Al Jazirah NewsPaper Saturday  31/07/2010 G Issue 13820
السبت 19 شعبان 1431   العدد  13820
 
مدائن
تأنيث الوظائف النسائية
د. عبدالعزيز جار الله الجار الله

 

توحيد الخطط والإجراءات والهياكل والأدلة التنظيمية والرؤية الإستراتيجية الموحدة في الوزارات تقوم بنيتها على قطاعين كبيرين هو مطلب تنظيمي ومطلب مالي وإداري لمنع الازدواجية والهدر المالي.. ووزارة التربية والتعليم تمر هذه الأيام بمخاض صعب وعسير في توحيد إدارتها لتتوافق مع نظام المناطق بالمملكة بتحويل إداراتها من (83) إدارة إلى (13) إدارة، وهذا في جوانبه النظرية إجراء تصحيحي لأنه في سياق وزارات الدولة الأخرى التي أوجدت إدارات عموم في مقر المناطق ومكاتب وفروع في المحافظات، لكن ما يمكن تطبيقه في وزارات: الصحة، والشؤون الإسلامية، والتجارة، والمياه وغيرها لا يمكن تطبيقه في وزارة التربية والتعليم، وهذا يعود لخصوصية المجتمع المتماشية مع تعاليم ديننا الحنيف الذي يوجب الفصل وعدم الاختلاط في المدارس.. يضاف إلى ذلك، أن القوى العاملة في قطاع التعليم نصف مليون معلم ومعلمة وموظف، ومرشح أن يصل في السنوات القادمة إلى رقم أكبر من هذا..

عندما قاد الملك فيصل -يرحمه الله- في أوائل الثمانينيات الهجرية الستينيات الميلادية حملة نشر تعليم المرأة في المدن والقرى، وعلى طول جغرافية المملكة، كان المجتمع لتوه خارجا من البادية والريف والهجر والقرى، وكانت الأمية نسبتها عالية في المجتمع بين الذكور والإناث، مما اضطر الملك فيصل أن يستخدم عدة أساليب للحوار والإقناع وقوة النظام لافتتاح المدارس، فخطط أن يكون للمرأة قطاع خاص بها الرئاسة العامة لتعليم البنات يرعى شؤونها التعليمية، ويطور ذاتها ويدعمها، فخصص لها ميزانية مماثلة لميزانية وزارة المعارف، وأعطيت نفس الحقوق والميزات والمكافآت..

وعندما وجه خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله إلى دمج رئاسة تعليم البنات بوزارة المعارف لتصبح وزارة التربية والتعليم جاء التوجيه متمماً ومطوراً للقرار السابق بإنشاء رئاسة تعليم البنات ليأتي الأمر السامي بدمج الرئاسة بالوزارة وجعلها قطاعين كبيرين بنائبين: نائبة لشؤون البنات ونائب لشؤون البنين وميزانيتين منفصلتين: ميزانية لقطاع البنين وأخرى للبنات، وبأرقام متقاربة تقريباً فكان الدمج بالقيادة العليا أن يكون وزيرها وزيراً واحداً ودمج الخطط الدراسية واللوائح والأنظمة والأدلة الإجرائية والتسريع في تأنيث الوظائف النسائية حتى كان متوقعاً ترشيح وكيلة وزارة ومديرة للتعليم وأصبح شؤون البنات مهيئاً لتلك التغيرات والتطورات الإيجابية.. وفي المرحلة الحالية يعيش جهاز شؤون البنات حالات التسرب وهجرة القيادات التعليمية والإدارية الحاصلين على درجة علمية هجرة إلى الجامعات حيث الوضع المالي والمحفزات والمكافآت والمناصب الأكاديمية.. وهذا التسرب والهجرة يتزامن مع الإجراءات الأخيرة من التباطؤ في التأنيث والخطوات الإجرائية في توحيد إدارات التعليم على حساب تعليم البنات وسيزداد التسرب إذا استمر توحيد إدارات التعليم للبقية الباقية، والذي نتج عنه تقليص فرص المراتب والمناصب إذا لم يعاد النظر في حماية الوظائف النسائية و(تسكين) منسوبات التعليم وظائف شؤون البنات ابتداءً بوظائف وكيلات الوزارة ومديرات التعليم ومديرات العموم وحتى رئاسة الأقسام..

ندرك جميعاً أهمية المشاركة الجماعية بين الرجال والنساء لإنجاز مهام الوزارة وبوجود قطاعين منفصلين يعزز التباعد بين القيادتين الرجالية والنسائية، والتعارض مع فكرة توحيد الوزارة، وهذه معضلة، ولكن هناك إجراءات قد تقلل الفارق والتباعد، وهي وجود الوزير على هرم السلطة الذي يحافظ على وحدة القطاعين وتعيين مشرف عام على الإدارية والمالية ترتبط به الإدارتان الماليتان وتوحيد الوكالتين التطوير والتخطيط ووكالة المباني، كما هي الآن، وإيجاد وكيل مساعد من قطاع البنات للتخطيط والمباني كل ذلك يحافظ على وحدة الوزارة.

تعليم البنات أدى دوره خلال نصف قرن، ويفترض أن يطور بإعطائه المزيد من الوظائف العليا والمناصب القيادية والأنظمة التي تساعده على التوسع وفتح الفرص الوظيفية أمام المرأة لا أن يقلص وتتم إذابته بجهاز الوزارة وإدارات تعليم البنين.



 


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد