Al Jazirah NewsPaper Sunday  22/08/2010 G Issue 13842
الأحد 12 رمضان 1431   العدد  13842
 
نزهات
ساعة مكّة لا تكفي!
يوسف المحيميد

 

كلما قرأت عن سرقة طفل، أو ضياعه في الحرم المكي، أشعر بغصّة وحزن، وها هي الطفلة «نمير» ذات الثلاثة عشر ربيعاً، وقد جاءت مع أهلها من جازان لأداء العمرة، قد اختفت بعد صلاة الفجر، وكالعادة يقول الخبر بأنها تعاني من عوارض نفسية، وربما لا يعنينا إن كان ذلك صحيحاً أم لا، لكن هذا الحرم، وأطهر بقاع الله في الأرض، وأكثرها أمنًا، ألا يجب أن يزوّد بنظام مراقبة عالي المستوى؟ صحيح أن الساعة الضخمة منحت مكّة خصوصية إسلامية جميلة، ورسّخت لتوقيت مكّة على المستوى العالمي، وأصبح لنا ساعتنا ولهم ساعتهم، كما لنا توقيتنا ولهم توقيتهم، ولنا تاريخنا وتقويمنا ولهم تاريخهم وتقويمهم، لكننا نريد أن يكون لنا أمننا كما لهم أمنهم أيضاً. كلّما تذكّرت الرصد العالي، عبر الكاميرات عالية الجودة، وأشرطة الفيديو التي سجّلت كل دقائق وتفاصيل اغتيال الناشط الفلسطيني المبحوح في دبي، ورصد الجناة منذ وصولهم إلى المطار، ودخولهم في الفندق الذي أقامت فيه الضحيّة، وتجولهم في ممراته، بل حتى المراكز التجارية التي زاروها في دبي، ومحاولاتهم في التنكّر، وتغيير الأزياء التي يرتدونها، أقول كلما تذكّرت ذلك، أو شاهدت برنامجاً تلفزيونياً عنه، أشعر بحسرة على مكان مقدّس يستحق أن تكون الكاميرات فيه ومن حوله، بل حتى مسافة عشرات الكيلومترات منه، كاميرات دقيقة وشغّالة، لأن ثمّة كاميرات تم وضعها منذ سنوات، ولا أحد يعرف إن كانت تعمل أم لا؟ فليس المهم تعليق كاميرات عفى عليها الزمن وأصبحت أعشاشاً للطيور، بل أن تكون حديثة، ويتم تحديثها باستمرار، والتأكد من فعاليتها، ودقّتها، وقدرات التخزين وحفظ المعلومات فيها وإمكانات الأرشفة، وتدريب فريق العمل الذي يدير ويشغّل هذه الكاميرات ويتابعها.

فهل يعقل أننا لم نزل نسمع عن سرقة أطفال أو اختفائهم؟ إلى حد أن أصبحت مكّة تثير خوف العائلات وهلعهم، بدلاً من أن تكون أكثر أماكن الدنيا أمناً؟ ألا يمكن أن تتغيّر وسائل الأمن وتصبح أكثر تطوراً؟ وهل يكفي رجال أمن بسطاء يقفون على أبواب الحرم المكي، يفتّشون الحقائب أحيانًا، أو الأكل الذي يدخله المعتمرون معهم؟.

في حادثة أتذكّرها، قد لا يتّسع المقال لذكر تفاصيلها، تخصّ مقيماً عربياً في بريطانيا، عاش فيها أكثر من عشرين عاماً، وقام بمساعدة صديق له من بلده، في تهريب أطفاله عن أمهم الإنجليزية، وذلك من منزلهم في شيفلد ببريطانيا إلى مطار شارل ديغول في فرنسا، وعند التحقيق معه أنكر أصلاً رؤيته لزميله العربي منذ شهر، وما أن أداروا له أشرطة التسجيل التلفزيوني الذي يدين تهريبه للأطفال وهو يقود سيارته بهم حتى بُهت، وأُسقط في يده، واعترف بجريمته كاملة، وحكم عليه بالسجن سنوات طويلة.

إذن، متى تخضع مكّة والحرم فيها إلى رصد تكنولوجي دقيق لما يجري فيها؟ ونتوقف عن قراءة أخبار فقدان طفل أو طفلة؟ ونتخفف من شائعات سرقة الأطفال التي تزداد في شهر رمضان الكريم في مكة المكرمة؟ ولا تقشعر أبداننا حينما نمرّ في الباحة خارج الحرم، ونرى طفلاً مشوّهاً، بيد مبتورة أو قدم معاقة، ونتخيّل أنه كان طفل عائلة آمنة، خطفه لصوص التسوّل ذات رمضان، وشوّهوه كي يجلب عطف المعتمرين والمصلّين، ويكسبون من ورائه مئات الآلاف!



 


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد