Al Jazirah NewsPaper Friday  06/08/2010 G Issue 13826
الجمعة 25 شعبان 1431   العدد  13826
 
شذرات اقتصادية
أميَّة وبطالة المرأة... وقفة تأمل
د. عبد العزيز إسماعيل داغستاني

 

نقلت جريدة «الوطن» في عددها الصادر يوم الاثنين 21 شعبان 1431هـ الجاري عن مدير الإدارة العامة لتعليم الكبار في وزارة التربية والتعليم، أن نسبة الأمية في المملكة العربية السعودية بين الذكور تبلغ 6.7% والإناث 18.2% بحسب الإحصاءات التي استخلصتها الوزارة - كما يقول - من مركز الإحصاءات العامة للتعداد السكاني حسب الأعمار.

وقد توقفتُ عند ارتفاع نسبة الأمية بين الإناث، ووصولها إلى هذه النسبة العالية، مقارنة بالذكور، وشعرتُ بحزن شديد، وتساءلتُ في نفسي كيف يحدث هذا في أُمَّة كلمة «إقرأ» التي وُجهتْ لكل الناس، ولم تفرق بين ذكر وأنثى. واسترجعت بيت الشعر الذي يقول إن «الأم مدرسة إذا أعددتها أعددت شعباً طيب الأعراق».

وأدركت بعد أن قرأت نسبة الأمية بين الإناث في المملكة العربية السعودية، أننا نعيش حالة تأزم حقيقية في مسألة المرأة، نعتقد غير ما نعمل، ونقول غير ما نضمر، ونتصرف عكس ما هو حق وطبيعي. ولهذا وصلنا إلى هذا الحال، وما زلنا نمارس هذه الوقفة غير المسئولة مع المرأة في بلادنا، ضاربين عرض الحائط بمبادئ ديننا الحنيف، وأهلية المرأة وحقوقها، وحقيقة أن المرأة نصف المجتمع، وأنها عنصر من عناصر الإنتاج تحتاج، تماماً كالرجل، إلى تعليم وتأهيل وتدريب، حتى يمكنها أن تشارك بفاعلية في عجلة الإنتاج. لأننا بكل بساطة، نمر بمرحلة تنموية نوعية تؤكد ضرورة تفعيل جميع عناصر الإنتاج وتحقيق الاستفادة القصوى منها، فالأجيال القادمة ستسألنا عن كل ما أعددناه لهم، ونحن نعيش هذه الوفرة التي أنعم الله بها علينا الآن، وعلينا استثمارها الاستثمار الأمثل، فنحن مؤتمنون عليها، وقادرون على ذلك بما حبانا الله عزَّ وجلَّ من عِلم ومعرفة وخبرة، ولا نحتاج فقط إلاَّ إلى إدراك ووعي حجم هذه المسئولية، والتصرف بعيداً عن هذا التأزم الذي نعيشه ويؤصِّله في المجتمع فئة أو جماعة تعيش خارج السياق الموضوعي للحياة.

وأحسب أنَّ مما يعزز ما أقول، هو ارتفاع نسبة البطالة بين الإناث، مقارنة ببطالة الذكور، إذ تكاد تتجاوز ثلاثة الأضعاف، وتصل إلى 30%. هذا مؤشر خطير يضع المرأة أمام مواجهة صعبة مع التطرف والجريمة والانحراف. وهذه ليست أوهاماً، أو إدعاءات، بل هي وقائع تحدث على أرض الواقع، ويستغلها المنحرفون فكرياً وأخلاقياً واجتماعياً. وهي في نهاية الأمر تنعكس بالضرورة على النسيج الاقتصادي، إذ إن لكل خلل اجتماعي تكلفة اقتصادية حقيقية، يجب التنبه إليها، وبالتالي معالجتها.

ونحمد الله عزَّ وجلَّ أنَّ قيادة هذا البلد، وولاة الأمر فيها، قد أولوا تعليم المرأة نصيباً وافراً من اهتماماتهم، وقد أخذ هذا الاهتمام مكانته في السنوات الأخيرة، ممثلاًَ في إعادة هيكلة وزارة التربية والتعليم، والتوسع في إنشاء الجامعات، وإثراء التعليم النوعي للمرأة السعودية بإنشاء جامعة الأميرة نورة بنت عبد الرحمن، والتوسع في ابتعاث الطالبات إلى الخارج. أمام هذه الحقائق نحتاج إلى وقفة تأمل.. وقفة نتجاوز فيها الذات، ونضع المصلحة العامة في المقام والاعتبار الأول.

رئيس (دار الدراسات الاقتصادية) - الرياض


بريد إلكتروني: (drdaghistani@yahoo.com)

 


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد