قال عبد الرحمن العبد الكريم في رثاء معالي الأخ الدكتور غازي القصيبي - رحمه الله -
|
دربُ الحياةِ إلى المَمَاتِ سبيل |
والعُمْرُ مهما زاد فهو قليل |
ومغالبُ الأيام يمضي مُجْهَداً |
سعياً إلى تعديلها فتميل |
ومنابرُ الأفذاذ تزخَرُ بهجة |
للنُّور في آفاقها إكليل |
(ومكلف الأيّام ضدَّ طِبَاعها) |
باغي الحَصَى مِ الرَّمل وهو مَهِيل |
يغري لميعُ بريقها ذا حُظوَةٍ |
رُتَبُ العلى تعنو له وتؤول |
حتى إذا خضعت ولان قيادُها |
وانساب منها للهناء سبيل |
وثَبَتْ بِوِتْرٍ لا يَريمُ تقحُّماً |
تغلي دماءُ سهامة فتسيل |
ما هذه الدنيا الدنيَّة إخوتي |
إلاّ عَوَارٍ للفناء تؤول |
فكأنها طيفٌ تقلَّّص ظلُّه |
وكأنها عِشبٌ عَرَاه ذبول |
بالأمس كان أبو سهيلٍ حاملاً |
عَلَماً به بين الصفوف يجول |
من أجل توظيف الشباب ولم يزل |
حتى اعترى بَدْرَ السماء أُفول |
فتكت به الأسقام رغم شبابه |
بِفُجاءَةٍ لَكأنّها تمثيل |
خَفِيَتْ فبانت فاستحرَّ أُوَارُها |
لم يُغْنِ فيها الفحص والتحليل |
غازي القصيبي مَنْ لنا بمثيله |
عزمٌ ورأيٌ ثاقبٌ وشُمُول |
غازي القصيبي دُرّة في جيله |
ما حاز - حَدْسِي - عَقلَهُ مسؤول |
غازي القصيبي في الإدارة شُعْلَةٌ |
عِلْمٌ ونُصحٌ واصلٌ موصول |
غازي القصيبي شاعرٌ أبياتُه |
دُررٌ تلألأ ما لهنَّ مثيل |
غازي القصيبي لا تكِلُّ جُهودُه |
شَهْمٌ على إخلاصه مجبول |
مَن لي بمثلك يا أبا يارا لنا |
هيهات للحَبْرِ العَزُوم بديل |
من لي بمثلك حين تنعَمِسُ الرُّؤى |
وعن الطريق المستقيم تشول |
من لي بمُثْرِي السَّاح رأياً نافعاً |
للمستنير إلى الصَّواب دليل |
صافي الضمير مُسالمٌ متواضعٌ |
مُتسامحٌ مِنهاجُه التنزيل |
كَلَّ اليراعُ عن اشتمال خِصاله |
والحِبْرُ جفّ فما يكاد يسيل |
حَبْرٌ يُجَالِد باليَراع ومِقْوَلٍ |
تزهو الفصاحة منه حين يقول |
قَدَرٌ أحاط بنادر حاز الذُّرَا |
يشفي القلوبَ حديثُه المعسول |
رَبَّاهُ أسكِنْه النَّعيم مُكَرَّماً |
فَرِضاك عنه إلهنا مأمُول |
وأتِحْ لنا عنه خليفةَ جَهْبَذٍ |
فَهِماً إذا غَمَرَ اللّجامَ شكيل |
|