Al Jazirah NewsPaper Thursday  05/08/2010 G Issue 13825
الخميس 24 شعبان 1431   العدد  13825
 
العلاقات السعودية – الأمريكية المشي على حبل مشدود أو على أرض صلدة؟
د. عبد العزيز بن عبد اللطيف آل الشيخ

 

من المعلوم أن العلاقات البينية بين الدول تكون بين مد وجزر وفق الظروف والمستجدات بين بلد وآخر، أو وفق ما يستجد من تطورات قد لا يكون لأي من البلدين دخل بها.

وعلى أية حال لا بد وأن تبنى العلاقات على أرض صلدة ولا بد من ثمة مصالح متبادلة تؤخذ في الحسبان في المعادلة السياسية، الصعبة أحيانا والدقيقة أحيانا أخرى.

ولو استعرضنا العلاقات السياسية بين المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة الأمريكية لا نجد استثناء مما ذكر، أو بمعنى آخر تعتبر العلاقات بين البلدين تنضوي ضمن أطر سياسية، المحلية منها والإقليمية والدولية.

ولعل طالب العلوم السياسية يضع ضمن أولوياته في هذا المجال المفاهيم الأساسية التي من شأنها العمل على الربط بين التوجه السياسي للدولة والإطار الاجتماعي والاقتصادي للمجتمع، لا أن تكون الإرادة السياسية، أو مجرد التوجه السياسي للدولة، عبارة عن تعاملات سياسية وحسابات ذات منظور سياسي محض.

ومن استقراءات للمنحى السياسي لعدد من الدول الغربية نلحظ أن العديد من المعايير والموازنات المجتمعية توضع في الميزان، بينما الملاحظ في الموازنات السياسية للعديد من الدول النامية أن ليس ثمة معايير توضع ضمن الإستراتيجيات السياسية، ليس لعدم الرغبة في ذلك، ولكن ربما لعدم معرفة للاحتياجات المجتمعية ضمن هذه الدول، حيث إن فاقد الشيء لا يعطيه.

والنتيجة المتوقعة هي تمرير لقرارات وتوجهات سياسية لا تتجاوز بيروقراطية المؤسسة السياسية.

ويعود السبب، بشكل رئيس إلى أن المؤسسات المجتمعية، أو المؤسسات العامة، أو «المؤسسات الحكومية» تعمل بشكل متوازٍ، أو على طول خطوط متوازية لا تلتقي، وليس هذا فحسب بل لا تمد جذورها ضمن النسيج الاجتماعي.

أما وسيلة الربط مع المجتمع فإما أن تكون مفقودة أو في حاجة إلى درجة عالية من الكفاءة.

وفي حالة المملكة لدينا مجلس الشورى ليقوم بمثل هذه الوظيفة وغيرها، إلا أن تركيبته التنظيمية لا تؤهله للقيام بمهمة «تقنين» التعامل الثنائي الدولي لكونه لا يتجاوز مرحلة تقديم المشورة «للمؤسسة السياسية»، ويقصر عن كونه ممثلا بطريقة عملية لإرادة مجتمعية.

ولا تستطيع المؤسسات، المشابهة للبرلمانات المجتمعية، أن تقوم بهذه المهمة.

والملاحظ على «أشباه البرلمانات»، أنها تعمل بناء على ردود أفعال بدلا من مبادرات لقضايا مجتمعية.

والنتيجة المجملة أن تكون التوجهات السياسية «للمكينة السياسية» مفرغة من المضمون الاجتماعي، وإذا كان ذلك الأمر مفقودا فستظل علاقاتنا مع دولة كبرى، مثل الولايات المتحدة الأمريكية، مفرغة من مضمونها الاجتماعي، وسنظل نردد كلاماً لا يسمن مجتمعنا ولا يغنيه من جوع.

أعني أننا سوف نستمر في ترديد واجترار عبارات، خطابية رنانة، مثل: «علاقاتنا السياسية مبنية على أسس ثابتة»، «علاقاتنا قوية ومتينة»، «علاقاتنا متوازنة ومتعقلة».

وهذه العبارات وأمثالها لا تتجاوز كونها «إكليشيات سياسية» للاستهلاك المحلي ولامتصاص ضغوط سياسية وقتية، ولكنها لا تخاطب القضايا المجتمعية الحقيقية.

ولا يوجه اللوم للدولة الأخرى بقدر ما يوجه لنا حيث لا نضع على طاولة الاجتماعات الرؤى السياسية الوطنية المبنية على احتياجات مجتمعية حقيقية.

ولتوضيح ذلك هب أننا نريد «علاقات متوازنة» مع دولة مثل الولايات المتحدة، يجب أن يكون في أذهاننا توازنات اجتماعية واقتصادية تعود على مجتمعنا بالمنفعة وليس تعاملات سياسية ترجح مصلحة للطرف الآخر فقط.

ولن يتحقق ذلك الأمر إلا إذا كان لدى المفاوض السياسي الاحتياجات المجتمعية.

وقد يقال إن وزارة الخارجية تقوم بذلك من خلال اللجان الدولية المشتركة، ولكن هذه اللجان، مرة أخرى، ليس لها إرادة سياسية ولا تمتد جذورها للنسيج الاجتماعي.

وعوداً على بدء لابد من تحقيق ذلك من خلال المؤسسة البرلمانية، سواء بسواء مثلما تنطلق منه الدول المتعاملة معنا، إذ لا يمكن أن نتصور أن تعاملاتنا السياسية ستحقق الفائدة المجتمعية مع دولة من الدول طالما أن تعاملنا معها غير «مجذر» في النسيج الاجتماعي، أو ليس له امتداد مجتمعي، بل مبني على توجه لسياسة بيروقراطية محضة.

ستكون علاقاتنا متكافئة مع أمريكا، أو مع غيرها من الدول، عندما نعد للأمر عدته ويكون المجتمع ممثلا بشكل حقيقي بجميع فئاته وأطيافه في المعادلة السياسية، لا بصفة روتينية، عندها سيكون في مقدورنا أن نقوَم سياستنا مع دولة (أ) أو دولة (ب).

لقد ولى وقت استعراض المقولات المكررة واجترار الشعارات، عندها فقط نفرض احترامنا وإرادة دولتنا السياسية على الدول التي نتعامل ونوقع اتفاقيات معها.



 


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد