Al Jazirah NewsPaper Sunday  01/08/2010 G Issue 13821
الأحد 20 شعبان 1431   العدد  13821
 
القطاع الخاص الابن المدلل
بندر بن عبدالله السنيدي*

 

في برنامجه الشهير واجهة الصحافة، الذي عرض قبل أسابيع عدة، تتجاوز في عددها أصابع اليد، تألق المذيع الأخ العزيز داود الشريان؛ حيث استضاف من وجهاء القوم أناساً لهم مراكزهم المهمة في البلد أمثال الدكتور عبدالواحد الحميد نائب وزير العمل وكذلك الدكتور عبدالرحمن الزامل والدكتور علي بن ناصر الغفيص محافظ المؤسسة العامة للتعليم الفني والتدريب، وكان محور حديثهم عن البطالة، ذلك الشبح المخيف الذي تعانيه دول العالم قاطبة بدون استثناء؛ نظراً إلى الانفجار السكاني العالمي. حقيقةً، لم يكن لدي فكرة عن ذلك البرنامج، أقصد حلقة ذلك البرنامج ذلك اليوم، لولا أن أخبرني زميلي في الكلية بأن الموضوع حساس وجدير بالمشاهدة؛ كوني عضو هيئة تدريس في الكلية التقنية بالرياض، ويهمني الموضوع، وهو توظيف خريجي الكليات التقنية وتأهيلهم التأهيل المناسب للعمل في القطاع الخاص. راودتني الكتابة عن الموضوع وأنا أشاهد تلك الحلقة التي أعتقد أنها سلسلة من الحلقات الإعلامية التي تقدمها القنوات السعودية لإيجاد الحلول المناسبة لهذه المشكلة المعضلة. وقد أكون تأخرت في الكتابة عن الموضوع؛ نظراً إلى انشغالي في مجال عملي، خصوصا بعد عملية التقويم التي أقرت في التدريب بالكلية التقنية. تطرَّق ضيوف البرنامج الى الموضوع، كل في مجال تخصصه، فالدكتور عبدالواحد الحميد تحدّث عن استقدام العمالة الوافدة ونسبتها في وزارة العمل، أما الدكتور علي الغفيص فقد تكلّم عن الكليات التقنية ومخرجاتها من أجل العطاء والرقي بمستوى طلابها من قِبل المدربين، وأقصد بالمدربين المدرسين كما هو المسمى الجديد لهم، أما الدكتور عبدالرحمن الزامل فقد تحدث بحرقة عن القطاع الخاص بشكل عام والقطاع الصناعي بشكل خاص، وتبين حماسه للموضوع من خلال المعلومات التي أوردها عن القطاع الصناعي وإهماله المنتجات الوطنية، للأسف كتب الكثير عن الموضوع في صحف ورقية عديدة وكذلك إلكترونية، وأحببت الإفادة والإدلاء بدلوي من خلال صحيفة الجزيرة العزيزة على قلبي وقلب كل مواطن غيور على المملكة العربية السعودية.

حقيقة، الموضوع - وهو البطالة كما ذكرت - موضوع متشعب، وتشعبه يصل في النهاية إلى مواضيع عديدة، منها ما هو متعلق بوزارة العمل، وكذلك المؤسسة العامة للتعليم الفني والتدريب التقني والقطاع الخاص؛ حيث إن هذه القطاعات معنية بالدرجة الأولى للوقوف على المشكلة وإيجاد الحلول المناسبة لها.

لقد أنفقت الدولة الكثير والكثير من خلال منح وقروض وصلت مؤخرا إلى ما يقارب 30 ملياراً، بحسب تصريح وزير المالية الدكتور إبراهيم العساف، الذي أدلى به على هامش مؤتمر يوروموني عام 2010 بعد المكرمة الأخيرة من رجل الدولة الأول خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز؛ من أجل دعم القطاع الخاص وتحقيق الأهداف العامة لخطة التنمية التاسعة التي أُقرّت مؤخرا في جلسة مجلس الوزراء، ولكن للأسف فإن دور القطاع الخاص يحتاج إلى رقابة مُحْكمة دائمة من أجل فرض السعودة التي نتيجتها لم ينجح أحد.

والسؤال: كيف يتم نجاح برنامج السعودة والمصانع والشركات تتلاعب بأبناء البلد من خلال الضغط عليهم لترك العمل بأية طريقة كانت، بعد أن تجاوز مشروع السعودة في طرحه وتطبيقه بضع سنوات من عمره؟ يذكر لي أحد الزملاء، الذين يعملون في مركز خدمة المجتمع التابع للمؤسسة العامة للتعليم الفني والتدريب التقني، ما يندى له الجبين ويعتصر له القلب، خصوصاً بعد أن أعلن صندوق تنمية الموارد البشرية آلية يتم بموجبها دفع 50 % من رواتب مدد محددة للشباب السعودي الذين يتم توظيفهم عبر برنامج التدريب المنتهي بالتوظيف؛ بهدف تشجيع شركات ومؤسسات القطاع الخاص على المساهمة في توطين الوظائف ودفع عجلة السعودة، كل ذلك نظير التسهيلات التي تقدمها الدولة للقطاع الخاص، كذلك للحد من التهم الموجهة من رجال الأعمال إلى شبابنا بأنهم غير مؤهلين وأنهم متقاعسون عن العمل بجدية. من على منبر الجزيرة أدعو المسؤولين ممن يحملون همّ الشباب والوطن إلى زيارة بعض المصانع ليشاهدوا بأمّ أعينهم ما يعانيه الشاب من ضغوط خصوصاً بعد قُرب انتهاء المدة التي يدفع فيها صندوق الموارد البشرية نصف مرتب الشاب السعودي؛ كل ذلك من أجل التخلص من ذلك الشاب والظفر بآخر يكون نصف راتبه على حساب الدولة، فأي رد للجميل من القطاع الخاص مقابل هذا التعاون من الدولة؟ وأي طمع يعيشه التجار في المملكة العربية السعودية، بل إن ديدن بعض الشركات هو وضع المواطن السعودي العامل في القطاع الخاص في الواجهة للمنشأة حارس أمن مثلاً؛ كل ذلك من أجل إيهام الزائر بأن تلك المنشأة تحتضن أبناء الوطن، والعكس هو الصحيح لو تعمقت في كوادر تلك الشركة أو المؤسسة للأسف. فمن المبكي وليس هنالك مجال للضحك تجاه ما يرويه لي زميلي أن أحد كبار الموظفين في القطاع الخاص في شركة كبرى يقول بكل ثقة إن لدية ملفات لشباب سعودي يبحثون عن عمل وهي حبيسة أدراج مكتبه، وعند سؤاله هل هذا يعني عدم وجود وظائف لهم تتناسب ومؤهلاتهم؟ فرد قائلا: لا ولكني بصدد شغل تلك الوظائف بأقاربي من وطني!!!!

يا ترى أين صاحب المنشأة مما يحصل؟ قد يكون على أمر من اثنين: إما أنه على علم بذلك ويطمح إلى التقليل من مصاريف العمالة لديه، أو ربما يكون غافلاً عن الشركة أو المؤسسة وهمه الأول هو الكسب المادي فقط بعيداً كل البُعد عن وطنه لرد الجميل له.

ترددت كثيراً أو بالتحديد تأخرت كثيراً لأدلي بدلوي حيال الموضوع الحيوي والحساس في بلدي المملكة العربية السعودية، إلا أن خبرا نزل عليّ كالصاعقة قرأته في أحد المواقع الإلكترونية، مفاده أن ما يقارب سبعين مواطنا من حملة الشهادات العليا يعانون من البطالة، بل إن بعضهم وصل به الحال إلى أن يمتهن قيادة سيارة أجرة بعد أن ضاقت به السبل في الظفر بوظيفة تتناسب ومؤهلاته، كل ذلك حصل في مدينة جدة، وهذا ما هو ظاهر للعيان، فما بالك بما خفي فيما يخص الموضوع؟ رسالة موجهة إلى أصحاب القطاع الخاص فأقول: أين رد الجميل منكم لهذا البلد المعطاء؟

* محاضر لغة إنجليزية في الكلية التقنية بالرياض






 


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد