Al Jazirah NewsPaper Wednesday  25/08/2010 G Issue 13845
الاربعاء 15 رمضان 1431   العدد  13845
 

هل مات غازي
رشيد بن عبدالرحمن الرشيد

 

في متابعة مستمرة لكل الأقلام التي كتبت عن الفقيد الاستثنائي وجدت الإجماع على حب رجل عظيم اسمه غازي وقد كانت المشاعر حزينة لرحيله ولكنها صادقة وكشفت لنا عن المعدن الجميل لغازي العظيم في مجال الإدارة والإبداع الممتع في مدرسته الأدبية والشعرية والثقافية.

رحم الله هذا الرمز والفقيد الغالي وأسكنه فسيح جناته، هذا وقد اقتطفت مقاطع من مقالة لسعادة رئيس التحرير أعجبتني بعنوان (في موكب الوداع المهيب) وقال ضمن مقالته الرائعة (سيبقى الناس فترات طويلة في هول من هذا الغياب) ولا شك في ذلك لا سيما أن هذا الإنسان حمل هم وطنه بإخلاص ولم يبحث لنفسه أو ذاته وأن نزاهته المالية جعلته أكثر نقاء ولم يجد خصومه مدخلا في هذا الجانب بالرغم من دخوله صراعات معهم.

كما أورد الأستاذ خالد في مقالته (يا أبا سهيل نم مطمئناً واثقاً بأن مجتمعاً كنت أحد رموزه لن يخذلك) وكيف يخذل مثل غازي وهو (متنبي زمانه) وأضم صوتي بالمطالبة بطباعة بقية أعماله التي لم تر طريقها للنشر... وأن عمل مشروع ثقافي يحمل اسم الأديب الراحل لهو مطلب أتمنى التفكير فيه وتنفيذه وأرجو أن تبادر أمانة مدينة الرياض لإطلاق شارع مميز في أحضان العاصمة كذكرى للأجيال واستغلال إحدى المناسبات الوطنية (كالجنادرية) للمبادرة في تكريم هذا الرمز الاستثنائي من قبل وزارة الثقافة والإعلام.

وفي نهاية مقال الأستاذ خالد استوقفتني عبارة جامعة تقول: (فقد علمنا أن الحياة رحلة ممتعة بالعمل والإخلاص والإنتاج) فكلنا عشنا غازي الإداري والدبلوماسي ورجل التنمية إلى جانب الشاعر والأديب والمفكر... فكانت حياته رحلة عمل منتجة لا تتوقف ولكنها تنقلت من محطة إلى أخرى تجدد النشاط فيها وتخطط وترسم الخطوات وتضع القواعد الصلبة لعمل المستقبل.. أما حياته الأدبية والفكرية فكانت مبدعة حتى قبيل وفاته وآخر إنتاجه هو كتاب (قصة الزهايمر) والذي غيبه الموت قبل أن يراه، إن فقد الدكتور غازي ليس سهلاً على أهله ومحبيه ووطنه فقد كان ملء السمع والبصر.

إنه ظاهرة حضارية يصعب تكرارها.. وأن الجميع يتساءل هل مات غازي؟!! نعم غازي الجسد مات وهي سنة الله في خلقه ولكن مآثره حية لم تمت وستبقى ذكرى عطرة ومدرسة جميلة أركانها التسامح والآثارة ومحبة الآخرين والإخلاص والإبداع وستغدو سيرة محيرة وآسرة للأجيال وكأني بها أسمع كلام أبو الطيب المتنبي وهو يردد:

أنام ملء جفوني عن شواردها

ويسهر القوم في جراها ويختصموا

وهكذا هم العمالقة يتعبون من خلفهم فهم بحر من الإبداع لا ساحل له.

والشواطئ الغازية عديدة وكل شاطئ له جماله وإبداعه الخاص وأن (حديقة الغروب) محطة لا تنسى في شاطئ إبداعه الشعري وكأنه يقرأ الرحيل ويرثي نفسه ويعلن الوداع ويناجي ربه ويطلب التوبة والغفران وكل ابن آدم خطأ وخير الخطائين التوابون.. وفي هذه القطعة الشعرية الفائقة الجمال يعلن ولاءه وحبه وعشقه لهذا الوطن الغالي ويخاطب ابنته وينصبها حكما له في بيت يحمل الحكمة وعدم تزكية النفس قائلاً:

لا تتبعيني دعيني وأقرئي كتبي

فبين أوراقها تلقاك أخباري

غازي يا سفير الثقافة والأدب سيتعب أصحاب الفكر والقلم والنقد في فك طلاسم مغزى وأبعاد ثروتك الأدبية والثقافية والشعرية ولا شك سيختلفون من زوايا عديدة.

ولكن سيتفقون على عنصر واحد هو اجتهادك وإبداعك ورحلتك الساحرة مع القلم وفنك الثقافي وشعرك العذب وروايتك المثيرة والفاتنة إلى جانب عطائك الإداري والسياسي والدبلوماسي راجين لك الإنصاف من الجميع.

 


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد