Al Jazirah NewsPaper Wednesday  30/06/2010 G Issue 13789
الاربعاء 18 رجب 1431   العدد  13789
 

عبدالله الهريش.. الرجل الجواد
عائض الردادي

 

قبل أسبوعين مررت منزل الشيخ الصديق عبدالله بن عمر الهريش حيث اعتاد كل يوم ثلاثاء من كل أسبوع فتح داره لأصدقائه وزواره في جلسة هي من أمتع الجلسات بصاحبها وبروّادها، فوجدت الباب مغلقاً، ومع أن ذلك غير مستغرب في الصيف لذهابه لمزرعته في سوريا ليعود قبل رمضان، إلا أنني أحسست في داخلي بتوجس فسألت صديق الجميع سليمان المقبل فأخبرني بأنه يجري فحوصات في ألمانيا، ويبدو أن وضعه الصحي لم يكن مقلقاً، ولكن لكل أجل كتاب، وما هي إلا أيام وإذا بالناعي ينعى أبا سامي عبدالله الهريش في خبر كان مفاجئاً لمحبيه.

عصر الثلاثاء 10-7-1431هـ رحل أبو سامي إلى دار القرار تاركاً وراءه ذكراً حسناً من الكرم والشهامة والوفاء وفعل الخير، وشهادة من معارفه بأنه كان رجل بر وصدقة، وإعانة لذي الحاجة، ففي رمضان الماضي أخبرته عن ذي كربة فما هي إلا أيام وإذا به يهاتفني من البنك لتحويل مبلغ كبير فرّج كربة من كرب ذلك المدين.

يقصر القلم عن وصف تواضع الرجل، ويقصر كذلك عن وصف جوده ووفائه وشهامته، وكنت أرى فيه مثالاً لخلق العربي، وجوده ووفائه، وشهامته، وإعانته لصاحب الحاجة: أخلاق كريم تراها واقعاً لو عشت مع الرجل، مع بُعد عن المظاهر التي أخفاها تحت تواضعه وحرصه على الصدقة بحيث لا تعلم شماله ما أنفقت يمنيه، وتلك شمائل لا يزيدها إلا أنك لا تلقاه إلا مبتسماً حتى إنك لتظن أنه ما عبس وجهه في يوم من الأيام.

جوده وكرمه مضرب مثل وبخاصة إذا سافرت معه، فهو يزيد على ذلك بأن يكون خادم الصحاب، ولو كانوا أصغر منه، وتلك سجية فيه أدركنا أنه لا يستطيع التخلي عنها.

لو أدري ما الذي جعلني أسأل عنه عندما لم أجد منزله مفتوحاً، ولكنه هاجس داخلي، حتى إنني رددت بعد وصول الخبر قول شوقي:

مررت بالمسجد المحزون أسأله

هل في المصلى أو المحراب مروان

فإغلاق المنزل الذي أجده مفتوحاً أثار في نفسي القلق.

رحل الفقيد ولم يبق له إلا العمل الصالح والدعاء الذي يدعوه كل صديق أو صاحب كربة فرجها، وحضور جنازته شاهد على مكانته، لقد مات جسماً وبقي ذكراً حسناً.

عليكَ تحية الرحمن تَتْرَى

برحمات غوادٍ رائحات

ولقد ضمت مقبرة النسيم جواداً من أجواد العرب، فرحمه الله، وعزاء لأولاده يساوي العزاء لأصدقائه ومن شمله بره.

 


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد