Al Jazirah NewsPaper Saturday  31/07/2010 G Issue 13820
السبت 19 شعبان 1431   العدد  13820
 
جسر العناء، وعناء السفر
فضل بن سعد البوعينين

 

اختير للجسر الذي يربط السعودية بالبحرين اسم «جسر المحبة» تأكيداً على عمق العلاقة التي تربط بين الدولتين والشعبين الشقيقين؛ إلا أن الجسر، ورغم حسناته، أصبح معبرا للمشكلات الاجتماعية، والأمنية، وبات أقرب إلى العناء منه إلى المحبة والصفاء. خلال الثلاث سنوات الماضية برزت ظاهرة الاعتداء على العوائل، والمركبات السعودية المتوقفة بطريقة غير معهودة من بعض الإخوة البحرينيين الذين لم يُعرَفُ عنهم إلا الطيبة والتسامح، وبات بعض رجال الأمن يمارسون التمييز في تعاملهم مع السعوديين على وجه الخصوص.

حادثة تعذيب مواطن سعودي من قبل ضابط أمن بحريني ليست «حادثة فردية» كما يُقال، بل هي حادثة ضمن حوادث متكررة لم تجد طريقها إلى وسائل الإعلام!. لو لم تقم قناة «العربية» ببث شريط الاعتداء والإدانة لما تحدث أحد عن الحادثة، ولربما أنكرها الجميع، اعتمادا على (نفي الجهات المسؤولة) في المملكة قبل البحرين. محاولة السعودي المكبل ركل الضابط البحريني لا يُسوغ اعتداء الضابط عليه بطريقة وحشيه؛ بل يجب عليه تطبيق القانون، واتباع الإجراءات التي تنص على تسجيل محاولة الاعتداء ضمن محضر الحادثة وتقديمه للمحكمة؛ ربما يُقبل صدور تبرير الرد بالمثل من المتهم بالاعتداء اللا إنساني، إلا أنه لا يمكن قبوله من الوكيل المساعد للشؤون القانونية بوزارة الداخلية البحرينية ما قد يُعطي الحادثة غطاءً وقبولا رسميين.

مراكز التوقيف لا تخلو أبدا من سعوديين أُسيء إلهيم من حملة لواء الأمن لا من المواطنين، ولعلي أستشهد بالمتابعة الانتقائية للسيارات السعودية، واتهام المخالفين لأنظمة السير العارضة بتعاطي المسكرات، والتعامل معهم بقسوة وإجراء الفحص عليهم، وإن لم تبدُ عليهم علامات الاشتباه، وكأنما المسافر السعودي (متهم حتى تثبت براءته).

تنقل الصحف البحرينية أخباراً عن بعض المُعتدى عليهم في النوادي الليلية، يُعاملون بوحشية لفقدهم الإدراك، وربما لارتكابهم الخطيئة التي تُسوق عليهم علنا طمعا في المال. ما يرتكبه بعض السعوديين في النوادي الليلية هو أمر محرم، وفعل مُشين لا تقبل به النفس السوية، إلا أن القبول باحتضان تلك النوادي، التي لا يُرجى منها إلا الشر العظيم في الدنيا والآخرة، يجعل القائمون عليها شُركاء فيما يَصدُرُ عن روادها، ومُلزمون بتوفير الحماية الكافية لهم بعد فقدهم الإدراك والبصيرة. فالسعوديون باتوا لا يأمنون سلامتهم وهم أصحاء معافون، بعيدون عن الأماكن المشبوهة والخطرة، فكيف ببعض الطائشين من مرتادي تلك النوادي الخطرة ممن فقدوا العقل والإدراك، واتبعوا طريق الشيطان!. تطبيق القانون بعدالة على المخالفين هو الطريق الصحيح لمواجهة المخالفات القانونية المُرتكبة من قبل السعوديين وغيرهم من الجنسيات الأخرى، بعيدا عن الأفعال اللا إنسانية.

قد يربط البعض استهداف السعوديين بتصرفات استفزازية، أو مخالفات قانونية، تصدر من بعضهم، إلا أن الحقيقة تؤكد بأن الاستهداف يتجاوز المخالفين، إلى بعض المسافرين المسالمين ومنهم العوائل المحافظة. حوادث متنوعة لم تصل أسماعنا لأسباب متعددة، وما وصل منها من نماذج يؤكد على أن هناك خلل حقيقي في حماية السائح السعودي في البحرين، ودول عربية أخرى. أسلوب تعامل السفارات السعودية مع مواطنيها في الخارج ساعد على استضعافهم وإضاعة حقوقهم. يفتقر السائح السعودي إلى مظلة الحماية القُنصلية في الدول الخارجية التي يزورها، ويتنازل عن كثير من حقوقه المشروعة لإحساسه بالضعف في مواجهة الآخرين. تعامل السفارات الأجنبيه مواطنيها على أنهم أسوياء أتقياء ولو كان بعضهم أفسق الخلق، بل أنهم لا يخجلون في مقارعة الدول، وممارسة الضغط عليها من أجل إطلاق سراح مواطن مُدان قضائيا بتهريب المخدرات، أو قتل النفس التي حرم الله!. أما نحن، فنُعَامَل من قبل سفاراتنا على أننا مخطؤون مذنبون ولو كنا المظلومين.

البحرين ليست الدولة الوحيدة التي استُهدِفَ فيها سعوديون من قبل رجال الأمن، أوالمواطنين، بل هناك دول عربية أخرى اشتهرت باستهدافها للسعوديين، وتلفيق القضايا ضدهم، والزجّ ببعضهم في غياهب السجون دون محاكمة، ودون إبلاغ سفارتهم بأماكن توقيفهم. الحوادث المنظمة ضد السعوديين في سوريا ما زالت تحدث بشكل روتيني دون أن يكون هناك تدخلٌ حازمٌ من قبل السفارة السعودية، أو الأمن السوري. حادثة الاعتداء البشع على سعودي مقيد اليدين، وحوادث الاعتداء والسرقة الأخرى، في الدول العربية، يجب ألا تمرّ مرور الكرام، فالانتصار لأولئك المُستضعفين هو انتصار للإنسان وكرامته، ولحقوقة، وللسيادة أيضا، إلا أن تكون حقوق السعوديين في الخارج مستباحة بسبب غياب الحماية الرسمية المرتبطة بالسفارات السعودية.

بقي أن أقول إن المسافر السعودي يجد لدى الدول الأوربية (الكافرة) من الاحترام والتقدير، وحفظ الحقوق ما لا يجده من الدول الإسلامية والعربية (الشقيقة والصديقة)، ويجد أيضاً من الدعم المؤسسي، والحماية القانونية في الدول الغربية مالا يجده من سفاراتنا في الخارج؛ والله المستعان.

F.ALBUAINAIN@HOTMAIL.COM


 


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد