Al Jazirah NewsPaper Sunday  22/08/2010 G Issue 13842
الأحد 12 رمضان 1431   العدد  13842
 
وفي لبنان «جميجمة وتل الحيات» ياناصر وعبد الله!!
يوسف بن محمد العتيق

 

كعادة الكوميديا في إثارة موجة من الجدل الاجتماعي أثار النجمان ناصر القصبي، وعبد الله السدحان في مسلسل طاش 17 قضية طريفة وهي أسماء مدن وقرى سعودية تحمل أسماء قاسية -في نظرهما- وهذا جانب مطروح يقومان به وغيرهما في مناقشة مسميات بعض المدن والقرى وذلك في ظل سياق كوميدي، وإن كانت هذه المسميات قد مضى عليها عقود بل قرون (!) إلا أن ما يحق لنا أن نقف عنده أنهما وضعا ذات الأسماء في مقارنة بأسماء مواقع في جمهورية لبنان فاختارا من الأسماء السعودية أسماء توحي بالقسوة أو العنف، واختارا من المواقع اللبنانية أسماء تدل على اللطف والرقة!!

فهما بذلك لم يكونا موضوعيين في الاختيار بل كانا انتقائيين.

ومع ثقتي الكبيرة في أن هذين النجمين اختارا الأسماء لمجرد الكوميديا التي تتطلب شيئا من المبالغة والسخرية حتى يتفاعل المشاهد مع المشهد وتبقى هذه القضية راسخة في ذهنه، وهذا ما أرادا، وأنا واثق تماما بأن النجمين يحترمان الأماكن السعودية كثيرا فهما أبناء هذا الوطن يقدران أم الجماجم أو أمهات الذيابة أو جفن ضب كما يقدران أي موقع في أرضنا الطاهرة.

هذا المشهد الساخر، وما تلاه من حديث كبير في أوساط الناس بعد هذه الحلقة عن هذه المواقع السعودية جعلاني أبحث في أسماء المواقع والمدن اللبنانية لأرى هل اختفت منها الأسماء التي تدل على العنف أو تتضمن أسماء الحيوانات فوجدت أن المعاجم الخاصة بالمواقع اللبنانية تحوي مثل هذه الأسماء وأكثر، ففي لبنان مواقع باسم (جميجمة، وتل الحيات، والخرايب، جبل الديب،..... الخ) وهي أسماء قد يكون لها تعليل، وقد لا يكون لها تعليل لكن المتفق عليه أنها أسماء لا تبعد في معانيها كثيرا عن معاني أمهات الذيابة وأم الجماجم!.

سألت شيخي عبدالله الماضي (أبو عبدالمحسن) عن تفسير موقع أم الجماجم وهو الخبير به وقد كتب كتابا عن الأرطاوية والتي تتبعها أم الجماجم، فكانت إجابته في سباق مع ابتسامته، فقال (إن الجمجمة هي التي تبقى من الجثة كثيرا) ولم يغب عن بال الشيخ الماضي بطبيعة الحال أن من روايات التسمية أن هناك موقعة وحرب صارت الجماجم شاهدة عليها،، وكأني بالماضي أراد أن لا يكرس مفهوم القصبي وزميله السدحان.

وأما جفن ضب فقد سألت عنه شيخي عبدالله بن محمس العاصمي وهو الآخر يعرف المواقع جيدا، ولم يعطني ترجيحا دقيقا في هذا الموضوع، لكنه رجح أن يكون هذا الموقع في شكله مشابها لجفن الضب، والبدوي يصف المواقع التي يسكنها بأوصاف من بيئته فمن المستحيل أن يسمي هذه الأرض بتل الزعتر لأني أشك أن يكون الزعتر من أصناف وجبته، وأما الضب فهو حاضر في الوجبة وفي الطبيعة.

وعودا على الأسماء التي يفهم منها القسوة أو العنف فهذه الأسماء يجب على الباحث النظر فيها من ناحية تاريخية، فعلى سبيل المثال الضب لم يكن هذا الاسم محل تحفظ قديما، ومثله أسماء بعض الحيوانات التي أصبح الوصف بها الآن قذفا يؤدي بمرتكبه إلى أروقة المحاكم، لذا لا يجب أن يحاكم المسمى القديم وكأنه من مسميات ما بعد الحادي عشر من سبتمبر!.

أخيرا: لمن يتذمر من أسماء هذه الأماكن التي قد يلوح في ذهن بعضنا أنها قاسية، أقول له اذهب إلى هذه الأماكن ذات الأسماء اللطيفة والرقيقة وانظر تاريخها الحديث بل والقديم ستجدها أكثر حروبا ومعارك من أراضي وطني المظلومة.

تحياتي لأم الجماجم، وسأتغزل بجفن ضب، مع اعتزازي بأمهات الذيابة.

للتواصل:
فاكس: 2333738


tyty88@gawab.com

 


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد