قلوبهم عامرة بالنور..، وألسنتهم رطبة بالطيب..، وجنانهم معشوشبة ببذور الرضا والقناعة والمحبة..، بسطاء وهم بائسون، كرماء وبهم خصاصة..، لا يتغيّرون وإنْ تغيّر الزمان والمكان والمقعد والوجه..،

هؤلاء هم ثمر الرحمة فوق الأرض..، من يقيمون جدراناً تنقضُّ بمن هم على غير سماتهم وصفاتهم.. هؤلاء هم الناس الطيِّبون.. تجدهم في دوائر العمل الفرّاشون والمراسلون والبوّابون من النساء والذُّكور.. في وجوههم لمسات الكفاح، وعلى جباههم بصمات الصبر، وفوق كتوفهم أحمال الحاجة.. ومع ذلك يبادرونك السلام لأنهم ممتلئون بالسلام، ويركضون في خدمتك لأنهم يضعون أنفسهم خارج أسمال عزك..، ويقدمون لك كوب الماء مع دعوة لا تسمعها من القريب أو الغريب ما لم تكن له عندك حاجة أو مصلحة بينك وبينه..، هؤلاء إنْ أعطيتهم شكروا ولم ينسوا وإنْ تقادم بعطائك الزمن كثر أو قلّ..، وإنْ حَرَمتهم صمتوا وفي عيونهم انكسار لا يتطاولون عن مدِّ نظرهم..،

يفون وإنْ نسيتهم، ويذكرونك وإنْ محوتهم،،

هؤلاء الباقون معك حتى بعد أن تطوى الصحف بينك ومقعدك، أو تدور بك الدواليب فلا ترى من كنت معهم كل يوم في دائرة عملك..

الكبار ينسونك وإنْ كنت صاحب دور..، والكبار يطوون صحائفك وإنْ بقى ضوؤها يشع من حولهم، لأنهم يدورون مع المقاعد ولا يعرفون غير من يرون... أما هؤلاء فتحرِّكهم الذِّكرى الطيبة، وتأتي بهم النسمة الشذيّة.. أنت معهم في حلِّهم وترحالهم، ألسنتهم تلهج بالدعاء لك لمجرّد أنك ذات يوم لم تهنهم ولم تنس دورهم وإن تهمش..،

هؤلاء هم من يطيبون يوماً بدعوة، ويسندون ثقتك في الأحياء لأنهم لم ينقرضوا ولأنك لم تمت...

أزجي لهم تحية، ودعوة، فهم أيضاً باقيات وباقون في خاطري وذاكرتي.. من هؤلاء: غزلان وسعدية وصيتة وهيلة وأحمد وعودة وسمار... ومنيرة وزيد الذين لم تطو السنوات عن ذواكرهم يوماً تبادلنا فيه السلام أو تقاسمنا فيه الجهد أو تساقطت فيه قطرات العرق منا في قيظ حر، أو تبخّرت فيه أنفاسنا في زمهرير شتاء ونحن هناك في جامعة الملك سعود نبصم الروح ونسجل التاريخ..

وكل رمضان وأنتم بسعادة ورضاء وحب تماماً كما أنكم في القلب.