Al Jazirah NewsPaper Friday  28/05/2010 G Issue 13756
الجمعة 14 جمادىالآخرة 1431   العدد  13756
 
أوتار
المملكة... وخدمة اللغة
د. موسى بن عيسى العويس

 

شاءت إرادة الله أن تكون هذه البلاد المباركة مهد الحضارة الإسلامية ذات الطابع الوسطي، وموطن الثقافة العربية ذات الطابع الشمولي، واقترنت هذه الإرادة بعزيمة صادقة، وبسواعد مخلصة، وطموحات وثّابة من قادة هذه البلاد، منذ عصر التوحيد على يد المغفور له (الملك عبد العزيز)، إلى يومنا الحاضر، ساندهم في ذلك رجال من أبناء هذا الوطن العريض، حملوا هَمَّ الرسالة، واستشعروا قيمة الأمانة التي أنيطت بهم، فكان لهم في كل محفل جولة، وفي كل منتدى صوت، فتضافرت المكونات الثقافية مع الوسائل المادية في عملية النهضة والتطوير التي تسابق الزمن، وتختصر مسافاته.

لعلَّ آخر مشروع ثقافي زفته وسائل الإعلام لنا (مركز الملك عبد الله لخدمة اللغة العربية). بلا شك مشروع كان الحلم المرتقب، والأمل المنتظر، لكل غيور على ثقافته، ومعتز بلغته. في هذا المشروع لا ندَّعي السبق، بل احتضنت مثله أكثر من دولة، لكن (المملكة العربية السعودية) لم تكن بمنأى عن تشكيل مراكزه، ولم تبتعد عن دعمه بكل ما تمتلك من قوة. وهذا يعني أن هذا المشروع سيستفيد من غيره، وسيكون أكثر نضجاً، وأكثر تلبية لما يستجد على اللغة، بوصفها كائناً يتأثر، وكائناً يتغيّر، قادراً على استيعاب كل جديد، بحكم المصدر الأساس الذي حوى ألوان المعجزات.

من المؤكد أن المؤسسات الإعلامية في بلادنا بجميع أوعيتها، المقرؤة، والمسموعة، والمرئية، وأيَّاً كانت وسيلة نشرها لن تغيب عنها أهداف المشروع، وفكرته، وغاياته، وستكتب الريادة فيها للمبادرين والمساهمين في تفعيله بكافة الطرق والوسائل التي يمتلكونها، فالإعلام هو المترجم الحقيقي لوجدان المجتمع، وهو القادر على صهر عواطفه، وهو الذي يمتلك إلى جانب ذلك كله مفاتيح النجاح لأي مشروع، أو يكون سبباً لا قدر الله في إخفاقه، وبالتالي فإن الضحية الأجيال السابقة واللاحقة.

قد يفوت على البعض أن (المملكة العربية السعودية) حرصت كل الحرص على المساهمة في خدمة الأوعية، والمصادر الحقيقية لحفظ اللغة العربية، وقد تجلى ذلك الاهتمام في دعم المنافسات والمسابقات للقرآن الكريم، والسنة النبوية الشريفة وعلومها والتي يتنافس على تبنيها، ويحرص على رعايتها والإشراف عليها قادة هذه البلاد في أعلى مستوياتهم، بل عدوا ذلك وسام شرف لهم. هذه الأوعية المقدسة هيأت المجتمع، والعالم العربي والإسلامي من حولنا إلى الالتفات والاعتزاز بالتراث واللغة، وكانت المؤسسات الأدبية، والمهرجانات الثقافية هي الأخرى مترجمة لذلك الإحساس والشعور الذي تشربه أفراد هذه المجتمعات، وأخذوا يترقّبون مناسباتها، ويتنافسون في الحصول على نتائجها.

في هذه الأيام يحق للغة العربية، وخادم الحرمين الشريفين يزفّ مشروعها المستقبلي أن تقف بكل شموخ، وتخرج من حالة الانكسار، أو الاستجداء التي عبرت عنه بقولها:

سقى الله في بطن (الجزيرة) أعظما

يعزّ عليها أن تلين قناتي

حفظن ودادي في البلى وحفظتهُ

لهنّ بقلب دائم الحسراتِ

وفاخرت أهل الغرب، والشرق مطرقٌ

حياء بتلك الأعظم النخراتِ

الأصالة، والغيرة تنتفض من جديد من قلب (الجزيرة العربية)، مستمدة منها العزة، والكرامة، وفي عهد (صقر العروبة)، وريث الأمجاد، وحامي تراثها، عبدالله بن عبدالعزيز. ا هـ



dr_alawees@hotmail.com

 


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد