Al Jazirah NewsPaper Friday  04/06/2010 G Issue 13763
الجمعة 21 جمادىالآخرة 1431   العدد  13763
 
للرسم .. معنى
جيل من الناقدات للفن التشكيلي
محمد المنيف

 

الجهد الكبير الذي تقوم به الزميلة الناقدة والكاتبة بجريدة الجزيرة (المجلة الثقافية) الدكتورة مها السنان المحاضرة في جامعة الأميرة نورة في تأسيس جيل ناقدات في الفنون التشكيلية من طالبات قسم التربية الفنية بكلية الاقتصاد المنزلي بجامعة نورة على أسس علمية ومعايير دقيقة في مفهوم النقد، كما أشارت إليه الدكتورة مها أنه يتبع برنامجاً تعليمياً في أسلوب البحث المستقل (iim) الذي يمنح فيه الطالب أو الطالبة مهارات متعددة واستراتيجية تعليم تعتمد على الطالب ذاته، حيث طلبت مما يزيد على المئة وستين طالبة قسمن على مجموعات لا يزيد عدد المجموعة على أربع ولا يقل عن ثلاث، إعداد دراسة عن نخبة من التشكيليين اختيروا بناء على متطلبات البحث تنوعت فيهم الأسماء والأجيال والخبرات، وتم في هذا الصدد إعداد استمارات تتضمن أسئلة شاملة ترك لكل مجموعة إعدادها على أن تتضمن كل تفاصيل مسيرة الفنان ونماذج من أعماله من كل مراحل تجربته، هذه التجربة المهمة والكبيرة في إعداد جيل من الناقدات المتخصصات علمياً في النقد قد لا تكون الأولى من حيث الفكرة، ولكنها الأكثر دقةً وعمقاً في الوصول إلى أبعد نقطة من تجربة الفنان ابتداءً من بيئته الأسرية وبيئته التي تربى فيها، الاجتماعية والطبيعية وتأثيرها في موهبته مروراً بالمؤثرات التي أرست موهبته، وكان لها الأثر في تنميتها واكتشافها وصولاً إلى مراحل الدراسة المتخصصة إن وجدت أو سبل اكتساب الخبرات ومن ثم تحقيق النتائج المتمثلة في انتشار الاسم والشهرة وما يتبع ذلك من قضايا.

هذا الجيل القادم (النسائي) أجزم أنه الأصدق والأكثر دقةً والأجرأ أيضاً في تقييم ونقد الساحة لأسباب عدة، منها أن المرأة لا تخاف من المنافسة وإنما تعتبرها دافعاً للعطاء، ولا تتردد في إبداء الرأي لثقتها بما تقول، ولنا في هذا المضمار الكثير من التجارب على المستوى العربي، منها الناقدة اللبنانية الناقدة العراقية مي مظفر والناقدة المصرية هناء هاشم والناقدة اليمنية آمنة النصيري. أما في المملكة العربية السعودية فقد حظيت بقلم لم يكتب له الاستمرار لأسباب لا نعلمها بقدر ما افتقدناها، وهي الناقدة لولوة العماري التي أثارت وأثرت وكتبت فأصابت؛ تكتب بسوط الكلمة، لينة عند الإطراء، شديدة وقت التقويم والتوجيه، جريئة، متمكنة، تمتلك مقومات الناقدة على أسس علمية، مطلعة، كثيرة الزيارات للمتاحف العالمية والمعارض، ملمة بالساحة المحلية، هذا ما يمكن أن نعزي أنفسنا به تجاه افتقادنا لقلمها.

أعود إلى الجيل الجديد من الناقدات وإلى تجربة جامعة الأميرة نورة التي نتوقع أن تتحول إلى كلية الفنون والتصميم، هذا الجيل الذي ولد ونشأ في محيط يعج بالفنانين والفنانات.. كل يدعي التميز، وكل يتوقع أنه ابتكر إبداعاً وطريقةً وأسلوباً، والبعض وجد في موجة التغريب منطلقاً للخروج من دائرة الحرج التي يشكلها تدني القدرات وخلو الوفاض من الموهبة الحقة.. ساحة تشكيلية أصبح المنتسبون إليها أكثر من الرياضيين والشعراء الشعبيين، ساحة سيجد فيها هذه الكوكبة الكثير من الأخطاء والكثير أيضاً من الإنجازات وكماً كبيراً من الحقائق والغرائب والعجائب.. مجتمع تشكيلي تعوّد على المديح والثناء ومنح الجوائز، مجتمع تشكيلي تعوّد على المجاملة والتشجيع والتصفيق، مجتمع مصنوع من زجاج يقبل التلميع ولا يتحمل الضغط والتطويع، كتب عليه قابل للكسر، مجتمع غالبيته يعرف أن الفن سبيل للشهرة، لكنه يجهل أن الفن واجهة حضارية لا تقبل إلا الروح المرنة والعقل الناضج، يبرز الوجه الحقيقي لثقافة البشر وإنسانيتهم.

فهل يتحمل هذا الجيل (من النواعم) ما يمكن أن يواجهه من صدمات وسعي للإحباط؟ هذا أمر لا يمكن إغفاله، لكن هذا القدوم المنتظر بعدتهن وعتادهن العلمي بخطى واثقة يجعلني أكثر تفاؤلاً بهن، و(خوفاً) من أن يجدن في ما قدمنه ما يستحق النقد، ومع ذلك فالخوف مدعاة لاستحضار الشجاعة والنقد مجال رحب لقبول الرأي الآخر؛ فمرحباً بهن، معلنين لهن أن الصفحات التشكيلية بجريدة الجزيرة والمجلة الثقافية مساحة مفتوحة لركضهن النقدي.



monif@hotmail.com

 


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد