Al Jazirah NewsPaper Thursday  24/06/2010 G Issue 13783
الخميس 12 رجب 1431   العدد  13783
 
مسرح الحياة
سليم صالح الحريص

 

كن مبادراً إلى الصمت.. لا تبادر بالسؤال.

كن مصغياً... ولا تكن مهرجاً.

كن من أولئك الأسوياء الذين يستمتعون بهدوئهم... يتلذذون بأن توجه لهم الأسئلة.. لكنهم لا يتعجلون.. أنهم يتريثون الإجابة.

الحديث المتروي... المتأني.. يلفت الأنظار... يسترعي الانتباه..

التسرع في الجواب قد يوقعك في منزلقات غني أنت عنها.

قد لا تكون من الباحثين عن الوجاهة التي تصنعها المجالس.. ولا من المتطلعين لتصدّرها. لأنك واثق... قد لا يهمك البحث... تضحك على من يهرول... لا يعنيك الضوء... ولا ينتابك تحسس أو قلق إن كنت مُقصى بل من فرط ثقتك بنفسك تبدو سعيداً...... فرحاً لأنك ستجد متعة بالفرجة.. على المسرح المفتوح وفصول المسرحية ومؤدي الأدوار.

البعض ملحاح بأسئلته.... شفي على الجواب... مردد السؤال ومصغٍ للإجابة لكنه بليد في الفهم... معوق في التفكير.

أن تكون في ملتقى لا تكن البادئ في الحديث ولا تكن طرفاً في الحوار مباشرة وإلا دخلت في معترك وحُوّلت مديراً له حينها يصعب عليك إيقافه حين تخرج مفرداته عن سياق الحديث وتنفرط عجلته.

إن أنصتّ فأنت الذي سيكسب وتستطيع أن تظفر بما لم يتحقق لك لو كنت محدثاً... تقرأ الأفكار... تفسر الكلام.... تغوص في العقليات وتقيس الفهم وتميز البشر ونوعياتهم.

بالتأكيد إنك ستخرج بحصيلة وافرة بدءاً من إلمامك التام بنوعية العقول... وعمق التفكير من سطحيته... وسذاجة البعض وتعرف من يفترض أن يلقب بوكالة الأنباء... وأنواع وأشكال وألوان المجتمع الذي أنت وسطه.

أن تحاصر نفسك بالصمت... وتقنن حديثك... وتقلل من حضورك ستجد أن ما قيل قديماً (طول الجدار وقصرة الرِجل نوماس).. حقيقة.

حتماً.. ستكتشف المزيد المزيد... تغادر المكان وأنت في راحة تامة وسعادة بالغة بأنك استخلصت وجنيت ما لن تستطيع جنيه لو جاريت مرتادي هذه الملتقيات والمجالس وأفكارهم وحدود تفكيرهم ومستوى فهمهم واستيعابهم.

تغادر وأنت تدرك بأنك قد ظفرت بنفسك ونأيت بها وأقصيت فكرك وعقلك عن ملوثات سكنت زوايا هذا المكان....

ابتعد.... غادر مسرح الحياة اليومي... غرد في فضائك... اقرأ ففيما تقرأه وإن قل ستجد فيه النفع لك وليحملك إلى عالم آخر من النقاء... تجد المتعة.... المؤانسة... الخروج من دوائر اللت والعجن والطحن والركض وراء سراب بقيعة... التي لن تجني منها لا بلح اليمن ولا عنب الشام أو حصرمه.



 


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد