Al Jazirah NewsPaper Friday  18/06/2010 G Issue 13777
الجمعة 06 رجب 1431   العدد  13777
 
كيف نستفيد من مدرسة سلمان بن عبدالعزيز الإدارية؟
د. شجاع بن متعب بن غميض

 

صناعة التاريخ مهمة صعبة ليس بالسهل تعلمها واكتساب مهاراتها، لكن الله وهب لمن يشاء سمات عظيمة، سمت بها الروح على الجسد ومتطلباته، فأنتجت وأبدعت، تجاوز أثرها وتأثيرها الإيجابي الحدود والزمن، كونت شخصية أجمع الناس على مختلف مشاربهم على أهمية هذه الشخصية ودورها المهم في المجتمع، فتأهلت بجدارة لتكون شخصية تاريخية، عانقت صفحات التاريخ وساهمت في كتابة أحداث فصوله، وربطت المواطن بحب وطنه وساهمت برفع مستوى الولاء له، من خلال ما يشعر به من اهتمام وتفان في قضاء حاجاته.

من هذه الشخصيات التي تعدى تأثيرها حدود المكان والزمان ورسمت معالمها في عقول الناس وأذهانهم، شخصية الأمير سلمان بن عبدالعزيز القيادية، تلك الشخصية التي وهبها الله الكثير من الخصائص والصفات العظيمة التي يصعب حصرها وعدها تجلت في أحنك الأمور وأعظمها، وصنعت تاريخاً للقيادة الحديثة المشرفة التي نتمنى أن يكثر الله منها.

فالقيادة بكل معانيها حاضرة في شخص سلمان بن عبدالعزيز، على جسامة وأهمية العمل وما يحتاجه من دقة في المعلومات، لترابط القضايا وتعددها إلا أن الأمير سلمان أعطى كل وقته لقضاء حاجات الناس ووسع صدره كل من جاءه في أمر قبل أن يسعهم مكتبه في الإمارة أو في منزله العامر، يتعامل مع العالم الفقيه بما يجعله يدرك أنه لم يؤت من العلم إلا قليلاً، ويتعامل مع المواطن البسيط ببساطة العظماء مما يبعد الرهبة والوجل عن محدثه وتساعده على إيضاح ما جاء لأجله، يقضي الساعات الطوال لخدمة المواطنين دون كلل أو ملل، يحرص على إنجاز معاملات المواطنين في أقل وقت ممكن وبأقصر الطرق، يشارك المواطن همومه فكل مواطن مثل بين يديه، ينتابه شعور بأن له حضوة خاصة عند سلمان بن عبدالعزيز لم تؤت لغيره، لا يكتفي بالتوجيه بل يتابع الموضوع حتى ينتهي، كل ذلك وهو على رأس الهرم والمسؤولية، وسيل القضايا والموضوعات لا ينتهي ولا ينضب، يتابع المواقف الإنسانية للمواطنين بكل أريحية وقبول، بارك الله في وقته وعمره.

في تجربة شخصية في مراجعة جهة حكومية لإنهاء معاملة عادية لا تحتاج دراسة ولا شفاعة، والمستندات المطلوبة متوفرة، لم ينقصها إلا أن الموظف في إجازة والمعاملة محفوظة في خزنته حرصا عليها من الإنجاز، والمسؤول لا يملك من الأمر شيئاً حيال الأقفال المغلقة المحافظة على خصوصية الموظف، جعلتني أقارن هذه المعاملة البسيطة مع معاملات أشد أهمية وتحتاج إلى دراسات انتهت في وقتها المرضي في ديوان الإمارة.

كثير من الموظفين لم يدرك ثقافة الوظيفة العامة التي تؤكد أن الموظف في خدمة المواطن، وقضاء حاجته، وأن الموظف سواء كان عسكرياً أو مدنياً للوظيفة وليست الوظيفة للموظف، وعلماء الإدارة يؤكدون أن الولاء للوطن مرتبط بالولاء التنظيمي ويتأثر به، ومع هذا لا يزال بعض الموظفين يرى أن المراجع عبء عليه ومنغص لراحته، هذا إذا ما تعامل معه بفوقية وبلا مبالاة، متى نستفيد من القيادة الناجحة ونطبق منهجها على أرض الواقع، ومتى ندرك أن لكل فعل ردة فعل وأن الأعمال الصغيرة مثل ما لها نتائج جيدة لها نتائج عكسية، قد تتجاوز مرتكبها لغيره وقد لا يسلم منها الوطن.



 


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد