Al Jazirah NewsPaper Saturday  19/06/2010 G Issue 13778
السبت 07 رجب 1431   العدد  13778
 
غزال جامعة الملك سعود.. في ضيافة العالم
د. علي بن شويل القرني

 

دخلت جامعة الملك سعود مرحلة نوعية من تطوُّرها بجهودها العلمية المبنية على تأسيس وعي علمي تطبيقي، وانطلاقتها بقوة نحو البحوث التطبيقية، التي أسهمت في عمر قصير في تدشين أول سيارة سعودية على أعلى المستويات الفنية، وسجلت من خلال هذا التصنيع براءات اختراع مهمة في صناعة السيارات..

وكان تدشين خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز لهذه السيارة هو بداية انطلاق هذا المشروع العالمي.ولنتوقف قليلا عند أسس النجاح التي هيأت مثل هذه الانطلاقة الصناعية، ليس فقط للجامعة - رغم أنها ليست معنية بالتصنيع - ولكن للمجتمع السعودي كافة، خاصة قطاعه الصناعي:

1 - وجود وعي داخل الجامعة بأهمية البحوث التطبيقية، خاصة في مجال الصناعة، ودعم هذا التوجُّه رؤية إدارة الجامعة ممثلة في الدكتور عبدالله العثمان وفريق متميز حوله يساهم في تحقيق رؤية معاليه في هذا الجانب، ويأتي في مقدمتهم الدكتور علي الغامدي وكيل الجامعة الذي ينتسب إلى الكلية المصنعة للسيارة: كلية الهندسة.

2- الشراكات العالمية التي أطلقتها الجامعة خلال السنوات الثلاث الماضية استفادت منها الجامعة كثيرا في هذا المشروع وغيره من المشروعات الأخرى القائمة الآن. وكما أكد مدير جامعة الملك سعود دائما أن العلم لا دين ولا جنسية له؛ فيجب أن نستفيد من العلوم أينما كانت، بغض النظر عن جنسية أو أديان هؤلاء العلماء الذين يخدمون الإنسانية جمعاء.. ولهذا فإن التعاون المعرفي والتصنيعي في مشروع سيارة غزال 1 هو الذي استفادت منه الجامعة في هذا العمل الاستراتيجي الكبير.

3 - الدعم المادي اللامحدود الذي وجدته جامعة الملك سعود من القيادة السياسية في بلادنا، وعلى رأسهم خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، والمساندة المستمرة من سمو ولي العهد الأمير سلطان بن عبدالعزيز وسمو النائب الثاني الأمير نايف بن عبدالعزيز وسمو أمير منطقة الرياض الأمير سلمان بن عبدالعزيز؛ فجميع هذه القيادات ساهمت في دعم الجامعة على مختلف المستويات، وكان لهذا الأثر الكبير في تهيئة بيئة مناسبة للبحث والإبداع والابتكار.

وربما يكون السؤال: ماذا بعد غزال 1؟ وأعلم أن مثل هذا السؤال هو سؤال المرحلة القادمة، التي تشغل الرأي العام الوطني.. وهو سؤال مشروع في مثل هذا المقام.. وربما نتشارك مع القراء في بلورة رؤية قد تصبح هي أجندة مستقبلية لهذا المشروع.. ونحتاج إلى أن نطرح هذه الرؤية في شكل نقاط، أهمها:

1 - لقد أوضحت الجامعة بجلاء ووضوح أن دورها مثل أي جامعة أخرى في العالم هو بناء المعرفة، وإجراء البحوث التطبيقية وغيرها، وبناء مشاريع النمذجة الصناعية التي تبدأ بابتكارات أو براءات اختراع.. ولهذا جاء تأسيس الجامعة لمركز نقل تقنية التصنيع، الذي كلَّف الجامعة ثلاثين مليون ريال ليكون مركزا للبحث والتصاميم الهندسية ونقل تقنية التصنيع من أفضل الجامعات ومراكز التصنيع العالمية. ولن تكون الجامعة خط إنتاج لهذه السيارة؛ ولهذا فإن الجامعة حاليا تسعى إلى التشاور مع رجال أعمال سعوديين للتخطيط لمثل هذا الموضوع.

2 - صناعة السيارات تُعدُّ من الصناعات الاستراتيجية، ولو نشأت مثل هذه الصناعة في بلادنا فستكون بلا شك نقلة نوعية هائلة في المجتمع؛ لأن السيارة تتكون من عدد كبير من قطع الغيار تصل إلى أكثر من ثلاثمائة قطعة، وكل قطعة غيار تحتاج إلى مصنع يعمل فقط على إنتاج مثل هذه القطعة، كما هي الحال في صناعة السيارات في العالم، وصناعة الطائرات، وصناعة الأسلحة وغيرها.. فلو نشأ على سبيل المثال مائة مصنع في الأقل في المملكة فسيكون ذلك بداية تحولنا في المجتمع إلى مجتمع صناعي متقدم.

3 - (غزال 1) الذي استوحت اسمه الجامعة من البيئة الصحراوية هو بداية مشروع وليس نهايته؛ ولهذا فمن المتوقع أن تعمل الجامعة على تطوير أجيال جديدة من السيارات من هذا الطراز لتواكب مستجدات تقنية وفنية في المستقبل.. وهذا ما يحدث في صناعة السيارات العالمية وغيرها؛ حيث تعمل مراكز البحوث على تطوير موديلات السيارات من عام إلى عام، وهكذا فغزال 1 هي سلسلة من أعمال التأسيس والتطوير.

ومن هنا تحتاج الجامعة خلال الأسابيع القادمة إلى أن تطرح ورش عمل استراتيجية في مشروع غزال للسيارات، أولاها دولية يدعى إليها رجال أعمال ومستثمرون دوليون وشركات سيارات عالمية، وتكون خارجية، وثانيهما تنظم الجامعة ورشة عمل وطنية يدعى إليها رجال أعمال سعوديون وخليجيون لمناقشة فرص الاستثمار في مثل هذا المشروع الاستراتيجي. كما أن وسائل الإعلام مطالبة بمناقشة مثل هذا الموضوع الاستراتيجي على شكل حوارات وندوات وتقارير واستطلاعات.. إضافة إلى أهمية مشاركة الكتّاب في بناء رؤية معينة تساهم في بلورة معالم المرحلة القادمة.

المشرف على كرسي صحيفة الجزيرة للصحافة الدولية
أستاذ الإعلام بجامعة الملك سعود


alkami@ksu.edu.sa

 


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد