«سجل أنا عربي» قصيدة رائعة للشاعر محمود درويش جعلت منه شاعراً لكل العرب وليس لبلده فلسطين فقط.. وكتاب محمود درويش حالة شعرية.. للناقد الدكتور صلاح فضل يتضمن دراسة مهمة وعميقة لإبداعات محمود دويش..

يقول د. صلاح فضل: تظل حداثة محمود درويش التعبيرية المميزة كامنة في قدرته على صياغة اللفتات التعبيرية الخاصة والإسنادات المجارية الخارقة. والقادرة على تخليق حالة التوتر وقلق المعنى مع بلورة الرؤية كما تتمثل في استثارة لحظات الوجد وحالات التأمل واستحضار المشاهد البصرية المثرية للمتخيل الشعري والكفيلة بنقل حالة العدوى إلى المتلقي.

ودواوين درويش تقدم لنا عشرات النماذج الناجحة لهذه التقنية الأسلوبية الخاصة لكننا نكتفي في هذا السياق بنموذجين أحدهما من «كزهر اللوز أبو أبعد» والآخر من آخر قصائده «لاعب النرد» حيث غلب عليه الطابع السردي ممتزجا بالأسلوب الغنائي وقاوم فيه الحس المأساوي الناجح بالحياة والشعور الطاغي بحفرة الغياب والموت.

يقول في قصيدته:

مقهى وأنت مع الجريدة جالس

لا، لست وحدك، تصف كأس فارغ

والشمس تملأ نصفها الثاني

ومن خلف الزجاج ترى المشاة المسرعين

ولا ترى

كم أنت حر أيها المنسي في المقهى

فلا أحد يرى أثر الكمنجة فيك

لا أحد يحملق في حضورك أو غيابك

وهناك قصيدة أخرى يعلن فيها أن هناك من يغتاله بسوء فهم:

يغتالني النقاد أحياناً

يريدون القصيدة ذاتها والاستعارة ذاتها

فإذا مشيت على طريق جانبي شارداً قالوا لقد خان الطريق وإن عثرت على بلاغة عشبة قالوا تخلى عن عناد السنديان.