قبل ثلاثة عقود كانت أول تجربة لطالبات جامعة الملك سعود، بدأتها بمبادرة ذاتية لربطهن بنظيراتهن في الجامعات الداخلية، وجاءت أول رحلة لهن معي إلى جامعة الملك فيصل في الأحساء ومن ثم في الدمام، حيث التقين بزميلاتهن وحضرن لقاءً مفتوحاً مع مسؤولات الجامعة بفرعيها، وتعرّفن على الكليات الموجودة هناك، والأنشطة والمعارض الفنية، وكان ذلك بهدف تلاقح التجارب، ونقل الجيد منها، وتبادل الخبرات،.. ولم يكن ليتحقق لهذه التجربة في مبادرتها لولا التعهدات الشخصية، والمسؤولية المباشرة، حيث واجهت في تلك الفترة الكثير من المعارضات من قبل مسؤولي عمادة شؤون الطلاب، إذ كنت وكيلة العميد، حتى قيَّض الله موآزرة أولياء الأمور حينها بالموافقة، فبعضهم كان يقطن في المدينتين ذاتهما، وبعضهم كان يؤتي ثقته في الأهداف، وصادف أن أيَّد معالي مدير الجامعة حينذاك الأستاذ الدكتور منصور التركي الفكرة، ومنح عضوتين من أعضاء هيئة التدريس ندباً معي لتحقيق هذه المبادرة, ولكي يتم لها النبت الحسن، وتؤتي ثمارها، فقد خصصتُ أحد المباني في إسكان الطالبات للوفود من الجامعات النظيرة فاستقطبنا الوافدات، والزائرات للجامعة في لقاءات، وأخذنا الطالبات النازلات في السكن الداخلي وثللاً من غيرهن للجمعيات الخيرية ولمواسم الرياض الثقافية، ولمعرض الكتاب الأول الذي شاركت فيه هذه العناصر بالتنظيم والإشراف في فترات النساء، غير أن معاناتنا لم تكن تأتي من أفراد، بل أيضاً من بعض مسؤولي الجامعة، حتى إننا اضطررنا لتحمّل بعض نفقات نقل الطالبات من وإلى المناسبات ونفقات الإشراف عليهن والعناية بسلامتهن حتى يصلن لمقرهن في الإسكان، أو عند بوابات الجامعة ليأخذهن أولياؤهن.. كانت رحلة مجازفة لكنها بأهداف بنائية، تربط الجامعة بالمجتمع من حيث عناصرها المتفاعلة الأساس وهن الطالبات.., كانت تجارب فردية، تنجح مرات، وتتعثر إلى أن تنجح في كثير،..
هذا الشريط، مررته بي ذاكرتي وأنا أقرأ عن عزم جامعة الملك سعود ذاتها تبادل خبرات طالباتها في وفود لجامعات خارج الوطن،.. ثمة ما يحدوني لمقارنة بين خبرات وأخرى،.. وإلى تطلعات باتت تحدب على كثير مما في مخيلاتنا عن حاجات فتيات هذا الوطن، وقد بتن بين فكين، لعل برامج الخبرات التي صممتها الجامعة تأخذ أيضاً بربطهن بالتجارب المتطورة التي بدأت مؤسسات المجتمع الداخلي تحذو نحو تنفيذها، ولتكوين خبرات معرفية، وتمكينهن من إجابات مجدية لكثير مما سوف يواجهنه وهن خارج سياجات الوطن ليكن مؤهلات للإجابات، ومتمكنات بثقة مما يقلن.., ولعل أول هذه الروافد, تلك الدعامات التي تمكنهن من أن يثقن في تاريخهن ومصادر عقيدتهن، قبل أن يضعن أول قدم في الطريق.. ومن ثم ليوفّق الله الجامعة فيما تهدف إليه وتسعى له.