Al Jazirah NewsPaper Thursday  10/06/2010 G Issue 13769
الخميس 27 جمادىالآخرة 1431   العدد  13769
 

مواقف من حياة الشيخ ابن غديان «رحمه الله»

 

لطيف العبارة واسع الفهم غزير المعرفة.. هو عضو هيئة كبار العلماء عضو اللجنة الدائمة للإفتاء، لكنه آية في التواضع ولين الجانب وحسن الجوار.. هؤلاء العلماء الربانيين الذين اختاروا الله والدار الآخرة فقدهم عظيم وأثرهم جليل.

كان شيخنا الجليل عبدالله بن غديان عليه رحمة الله ممن يزورنا في مسجدنا المجاور لحيه ومنزله كثيراً.. كان إذ اقترب شهر رمضان يتصل بي ليخبرني أنه سيتكفل هذا العام بإفطار الصائمين، وقبل بداية الشهر بأيام يأتي ومعه سيارة محملة بأجود أنواع التمور ثم يطلب مني أن أريه المكان المعد لإفطار الصائمين ويسألني كم تعدادهم. فأقول له ما بين المئة والخمسين إلى المئتين. فتهلل أسارير وجهه فرحاً ويقول والله يا ولدي أنتم أهل الفضل علينا.. الحمد لله الحمد لله.. وقبل إعلان دخول شهر رمضان.. يتصل ويقول ما الذي يحتاجه الصائمون.. وبعد أن نسرد عليه قائمة الاحتياجات يتكفل بها جميعاً.. والأعجب من هذا.. زيارته للصائمين ووقوفه على خدمتهم بنفسه. وأذكر مرة قلت له يا شيخ عبدالله.. يأتي للمسجد أسر فقيرة.. فهل نعطيهم من فائض الإفطار أم نقسمه بين الصائمين فنظر إليّ وقال أيوجد لديكم في الحي أسر لا يجدون إفطاراً قلت له نعم، وتعدادهم قرابة العشر أسر.. فقال: «أعطوهم أعطوهم لا تقصرون عليهم».. فمع أنه رحمه الله من أزهد الناس في متاع الحياة الدنيا. إلا أنه من أكثر الناس حباً للخير وعوناً للمحتاجين.. لا يتأفف من كثرة السائلين وإلحاح الطالبين.

ما أذكر أني لقيته إلا وقال لي: أنتم تعينوننا على طاعة الله مرضاته فجزاكم الله عني خير ما يجزي عباده الصالحين. وذهبت إليه في إحدى المرات مودعاً له.. وقلت له: يا شيخ عبدالله نحن مسافرون بإذن الله.. فأوصنا.. قال أوصيكم بطاعة الله ولا تنسونا من دعوة صالحة، فإن دعوة المسافر مجابة نحن والله بحاجة.. فقلت في نفسي سبحان الله هؤلاء الأعلام الخيرين يطلبون من أمثالنا من المقصرين الدعاء لهم.. إن حياة الشيخ عبدالله مليئة بالعبر والمواعظ والدروس.. تبث على ما يراه من الحق إلى أن لقي ربه.. جمع الله له بين الزهد والورع والتقى.. وبين الإقبال على طاعة الله وعمارة الآخرة.

حضر جنازته ألوف مؤلفة.. ولا يزال الناس يتوافدون على قبره يصلون ويدعون.. من بعد صلاة العصر إلى قبيل صلاة العشاء.. رحم الله العالم الأصولي الفقيه الورع التقي الزاهد في الدنيا الشيخ عبدالله بن غديان رحمة الأبرار، وجبر مصاب الآمة في فقده وأحسن عزاء أهله وطلابه ومحبيه. وجمعنا به في مقعد صدق عند مليك مقتدر.

خطوب لا تشابهها خطوب

وكرب لا يشابهه الكروبُ

وأضلاع سرى فيها التياعُ

تكاد لهول لوعتها تذوبُ

بربك حامل النعش المسجى

تلبث هل لنا منه نصيب

وداعاً يا إماماً قد عرفنا

نؤوب إلى البيوت ولا يؤوبُ

خلوفة محمد الأحمري

 


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد