Al Jazirah NewsPaper Thursday  22/07/2010 G Issue 13811
الخميس 10 شعبان 1431   العدد  13811
 
هذا هو العبد الفقير لربه «محمد آل طالب» رحمه الله

 

توفي والدي رحمه الله وأسكنه فسيح جناته بعد معاناته الطويلة مع المرض، وبعد صبره واحتسابه على ما أصابه راضياً بقضاء الله وقدره، متوكلاً على ربه فلسانه دائماً يلهج بالحمد لله وهذه إرادة الله وفوّضت أمري إلى الله، فلله الحمد على ما قدّر، ولا نقول إلا {إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ}، وبعد مضيّ شهر من وفاته أحببت أن أذكر باختصار بعضاً من سيرة حياته وجوانبها المضيئة، لكي يطّلع عليها المحبون ويستفيد منها أبناؤه والمقتدون، ويُدعى له بالرحمة والقبول.

هو محمد بن عبدالله بن زيد بن فرحان بن راشد آل طالب، ولد في حوطة بني تميم عام 1368هـ ووالدته هي مريم بنت إبراهيم المبارك التميمي، توفيت والدته وهو ابن أربع سنين.

نشأ وتربى وترعرع في كنف والده رحمه الله حيث حرص على تعليمه القرآن والقراءة والكتابة، فوالده كان إمام مسجد خضار بالحوطة، وهو محبٌ للعلم والعلماء والأدباء وكان مجلسه يزخر دائماً بالفائدة العلمية والقطع الأدبية، ويحضر مجلسه الكثير من العلماء والأدباء.

من هنا استفاد الوالد رحمه الله من ملازمة والده الفوائد التربوية والعلمية والأدبية وأثرت عليه في جوانب حياته.

كما أن الوالد رحمه الله التحق بالمدارس النظامية حيث درس في مدرسة خضار بالحوطة وحصل على الشهادة الابتدائية عام 1382هـ، وفي عام 1383هـ انتقل إلى الرياض لمواصلة تعليمه فدرس في معهد إمام الدعوة نهاراً وبالمتوسطة الثانية ليلاً طلباً للعلم والفائدة، ونجح في سنته الأولى فيهما جميعاً، ونظراً للظروف الحياتية والمعيشية انقطع عن الدراسة نهاراً وواصل في المتوسطة ليلاً وحصل على شهادة الكفاءة عام 1386هـ، ثم حصل على شهادة إعداد المعلمين عام 1389هـ، وبعد ذلك التحق بسلك التعليم حيث باشر العمل على وظيفة معلم وذلك في مدرسة هجرة سلامة بن سعيدان بتاريخ 1-7-1389هـ، ثم بعد ذلك واصل تعليمه حيث حصل على شهادة الكلية المتوسطة لإعداد المعلمين سنة 1401هـ، واستمر في عمله بالتعليم إلى أن تقاعد بتاريخ 9-10-1420هـ تقاعداً مبكراً بعد أن خدم في التعليم 31 سنة.

مناقبه وآثاره

كان رحمه الله مهيب المجلس، قليل الكلام صادق الحديث، صبوراً على المصائب، يحب في الله ويبغض في الله، محباً للعلم وأهله، واصلاً لرحمه واصلاً ومحباً لأصدقاء أبيه، كان لا يجالس إلا الصالحين ولا يرضى لأبنائه إلا بمصاحبة الخيرين، محبوباً في أسرته مقدّماً في قبيلته، مذكوراً بالخير من صغره وحتى وفاته، يحرص دائماً على فعل الطاعات ويسعى للبعد عن المعاصي والمنكرات أمّ المصلين سنوات طوالا قرابة ثلاثين سنة، يسعى دائماً للإخلاص ويبتعد عن السمعة والرياء، إذا عمل عملاً لا يحب أن يُتكلم به أو يطلع عليه أحد، يحيي ليله بالصلاة والعبادة، واصلا للحرم الشريف لم يقاطعه لا في صغره ولا في مرضه، قارئا للقرآن يتلذذ به، كتب على غلاف مصحفه واعظاً نفسه وشاحناً لهمتها (سبحان الله تزينت الجنة للخطاب فجدوا في تحصيل المهر)، ملحاحاً في دعائه لربه في الرخاء والشدة، ففي مرض وفاته وفي مرات متكررة كان يفقد وعيه لعدة أيام فإذا وعى فما ينطق لسانه إلا بحمد الله ودعاء ربه ب (ياذا الجلال والإكرام يا حي يا قيوم) لساعات طوال ولم يتوقف لسانه حتى يعجز عن تحريكه، أوصى أبناءه في آخر حياته بالصلاة، والتآخي والترابط فيما بينهم، وأن يلزموا الصمت ويقلوا الكلام.

مرضه ووفاته:

الابتلاء سنّة من سنن الله تعالى في هذا الكون، يبتلي بها عباده، فعن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال: قلت يا رسول الله، أي الناس أشد بلاءً؟ قال: الأنبياء ثم الأمثل فالأمثل، فيبتلى الرجل على حسب دينه فإن كان دينه صلباً اشتد بلاؤه، وإن كان في دينه رقة ابتلي على حسب دينه، فما يبرح البلاء بالعبد حتى يتركه يمشي على الأرض ما عليه خطيئة. (رواه النسائي والترمذي وابن ماجه وأحمد والدرامي والبيهقي وأبو يعلى والطيالسي وابن حبان والحاكم).

ابتلي الوالد رحمه الله على مدى سنوات طويلة بابتلاءات وأمراضٍ عدة فقد عانى رحمه الله في سنواته الأخيرة من أمراضٍ في الكلى والكبد وغيرها كان خلالها صابراً محتسباً متوكلاً على الله باذلاً للأسباب، أسأل الله أن يجزيه جزاء الصابرين، في الأشهر الأخيرة من حياته أُدخل المستشفى نظراً لتردي وضعه الصحي ثم نُقل بعد ذلك إلى جمهورية ألمانيا للعلاج ولكنه توفي هناك في يوم الاثنين 2-7-1431هـ نرجو من الله عز وجل أن يغفر ذنبه وأن يتغمده بواسع رحمته، وأن يجعله من الشهداء، حيث روى أبو هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال «الشهداء خمسة: المبطون، والمطعون، والغريق، وصاحب الهدم، والشهيد في سبيل الله» أخرجه مالك والبخاري ومسلم.

أسأل الله عز وجل وأرجوه أن يغفر لوالدي ووالدتي وأن يجمعنا بهما في الفردوس الأعلى من الجنة، وأن يجعل ما أصابهما تكفيراً لسيئاتهما ورفعة في درجاتهما، وختاماً أقول كما قال الله عز وجلّ: { وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا} (24) سورة الإسراء

عبدالله بن محمد بن عبدالله آل طالب


 


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد