Al Jazirah NewsPaper Sunday  06/06/2010 G Issue 13765
الأحد 23 جمادىالآخرة 1431   العدد  13765
 

من أبطال الجزيرة العربية في مرحلة التأسيس (6-9 / 9)

 

ويستمر عبد الله بن عقيّل مشاركاً للمؤسس في توطين الحكم في بلادنا، وتتوثق العلاقة بينه وبين المؤسس.

7- وفي عام 1347هـ شارك ابن عقيّل في معركة السّبلة في جيش المؤسس وكان له مواقف حربية مشرّفة في المعركة.

8- وفي عام 1348هـ شارك في الحرب في معركة الدبدبة.

9- أما عام 1350هـ فقد كلّفه الملك عبد العزيز بعمل الزكاة، حيث كان مسؤولاً عن جباية الزكاة للقبائل القريبة وهي: حرب وعتيبة وسبيع وعنزة وما خالطهم من القبائل.

10- وفي عام 1351هـ كلّفه الملك عبد العزيز بالقضاء على حركة حامد بن رفادة.

11- وفي عام 1353هـ ولاّه الملك عبد العزيز على إمارة جازان وبقي فيها حتى تاريخ: 21-5-1355هـ حيث استدعاه الملك فيصل -رحمه الله- للقدوم إلى الحجاز لأداء بعض المهام فيها. وعندما كان في جازان كلفه الملك عبد العزيز برئاسة الوفد السعودي المكلف بلجنة ترسيم الحدود البريّة السعودية اليمنية عام 1354هـ وعضوية محمد بن سليمان التركي وعبد الله قاضي. وكان رئيس الهيئة اليمنية المتوكلية عبد الله بن عثمان وعضوية محمد قاسم نجم الدين ومحمد ضيف الله بن غثاية.

وعندما أراد الملك عبد العزيز أن يوليه إمارة جازان يبدو بأن عبد الله بن عقيّل وافق على أن يكون التكليف لمدة عام واحد فقط، وبعدما انتهى العام وجّه إليه الملك خطاباً يحقق فيه رغبته ويعين بديلاً عنه محمد بن ماضي في الإمارة ورقم الخطاب 104-3-78 في: 21-5-1355هـ هذا نصّه (من عبد العزيز بن عبد الرحمن الفيصل إلى جناب المكرم عبد الله بن عقيّل -سلمه الله- السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد؛ فنظراً إلى أن القرار الذي بيننا وبينكم تكونون بجيزان سنة واحدة وذلك حسب رغبتكم ونظراً لانتهاء هذه المدة فقد عينا محمد بن ماضي أميراً لجيزان وتوابعه وهاهو يصلكم فإن شاء الله تجرون بينكم وبينه التسليم حسب العادة وتقدمون لطرفنا هذا ما لزم بيانه والسلام).

كما تلقى خطابا مماثلا عن تسليم الإمارة من نائب جلالة الملك برقم 1178 في: 22-5-1355هـ.

12- بعد تلك المهام الكثيرة التي قام بها الأمير عبد الله بن عقيّل بهمة قوية وعزيمة صادقة وولاء لولاة أمره عاد رحمه الله ليتولى القيام بإمارة بلدته قصر ابن عقيّل حيث كان يشغلها منذ وفاة والده رحمه الله عام 1325هـ حتى: 29-11-1376هـ حيث استدعاه الملك سعود رحمه الله للتوجه إلى الرياض لتكليفه ببعض المهام فيها.

13- وفي عام 1377هـ كلفه الملك سعود رحمه الله مستشارا برئاسة الحرس الوطني واستمر فيه حتى أحيل للتقاعد عام 1382هـ.

اشتهر ابن عقيّل بالكرم والجود وبذل المال وكانوا يلقبونه (هدّاج تيماء) وكان الملك عبد العزيز عندما يبلغه خبر أن أحد المواطنين أو إحدى الأسر بحاجة للمساعدة يقوم بمخاطبة ابن عقيّل بأن يحرص على مساعدتهم وأن يرعاهم حتى ولو لم يكونوا من سكان القصر. كما اشتهر بالشجاعة وحب العمل، وكان قائدا مشهورا في الحروب.

ويقول عنه الشيخ محمد بن دغيثر: (إن الملك عبد العزيز يختار لجيشه الموثوقين مثل: الملك فيصل في حرب اليمن، والأمير عبد العزيز بن مساعد في القضاء، وعزيز الدويش وعبد الله بن عقيّل على حركة ابن رفادة).

وكان لشجاعته وبطولته يلقب (أمير البيارق) نظراً لكثرة الحروب التي قادها أو شارك فيها وكثرة عدد البيارق التي قام بإعدادها من القبائل أيام توحيد المملكة. ويوجد مثل يروى عن كثرة مشاركته وحضوره في المعارك وهو (جيش عقيّل لا ينام ولا يقيّل).

قال فيه الشاعر ابن عمار عندما كان أميراً على الجوف قصيدة طويلة مطلعها:

إن جنّ بهم للجوف هلهن يطقون

رأس العصا والكرب طشو خلاله

عند الأمير بهدفة الليل تلقون

هداج يبشر بالروى من عناله

إلى أن قال:

عبد الله اللي بالضحا له يقرون

سكان نجد ميدمه في سهاله

وكان ابن عقيّل له صداقات ومعرفة مع مجموعة من الرجال الكرام منهم الشاعر عطا الله بن خزيّم، وله معه قصة نرويها وهي: كان الشاعر ابن خزيّم لديه ذلول أتى بها من عُمان وتوجّه بها إلى الجوف لوجود صديقه عبد الله بن عقيّل بل كان أعز أصدقائه، وهو في الطريق قال قصيدة أسندها لابن عقيّل يخبره فيها عن أحواله وما عانى من تعب في رحلة الحصول على تلك الناقة. ولما وصل إلى ابن عقيّل قال القصيدة أمامه وأعجب بها ابن عقيّل.

شعره: الجميع يعرف عبد الله بن عقيّل في مجال الإمارة والإدارة والتعامل مع الناس ، ولكن القليل من يعرفون بأن عبد الله بن عقيّل من الذين يقرضون الشعر، ويقوله في مناسبات خاصة به ولكنه لم يشتهر بشعره. ومن خلال قراءتي لشعره وجدت فيه الغزل العفيف والعواطف الرقيقة والإحساس المرهف، وفي شعره الحكمة الجميلة والغزل اللطيف وكان له مجموعة من القصائد القصيرة التي قالها سوف نستعرض بعض ما قاله منها مما وصل إلينا. وهذه قصيدة يصف فيها حال الرجل عندما يمضي به العمر قال فيها ما يلي:

البارحة ونيت تسعين ونّه

واتبعت في تالي ونيني صياحي

وأصبحت كني ظاهر من مجنّه

يا خوي يا سليمان العمر راحي

زجّيت عبرات الهوى مستكنّة

أقول يا عصر مضى وين راحي

كم خيّر غبر الليالي وطنّه

وأصبح سواة الهرش وسط المراحي

وأزرن عظام العَوْد لا ينهضنّه

والطير ما يشهر بليا جناحي

مرّ قويناهن ومرّ قونّه

وكم ضربن درب الوعر والسماحي

اعياله وأهل بيته يملّون منّه

يقولون وش هالعَود ما له مراحي

الله ذكر برضاه وأنته تملّه

من قل دينك ما تعرف الصلاحي

بعض العيال عقاب خلّه مضنّه

وإلا بعضهم مثل طير المراحي

عاق بأبوه وثانيا عاق بأمّه

وكم ليلة سهروا ويقولون صاحي

كما له قصيدة أخرى وهي:

البارحة زارني منبوز الأرداف

باغي يسلم علينا قرة العين

أهلا هلا بك عدد ما هل هتّاف

واعداد ما هب ريح ما بين نجمين

يا زين ما أدري علامك ما أنت تنشافي

إلاّ إلى نمت جيتن يا بعد عيني

قالت من الجوف لك لفيت أنا حافي

أخاف عقب البطا يا زين ناسيني

يا هافي الوسط حبك لاجي خافي

في حبة القلب ما والله يخليني

حبك شربته كما نشرب الصافي

ما يمحي حبكم يا مغيزل العين

إلى ذكرته يصيب القلب خفخاف

إلى حل طاريك حل النوم من عيني

كذلك من قصائده تلك القصيدة يشكي من الغرام ويقول:

يا مل قلب فرّ من بين الأضلاع

أزريت أرد القلب لا واسفا به

وأزرن يردّنه حنيّات الأضلاع

يا من يعذل القلب يأخذ ثوابه

قلبي ذلول للهوى صار مطواع

والعين تقداني على ما لجى به

حبك رمى يا زين قلبي بمرقاع

لو هو على صمّ الصفا قد مضى به

لو هو على ضلع طويل غدا قاع

والعشب ينبت في مساهل ترابه

يا حص يا ياقوت يا عنبر فاع

يا لولو المرجان مسكن ترابه

يا مشخص ما طاح في كف بيّاع

وإلى طب بالمواسم كل يهابه

يا زين لا تقفي ترى النفس مطواع

تبع القفى ما فيه للنفس ثابه

ومن شعر ابن عقيّل قصيدة قالها أثناء سفره إلى النمسا للعلاج عام 1383هـ وكان في خلوة فتذكّر دياره وأهله فأخذ يتوجّد يقول فيها:

البارحة نوم الملا عن غايب

والقلب من كثر الهواجيس وجعان

ونّيت ونّة من رمته الركايب

بأرض فلاة عنده الذيب سرحان

ذكرت من شبّيت واليوم شايب

أَدْلَه أنا وفلان وفلان وفلان

واليوم عبد الله يجيب العجايب

أبو فلاح إذا خزى كل شيطان

نروح عن دار لدار الحبايب

دار السخى والدِّين والضيف مجان

نفرح إلى جا الضّيف وابليس غايب

نقلّط الميسور كبش من الضأن

وذات يوم كان في الحجاز بعيدا عن بلدته القصر واشتاق لها فتذكر مربى صباه وأهله وجماعته وطرا له جبل (أبان) فأحب أن يكون معهم فقال قصيدة مطلعها:

لا واهني من شاف أبانات بالعين

أقفى عن الحرّة وخلّى ترابه

وفاته: بعد أن أحيل للتقاعد أصيب ابن عقيّل بمرض ألزمه الفراش وأقعده عن المسؤوليات، ثم سافر في رحلة علاجية إلى دولة النمسا عام 1383هـ ثم رجع بعدها إلى الرياض وزاد عليه المرض وتوفي رحمه الله يوم: 20-5-1385هـ بالرياض ودفن في مقبرة العود، رحمه الله رحمة واسعة وأجزل له الأجر والمثوبة نظير ما قدم لبلاده وولاة أمره من جهود متميزة وبطولة فائقة.

وخلّف من الأبناء (13) منهم ستة ذكور وهم: صالح (الأول) ومحمد وسليمان وفهد وناصر وصالح. كذلك خلّف مجموعة من الرجال الكرام من أبنائه وأحفاده وأخوه وأبناء أخيه وأحفادهم والذين كانوا في مقامه ونيابة عنه في الكرم والجود والعلاقات الطيبة والتعامل الحسن مع الناس، وكذلك لهم علاقات متميزة مع أبناء المؤسس وكبار المسؤولين ورجال الدولة ويذكرهم الخاصة والعامة بالصفات الحميدة. غفر الله لمن مات من تلك الأسرة الطيبة وأطال في عمر الباقين وجعلهم ذخرا لما قبلهم ومتعهم بالصحة والعافية.

أخوه سليمان بن محمد العقيّل كان كريما سمحا وكان أمراء القصيم يحيلون إليه بعض القضايا والمشاكل التي تحصل ليقوم بحلّها. وكان حليما شارك في الحروب التي حصلت في وقت المؤسس، وكان يفتح بيته للناس، وكان لأخيه عبد الله الأخ الحنون والصديق الصدوق والساعد الأيمن له وكان في القصر دائم الحضور لا يغيب عنه أبدا يقوم بما يمليه عليه الواجب أمام ولاة الأمر وأمام الناس وإذا سافر عبد الله بن عقيّل في مهمة يقوم أخوه سليمان مقامه في كل شيء.

وذكر لي الأخ محمد بن سليمان العقيّل أن عمه سليمان بن محمد كان لزيادة الكرم لديه دائما على لسانه كلمة (يا هلا) يقولها للكبير والصغير، وكان حتى وفاته مقصد الناس في بلدته يلاقي ضيفه بالترحيب، وكان في آخر حياته عُرض عليه عدة مناصب لكنه فضّل أن يبقى في القصر، وكان مغرما بالفلاحة. تولى رئاسة هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في بلدته، وإذا كلّف في مهمة من أجل حل المنازعات بين الهجر أو الأفراد أو غيرها لا يعود حتى ينهيها، وكان يقوم نيابة عن أخيه عبد الله بالإمارة في حالة غيابه في مهمة من المهمات الموكلة له.

وعندما تم تعيين عبد الله بن محمد بن عقيّل مستشارا برئاسة الحرس الوطني استلم أمارة القصر بعده ابنه محمد بن عبد الله العقيّل عام 1377هـ حتى عام 1390هـ وبعده استلم الأمارة ناصر بن عبد الله العقيّل من عام 1390هـ حتى توفي عام 1421هـ ثم استلمها عبد الله بن ناصر العقيّل من عام 1421هـ حتى الآن.

هذا ما أردت كتابته من ترجمة عبد الله بن محمد بن عقيّل ،و أقدم الشكر والتقدير للأستاذ محمد بن سليمان العقيّل على المعلومات والوثائق التي زودني بها أثناء كتابة الترجمة، كذلك على جهوده في المراجعة.

المراجع:

1- كتاب: نجد وملحقاتها - أمين الريحاني - ط3 - ص146.

2- كتاب: ملحمة عيد الرياض - بولس سلامة - 1966م.

3- كتاب: كنت مع عبد العزيز - د. عبد الرحمن بن سبيت السبيت وآخرون - لقاء مع الشيخ محمد بن دغيثر - ط2 - 1408هـ - م 1- ص332.

4- كتاب: (من مشاهير الجزيرة العربية) عبد الكريم بن حمد الحقيل - ط1 - 1417هـ - ج1 - ص145.

5- كتاب: العلاقات السعودية اليمنية - د. عبدالله القباع.

6- كتاب: تاريخ المملكة العربية السعودية - د. عبد الله بن صالح العثيمين - ط10 - 1421هـ.

7- كتاب: رجال في الذاكرة - عبد الله بن زيد الطويان - ج1 - ص126 - 1418هـ.

8- كتاب: الشرارات وأيامهم - سليمان الأفنس الشراري - دار نور كيوان سوريا 1430هـ.

9- جريدة أم القرى: العدد (400) السنة الثامنة،الجمعة: 9 ربيع الثاني 1351هـ.

10- مخطوط: مشجرات لبعض الأسر - صالح بن سليمان الخنيني - مكتبة الكاتب.

11- بعض وثائق عبد الله بن عقيّل: من الأخ محمد بن سليمان العقيّل.

12- وثائق عن أسرة العقيّل - مكتبة الكاتب.

13- مقابلة مع الأستاذ: محمد بن سليمان العقيّل - والأخ عبد الرحمن بن سليمان العقيّل - مسجلة لدى الكاتب.

كتبه: عبد الله بن صالح العقيل - الرس

aa10@maktoob.com

 


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد