Al Jazirah NewsPaper Thursday  29/07/2010 G Issue 13818
الخميس 17 شعبان 1431   العدد  13818
 
المستجير من الرمضاء بالديون
علي الخزيم

 

صيف حار ومدن مزدحمة بالناس والسيارات والمباني المرتفعة مما يزيد درجة الحرارة ارتفاعا والأنفس ضيقاً والأعصاب توتراً؛ والنتيجة أخلاق غير معتادة لا يجد حتى صاحبها تفسيراً منطقياً حاضراً لصدورها منه، وبعد سكون النفس مع تناول مرطب أمام مكيف للهواء يستعيد ما سلف من تصرفاته فيبتسم من نفسه لنفسه، فهو ليس بالبذيء ولا الأحمق وعادته تقدير الآخرين، فما الذي حدث؟! إنها الحرارة غيَّرت موازين العقل وقلبت صفاء النفس لتبدو منا تلك التصرفات الخارجة عمَّا ألفناه عن أنفسنا وعهدناه من اعتدال مشاعرنا، فما الحل إذن ؟ ربما يكون في إجازة استجمامية في ربوع بلادي أو ربوع (بلاد العرب أوطاني)، ولكن إن حصلنا على إجازة من العمل فكيف نوفر مصاريف الرحلة التي يبدو للجميع أنها في ربوعنا وفي بلاد العرب باهظة التكاليف، وهذه المعضلة لم تدرج في جدول اجتماعات دول مجلس التعاون الخليجي ولا الجامعة العربية، هناك حل آخر بامتطاء صهوة أول طائرة من أرخص شركات الطيران إلى الربوع الآسيوية أو الأطراف الأوروبية الشرقية، ولكن - أيضاً - عند البعض حواجز لغوية ثقافية يرون أنها تمنعهم من تجاوز حدود (بلاد العرب أوطاني)، والحل هنا بتطبيق مقولة: من بقي في داره حفظ مقداره، ولسنا مجبرين أن نمد الرجلين أكثر من حدود اللحاف، ومن أراد أن يمدها ولا يبالي فلا يأتي في العشر الأواخر من رمضان ليشتكي للبعض ضيق ذات اليد وأن الظروف القاسية قد أحاطت به وأنه اضطر لبيع السيارة و لا يجد الآن قيمة إيجار المنزل ولا مصروف العيد والمدارس على الأبواب وإن الله لا يضيع أجر من أحسن عملاً !!

وبالمناسبة سترون في العشر الأواخر من رمضان في الرسائل الواردة على جوالاتكم رسائل عجيبة مبتكرة ظهرت في الآونة الأخيرة مثل: أبلغني ثقة أن أسرة لديها عدد من الأيتام بحاجة إلى أكياس رز وكرتونين دجاج وزن ألف غرام، ولديها فواتير كهرباء وجوال لم تسدد بسبب الحاجة وضيق ذات اليد، ورسالة أخرى: عندنا خمس عربات للمعاقين في الحرم سارع إلى دفع ثمنها إني أراك من المحسنين، وتتكاثر الرسائل وكلها تطلب أشياء قد تكون غير منطقية، والغريب أن بعض المتسولين بالرسائل يطلب منك الرد برسالة إن لم ترغب المشاركة أو التسديد والسبب لم أعرفه حتى الآن (لماذا يطلبون الرد)؟ هناك سبب بالتأكيد وهو ضمن المخطط، أنا والله لست ضد عمل الخير والإحسان لكني ضد (الاستهبال) والشبهات، فأبواب الخير وسبله وقنواته معروفة لكل من أراد أن يتزكى ويتصدق ويتبرع، فلسنا بحاجة إلى غرباء و مجهولين يدفعوننا لتقديم أموال لجهات غير معروفة ولأهداف غير مؤكدة، والملفت أن صيغ أكثر رسائلهم قد أعدت بعناية وتلامس المشاعر وقد ينخدع بها كثيرون، إذ لا دليل ولا برهان على ما يقولون، ومن السذاجة أن ندفع على نية الإحسان وأن القابض يتحمل الذنب، فالتحري في مثل هذه الأمور من حسن الفطنة.



 


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد