Al Jazirah NewsPaper Saturday  31/07/2010 G Issue 13820
السبت 19 شعبان 1431   العدد  13820
 
المسكوت عنه
متى تلتفت الحكومة إلى خطر حرمان السعودي من الخبرات الأجنبية ؟
د. حمزة بن محمد السالم

 

لم يتقدم الغرب واليابان في يوم أو يومين بل في قرن وقرنين. ونهوض نمور آسيا والصين والهند في عقد أو عقدين من الزمن لم يكن هكذا من عند أنفسهم، ولكن باستجلابها لخبرات الأجنبي إلى بلادها. فالصين والهند استجلبا المصانع والشركات الأجنبية لأراضيهم بعمالة وطنية لكي يكتسب أبناؤهما في عقد من الزمن ما حصله الأجنبي في قرن من الزمان. وكذا فعلت نمور آسيا بنموذج مختلف بأن ملكوا الأجنبي بلادهم اقتصاديا لفترة من الزمن حتى تعلموا منهم فنونهم واكتسبوا منهم خبراتهم ثم انطلقوا من حيث انتهى الأجنبي، فتقدموا عليه في كثير من الأمور. فماذا عن بلاد العرب وماذا عن بلادي؟ فآه ثم آه على بلادي.

من الشواهد التي وقفت عليها بنفسي هي شركة استشارية عالمية أتت إلى البلاد من أجل تأسيس مركز استشاري معلوماتي دائم في المملكة. أتت هذه الشركة بعقد مدته ثلاث سنوات يتم خلالها تأسيس المركز ومن ثم تسليمه للسعوديين بعد تأهيلهم. فكان الاتفاق ينص على أن السنة الأولى يتم فيها تجهيز وإعداد المركز وتوظيف السعوديين والبدء بتنفيذ المهام. وحيث إن المهام مستمرة فإن السنة الثانية يجب أن تنفذ فيها المهام على يد سعوديين ولكن بإشراف وإعانة من خبراء الشركة. ونص العقد على أن السنة الثالثة ستكون سعودية تماما ومهمة الشركة المساعدة عند الحاجة ثم المغادرة وقد خلفت وراءها هذه الخبرات الفنية. فما الذي حدث؟

أتى مدير للشركة له خبرة سابقة ثم وظفت الشركة خريجين للتو صغارا جددا من جميع أنحاء العالم ما عدا من السعودية لكي يتعلموا فينا وفي بلادنا تحت إشراف الخبير، وكأن الشرط كان بأن يكون الموظف أزرق العين أشقر الشعر لا يتحدث العربية. هذه الشركة الاستشارية وغيرها التي وقعت عقدا بأن تغادر بعد ثلاث سنوات والتي قد مضت لم تغادر، ولن تغادر لأنها لم تمكن ابن الوطن من اكتساب الخبرة متحججة بأعذار واهية وقد أمنت جانب الغفلة فينا، وبذلك كسبت عقدا آخر لتؤسس مركزا آخر كالمركز التي نزعم بأننا أسسناه ونحن نخادع أنفسنا، فالذي أسس هذا المركز والذي يملكه هو شركة أجنبية ينتهي المركز برحيلها. الشركة لم توظف خبراء أجانب بل خريجين جددا أجانب، وأقسم بأن متوسط خريج جامعة الأمير سلطان أفضل منهم لو أتيح له ما أتيح للأجانب الجدد من منهجية وتوجيه. أفلا يوجد من خريجينا من يمكن توظيفه لاكتساب الخبرة من الشركة، ولا نرضى فقط بأن تقتصر الشركة بالدفع لموظفين لا يعملون معها لإسكات الجهات المتعاقدة معها. الخبرة وتعلم المهارات الفنية وليس إعطاء رواتب لبعض السعوديين يعملون خارج الشركة هي ما ندفع من أجلها تكاليف الاستشاري الأجنبي أضعافا مضاعفة. نعم قد تكون الشركة قد وظفت كاتبا أو مهرجا يتكلم باسمها ولكنه لا يدرك ولا يعقل شيئا مما تفعله الشركة. هذه الشركة مجرد مثال يوجد أمثاله وأشباهه بالمئات في بلادنا، بل أكاد أجزم أن معظم وزاراتنا وهيئاتنا وحتى شركاتنا الخاصة لديهم مثل هذا النموذج بل ما هو أسوأ، وذكري لهذه الشركة الاستشارية خاصة دون غيرها لوقوفي عليها بنفسي وحديثي مع مدير الشركة نفسه.

إن مما سُكت عنه أن هم الوطن وأبناء الوطن لا يقع ضمن أوليات كثير من المسؤولين في بلادنا، فموظف الحكومة همه سمعته الوظيفية والخاص همه تحقيق الربح، ولا عجب فنحن أحفاد ثقافة قال قائلها» إذا مت ظمآنا فلا نزل القطر». وثقافة هذه شعارها تستوجب فرض الرقابة الحكومية الصارمة على عقود الشركات الأجنبية تلزمهم بنقل الخبرات للسعوديين.



 


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد