لقد دهشت ضحى أحد الأيام التي كنت جالساً في مكتب مدير عام فرع الأحوال المدنية بمنطقة الرياض: الأخ الأستاذ زيد بن راشد التميمي. يدخل على هذا المسؤول مراجعون كثر من كافة الأعمار والمستويات الثقافية ومن ذوي الحاجات المتنوعة والمتعددة وربما المتباينة.

ولقد لاحظت في هذا الرجل أريحية وتفانياً في العمل وتميزاً في أسلوب التعامل مع المراجعين، وذلك لا يستغرب من مسؤول عند مستوى المسؤولية والأمانة التي أوكلها إليه ولاة الأمر. لقد تجاذبت معه شأناً، بل شؤون الأحوال المدنية، التي تمس حياة كل فرد بغض النظر عن جنسه وعمره وعمله وموطنه وأصله وفصله.. شيء جميل أن نرى مواطناً مخلصاً يعمل بلا كلل ولا ملل ويتعامل مع المواطنين وغيرهم بكل ذوق وبكل احترام، كما لحظت طريقة إدارته ومحادثته ومحاورته مع الموظفين لديه التي تتميز بالحوار الهادئ والمنطقي، مما يزرع الثقة في نفوس من يعمل معه. أما شأن الأحوال المدنية وخدماتها للمواطنين فذو شجون، فمن أين أبدأ وكيف أنتهي، ولكنني سأحاول قدر ما استطعت.

لقد مر مرفق الأحوال المدنية في وطننا بمراحل وتطور خلال فترة قصيرة من الزمن وأصبح اليوم، بدعم من المسؤولين، يواكب التطورات الحديثة في مجال الحاسوب وشبكة «الإنترنت»، ألسنا سائرين نحو حكومة إلكترونية؟.. تعال معي قارئي الكريم لأسرد لك، على عجالة، ما تقدمه مصلحة الأحوال عبر بوابتها الإلكترونية: خدمة بطاقة الهوية الوطنية، أو ما هو متعارف عليها باسم «بطاقة الأحوال»؛ ومن المعلوم أنها بطاقة إلزامية لكل مواطن عند بلوغه السابعة عشرة من عمره وتجدد كل عشر سنوات، ثم خدمة شهادة الميلاد، التي هي الأخرى إلزامية لكل مولود يولد على أراضي المملكة من المواطنين والمقيمين على حد سواء. والمهام والخدمات المرتبطة بأحوال الناس المدنية لا تكاد تنتهي، فعلى سبيل المثال لا الحصر هناك خدمة خاصة بتعديل المهنة في السجل المدني للمواطن وهي خدمة اختيارية، ثم هنالك خدمة إلزامية وهي شهادة الوفاة، إذ على ذوي المتوفى الحصول عليها.. وخدمة الجنسية لمن أراد أن يتقدم للحصول على الجنسية السعودية. أما ما يطرأ من تغييرات على سجل الأسرة فعلى رئيسها تسجيل ذلك من زواج ومواليد وطلاق.

ومن الخدمات الرائعة التي تقوم بها إدارة الإشراف النسائي بالأحوال المدنية، تلكم المخصصة لإصدار وتجديد بطاقة الهوية الوطنية «بطاقة الأحوال» بنظام الطباعة المركزية لمنسوبات شئون تعليم البنات بوزارة التربية والتعليم، وهذه الوحدة المتنقلة تعمل لفترة مؤقتة ثم تنتقل لمواقع أخرى. كما علمت أيضاً أن خدمات الأحوال في منطقة الرياض ستعمل على تقديم الخدمة في القطاعات الكبيرة من المؤسسات الحكومية، وذلك الإجراء من شأنه دعم قطاع منسوبي الخدمة المدنية ولربما العسكرية كذلك. وتشغيل الوحدات المتنقلة التي تسعى الإدارة العامة للأحوال المدنية إلى إيصالها أينما يوجد الناس: في المستشفيات والجامعات والمدارس، ولربما للسجون، وفي الوزارات والمؤسسات العامة والخاصة. إن ذلكم ليدل على نهج حضاري مميز ويعتبر عملاً رائعاً ومميزاً يخدم فيه المواطن والمقيم. هذا المبدأ المبني على شعار «إذا لم تستطع المجيء إلينا فسوف نأتي إليك» أعتبره أمراً حضارياً مميزاً وعلامة على أن ثمة من يعمل لصالح الوطن ومواطنيه والمقيمين فيه. وظاهرة وجود الخدمات المتنقلة ليست جديدة على وطننا، إذ إن هنالك خدمات الإخلاء الطبي التابع لمستشفى القوات المسلحة وكذلك وحدات الفحص الطبي المتنقلة التابعة لوزارة الصحة ووحدات التبرع بالدم التي يسيرها الهلال الأحمر السعودي.

وأختم بذكر لبعض الخدمات الإلكترونية في قطاع الأحوال المدنية، وقد يكون فيه الإعادة إفادة، إذ تشمل: إصدار وتجديد الهوية للرجال والنساء، إصدار وتجديد سجل الأسرة، تسجيل المواليد و شهادة الوفاة للسعوديين ولغير السعوديين، تسجيل وقائع الزواج والطلاق. وإذا كانت أمثال هذه الإجراءات من شأنها تسهيل أمور المواطنين والمقيمين، فيبقى علينا أن نقدر هذا الجهد وأن نقوم بواجبنا، أفراد مجتمع يطمع في التجديد، ولنكن مجتمعاً صالحاً وواعياً ومقدراً للمسؤولية تجاه وطننا، والله خير معين وهو المستعان. والموقع للأحوال المدنية هو: (http://www.ahwal.gov.sa).