من الجوانب التي يجب مراعاتها في تراثنا عند تقييم العمل الإبداعي والمنجز الثقافي أن هناك فرقاً بين أول من شرع في منجز ثقافي وبين من قدم مشروع ثقافي وله تجارب متقدمة يسير على خطاها ويستفيد من تجربتها.

وأتذكر أن ابن الأثير وهو صاحب كتاب مهم في غريب الحديث والمقصود بغريب الحديث شرح الكلمات الغريبة في الحديث النبوي الشريف، وكان مما قرره ابن الأثير في مقدمة كتابه أن أول من ألف في هذا المجال الشريف أنه مشكور لأنه كمن سار في طريق لم يسبقه إليه أحد فهو لا يعرف سلبيات الطريق ولا إيجابياته، ولم يسبقه أحد لينير له الطريق، أقول هذا الكلام مع إيماني الكامل بأن النقد جزء مهم من مشروع البناء والتوجيه وأن العمل الثقافي والإبداعي لابد أن يخرج للمتلقي عبر بوابة النقد، لكن هناك جوانب تجعل من النقد - على أهميته - يجب أن يخرج بصورة مناسبة أو يتم تأجيله أو أن يكون بصورة لا تهز المنقود وتربكه وهو في بدايات الطريق، ففي عملية النقد هناك فرق بين نقد النشاط المتمرس وبين نقد النشاط في مراحله الأولى، وهذا أمر لا يحتاج إلى مزيد من الكلام في تقريره، أقول هذا وفي ذهني القناة الثقافية السعودية الوليدة فهي تحتاج إلى الدعم المادي والمعنوي أكثر مما تحتاج إلى أي جانب آخر، وهي بحاجة إلى المشاركة وتزويدها بالأفكار والمقترحات وتزويدها بقاعدة عناوين الموضوعات والمبدعين في كل مكان حتى تقوم بدورها على خير وجه، ومن ثم محاسبتها على هذا الأساس.

هذه القناة تمثل الكاتب والمفكر والمبدع السعودي أمام الآخرين، فنقدها وهي في بدايتها يجب أن يراعى فيه أنها قناة وليدة.

لست منزعجاً من نقد القناة بل هذا دليل وجودها وحضورها، لكن ما يثير استغرابي أننا لا نجد مثل هذا النقد ولا قريبا منه لو كانت هذه القناة تبث من خارج حدود الوطن!!

كلي أمل في أن يزيد نقد القناة شفهيا ومكتوبا لكن بعد أن نقف مع القناة بالحضور وتقديم الأفكار ومساندتها لأنها تبقى أولاً وأخيراً مشروع إعلامي ثقافي سعودي أي جزء منا أمام الآخرين.