلي أو الدولي.