أحداث 11 سبتمبر الشهيرة التي أقدم عليها ثلة مارقة أياً كانت جنسياتها وغاياتها، أحدثت نقلة نوعية غير مكافئة في العلاقات الدولية ونظرة سوداوية أمريكية للعالم العربي والإسلامي بخاصة، أخذت العالم الإسلامي بجريرة هؤلاء المفسدين الذين تولاهم الشيطان برعايته، فانقلبت المفاهيم والمصطلحات، وأصبح مصطلح الإرهاب ملتصق بالمسلمين، بل بالإسلام وهو منه براء، ومنذ ذلك التاريخ والدولة العظمى توجه سهامها للدول العربية والإسلامية وتخلق الافتراءات والأكاذيب تحت مظلة محاربة الإرهاب، بدأت بأفغانستان ثم العراق وها هي تحيك المؤامرات للسودان بدعاوى مضللة انطلت على أشباه الكتاب لدينا، وغيرها قادم، الله به عليم. في خضم هذه الأحداث وإرهاصاتها الإقليمية، برز على صفحات صحفنا اليومية وعبر القنوات الفضائية المسيسة والمؤدلجة فكرياً وللأسف! من يأخذ بزمام تأطير دوافع هذه الأحداث ويلتمس لها المبررات بعيداً عن دوافعها المشاهدة والمقروءة، تنضح كتابات وتوجهات هؤلاء الكتبة ببصمات حب الأنا، والاستخفاف بعقل القارئ، ولوا أدبارهم عن المجرم الحقيقي، ووجهوا سهامهم الحاقدة للمجتمع ومؤسساته وبخاصة التعليمية ووصموها بالمغذية للإرهاب، أصبحوا كالببغاء يرددون ما يرمي به الأعداء قادة وعلماء هذه البلاد الطيبة التي قامت على التوحيد.
هدف هؤلاء النشاز النقد من أجل النقد، وحب الظهور، زين لهم الشيطان سوء أعمالهم وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعاً، قيل عن أحدهم، الخبير في شؤون القاعدة، وقيل عن الآخر، الخبير في شؤون الحركات الإسلامية، والخبراء أمثالهم كثر في مختلف التخصصات، كالخبير الاقتصادي والخبير الرياضي.. إلخ، ضحكت الصحافة ووسائل الإعلام الأخرى على ذقون هؤلاء المفتونين بأنفسهم، وذلك عندما ألبستهم القناع الكاذب، صدقوا أنفسهم، فوقعوا في حبل المصيدة، فأصبحوا شماتة للمجتمع، لو أنك اطلعت على سيرة البعض منهم، وجدته صغير السن، قليل الخبرة، فقير العلم والمعرفة، صفحاته التاريخية لا تؤهله بأن يكون حارس عمارة، فضلاً أن يكون خبيراً في شؤون كذا؟!، لكنه أراد أن يسلك أقصر الطريق المؤدية للشهرة التي تتوق لها نفسه، ولو كان على حساب دينه ومجتمعه وأخلاقه، فأصبح التزلف والنفاق والكذب شعاره ودثاره، ينتقي لمقالاته مصطلحات ربما لا يعرف مغزاها، عثر عليها في الموسوعات والمعاجم، وربما سلبها من غيره، انظروا يا رعاكم الله إلى أمثال هؤلاء في صحفنا اليومية، تمعنوا لما تسطره أقلامهم المزيفة والمستعارة، انظروا ما في الصفحات التي تفرد لهؤلاء المزيفين، لا يوجد ثمة فائدة يستفيد منها القارئ، سوى الازدراء بالدين والمجتمع، والولع بالغرب وحضارته، بل بلغ الزبى بأحدهم أن تنكر لعروبته ودينه وسخر من حضارة الإسلام، وفتن بالغرب وحضارته، رمى هذا المفتون وأمثاله المجتمع بالتخلف والضياع، وأصبح العلماء المعتبرون مادة سائغة لكتاباتهم السخيفة، لا يتورعون عن ذكر أسمائهم، ليس ثمة ما يفيد الوطن والمجتمع في أطروحاتهم، كلها تأليب وسباب في سباب واستخفاف بالعقول، تأزهم في ذلك شياطينهم.
والسؤال الذي يطرح نفسه، من أسبغ على هؤلاء المفتونين هذه الألقاب المزيفة (الخبير في شؤون القاعدة، والخبير في شؤون الحركات الإسلامية)؟ حتى أصبحت ملازمة لأسمائهم، من أين اكتسبوها؟..
ماذا يقال عن الخبراء الحقيقيين الذين شابت رؤوسهم ونحلت أجسامهم في البحث والدراسة؟ في نظري أن وسائل الإعلام المرئية والمقروءة والمسموعة لها دور كبير في تخريج أمثال هؤلاء ومنحهم شهادات مزيفة في هذه الألقاب الحساسة والمهمة، هذه الوسائل الإعلامية، بدون أدنى شك تظلم المجتمع قبل هؤلاء، تساهم في تسطيحه والاستخفاف به، عندما تقدم له هذه النماذج، التي تزعم أنها وطنية، وهي لا تعدو كونها كرتونية، بعيدة المصداقية، عديمة القبول عند القارئ المثقف.