Al Jazirah NewsPaper Sunday  01/08/2010 G Issue 13821
الأحد 20 شعبان 1431   العدد  13821
 
الإسراف في الولائم
د. علي سعيد محمد آل صبر

 

الوليمة مأخوذة من الولم وهو تمام الشيء واجتماعه على كل طعام لسرور وخلافه ولكن هنالك مقاييس يجب أن تؤخذ بعين الاعتبار لكي لا تصبح هذه الولائم إثما وذنبا، يقول الله تعالى:{وكُلُواْ وَاشْرَبُواْ وَلاَ تُسْرِفُواْ} وقوله تعالى: {وَلاَ تُبَذِّرْ تَبْذِيراً {26} إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُواْ إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُوراً}، لذا يجب الحذر من الإسراف في الولائم وخاصة ولائم الأفراح والمناسبات الكبيرة، فالإسلام دين العدل والتوسط.. وما نشاهده الآن من الخروج على المألوف والإسراف والبذخ والتباهي في هذه الولائم وتقليد الآخرين، وما نراه من التوسع في الإسراف أمر غير محمود وتكلف لا ترتضيه الشريعة الإسلامية، وحري بالمسلمين أن يتدبروا هدي الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم في قوله (أولم ولو بشاة).

من هذا المنطلق نرى أن للولائم شروطا ومقاييس في ديننا يجب أن لا نتخطاها فتكون داء فتاكاً يهدم الأمم والمجتمعات، ففيه تبديد للثروة الحيوانية والأموال والثروات. ومن سلبيات الإسراف إحاطة الذنب بالمسرف وتوخي العقوبة والمبليات العاجلة والآجلة. والترف الذي ذمه الله تعالى وتوعد أهله في كتابه إذ قال تعالى: {وَأَصْحَابُ الشِّمَالِ مَا أَصْحَابُ الشِّمَالِ{41} فِي سَمُومٍ وَحَمِيمٍ{42} وَظِلٍّ مِّن يَحْمُومٍ{43} لَّا بَارِدٍ وَلَا كَرِيمٍ{44} إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُتْرَفِينَ{45}} فإياكم يا عباد الله أن تكونوا من المترفين.

إن الإسراف في مثل هذه الولائم سبب من أسباب الكبر والمخيلة.. قال صلى الله عليه وسلم (كلوا واشربوا وتصدقوا من غير سرف ولا مخيلة) ولندرك أننا مسؤولون عن كل هذه النعم وأين تذهب ولمن تعطى..

كان صلى الله عليه وسلم وصاحبه أبو بكر رضي الله عنه على إحدى الولائم عند أحد من أصحابه وقد ذبح عناقاً صغيرة ولما قام عليه الصلاة والسلام وأبو بكر ما زال على المائدة قال له الحبيب: يا أبا بكر والله إنا لمسؤولون عن هذه النعم.

نعم إننا لمسؤولون عن بقايا الأكل الذي تستقبله أكياس النفايات صباح مساء وهنالك من يحتاج إلى النذر اليسير من هذه الولائم.. هنالك الأيتام والأرامل والفقراء والمحتاجون أحوج ما يكونون لمثل هذه الولائم، وتوصيل ولو جزء يسيرا من الكميات الكبيرة المهدرة في أكياس النفايات لهم أفضل من رميه.

لنجعل تلك الفئة تحس بالتكافل الاجتماعي ولنكن من الشاكرين لأنعم الله لتكون هذه النعم حصناً وخيراً لنا من أن تكون شراً وبلاء علينا، نسأل الله السلامة. وفي حديث المغيرة قال: سمعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول (إن الله كره لكم ثلاثا.. قيل وقال.. وإضاعة المال.. وكثرة السؤال) رواه البخاري.

فإضاعة المال والتصرف فيه بإسراف من غير حق مصيره العذاب والنار. قال صلى الله عليه وسلم: (إن رجالاً يتخوضون في مال الله بغير حق فلهم النار يوم القيامة) فلنتق الله في أنفسنا وفي أموالنا وثرواتنا، ليبارك الله لنا فيها ولا نجعلها حطباً من حطب جهنم ونقمة قد تخص وتعم ولنجعل من أموالنا منبعاً للصدقات والعطاء ودرعاً لنا من الفقر والحاجة.

أبها


 


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد