Al Jazirah NewsPaper Sunday  16/05/2010 G Issue 13744
الأحد 02 جمادىالآخرة 1431   العدد  13744
 
دروس من وقفة الملك عبدالعزيز مع الشباب
محمد بن عبدالرحمن حسن المحارب

 

لقد سارت في الذكريات إلى ذلك الموقف الذي حصل لي وأنا في نهاية مرحلة الطفولة والذي يصعب علي نسيانه لكونه حدث لي مع جلالة الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن الفيصل آل سعود (رحمه الله) والذي يتلخص في أنه عندما كان الملك عبدالعزيز في إحدى سفراته من الرياض إلى الحجاز وكان الطريق في ذلك الوقت يمر بعدد من القرى ومن ضمنها بلدة الجبيلة التي تقع على وادي حنيفة وكنت أعمل في الزراعة (على السواني) التي هي وسيلة للري في ذلك الوقت وكنت أتغنى ببعض الأناشيد مع السانية بمزرعة لأعمامي (آل محارب) تقع على الطريق وتسمى (الطريفية) بالجبلية وبئر هذه المزرعة لا تبعد عن الطريق سوى أربعة أمتار تقريباً وكنا في ذلك الوقت نزرع القمح وقد كان عمري حينها لم يتجاوز الثانية عشر سنة تقريباً فتوقف (رحمه الله) بموكبه الكبير وكان يستقل سيارة سوداء اللون وكان سائق السيارة يجلس بالجانب الأيمن وجلالته بالجانب الأيسر حيث توقف موكبه (رحمه الله) وأخذ ينظر إلي مبتسماً ومعجباً بي كشاب يعمل ومنهمكاً في عمله فاستدعاني (رحمه الله) ووضع يده على كتفي مشجعاً ومقدراً لي عملي وقال لي بيض الله وجهك وبارك الله فيك وقدم لي مساعدة جزلة وحثني على مواصلة العمل والاجتهاد فيه وما كان مني إلا أن دعوت الله لجلالته بطول العمر وأن يوصله إلى مبتغاه بالسلامة وأن يطيل في عمره ويجعله ذخراً للإسلام والمسلمين.

وتمر الأيام وكأنها حلم وفي الواقع هي حقيقة لما حظيت به هذه البلاد الطيبة المباركة من اهتمام ورعاية كبيرين من قادتها منذ عهد جلالة المغفور له بإذن الله الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن (طيب الله ثراه) مؤسس هذا الكيان الكبير لجميع القطاعات والمجالات التي تهم المواطن وتصب في مصلحته ومصلحة هذا الوطن لتحقيق ما يتطلع إليه أبناء هذه البلاد.

ولعل من ضمن هذه المجالات والقطاعات التي حظيت باهتمام ورعاية الدولة (رعاها الله) قطاع الزراعة التي كان لها نصيب وافر من رعاية الدولة في جميع العهود لحكام هذه البلاد منذ عهد الملك عبدالعزيز وفي العهود التي تعاقبته من أبنائه البررة الملوك الذين تولوا مقاليد الحكم وهم (سعود وفيصل وخالد وفهد) رحمهم الله جميعاً حتى وصلت إلى هذا العهد الزاهر لخادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز وسمو ولي عهده الأمين صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز وسمو النائب الثاني الأمير نايف بن عبدالعزيز (حفظهم الله) الذي عم فيه الخير والفضل أرجاء الوطن حتى وصلت إلى أعلى مستوى بفضل الله عز وجل ثم بفضل الرعاية والاهتمام من حكام هذه البلاد جزاهم الله عنا وعن إخواننا المواطنين خير الجزاء حتى وصلت إلى مستوى التصدير.

ومن هذا الموقف الكريم للملك الموحد عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود (غفر الله له) بتشجيعه لشاب يعمل وإبداء إعجابه به وتكريمه. يتضح لنا مدى حرصه (رحمه الله) وبعد نظره بتشجيعه للشباب ورعايتهم والاهتمام بهم وحثهم على العمل بما يحقق لهم مصدر الرزق ونمو للدولة وهذا في الحقيقة ماتوارثوه قادة هذه البلاد بدءا من مؤسسها وموحد كيانها (رحمه الله) من الحرص والاهتمام والعناية بأبناء الوطن جميعاً بصفة عامة وبالشباب بصفة خاصة بتعليمهم ورعايتهم وصقل مواهبهم بصفتهم من أهم عناصر ومصادر التطور وهم رجال المستقبل وقد قامت الدولة وفقها الله من خلال اهتمامها بالشباب بإنشاء قطاع خاص بالشباب ألا وهو الرئاسة العامة لرعاية الشباب التي عنيت بالشباب (رياضياً وثقافياً واجتماعياً) فأنشأت لهم المدن الرياضية والشبابية ليمارس الشباب نشاطاتهم من خلالها ومنها البرامج الشبابية من معسكرات للشباب منها المعسكرات المركزية ومعسكرات العمل التي يمارس من خلالها الشباب نشاطاتهم وصقل مواهبهم وذلك نتاجاً من النظرة الثاقبة والحكيمة لذلك القائد الفذ رحمه الله وبعد نظره ومن منطلق حرصه (رحمه الله) على التدريب والتعليم والمثابرة على العمل أنشأت الدولة رعاها الله المعاهد التدريبية المهنية في جميع مناطق المملكة بالإضافة إلى افتتاح المدارس والجامعات إلى أن وصلنا إلى ما هو معمول به الآن في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز بما يعرف (ببرنامج الملك عبدالله للابتعاث) فتم ابتعاث العديد من الشباب للدراسة خارج المملكة في العديد من العلوم والتخصصات المختلفة لتحقيق ما يطلبه سوق العمل في بلادنا الغالية بالإضافة إلى ما هو معمول به الآن من إلزامية سعودة الوظائف والمهن الحرفية والفنية وكذلك الأعمال التجارية تشجيعاً للشباب السعودي وإتاحة الفرصة لهم لطلب الرزق وخدمة هذا الوطن الحبيب.



 


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد