في ظل تزايد وتيرة التطور في العالم أخذت بعض أساليب الحياة لاسيما التقنية منها بعداً كبيراً في حياتنا. ومع أن لكل شيء إيجابيات وسلبيات إلا أنه وفي بعض الأحيان تطغى السلبيات إما لعيب في الشيء ذاته أو في سوء استخدامه وهو الأغلب. فلقد أصبح الإنترنت اليوم وبخاصة (البريد الإلكتروني) والجوال وسيلة أساسية في التواصل الاجتماعي وربط أفراد المجتمع ببعضه.
ولتدخل هذه التقنية إلى عالم المناسبات الاجتماعية كالأعياد والأفراح والتعازي وغير ذلك حيث نرى كل تلك المشاعر تتجسد في رسائل البريد الإلكتروني وال sms وال mms بأشكال مختلفة.
فهذا النوع من الرسائل الإلكترونية أو حتى بعض المواقع على شبكة الإنترنت كال face book مثلا تتناسب مع السرعة التي طرأت على حياتنا في العصر الحديث، فلا وقت لدى بعضهم للزيارات، ولكن هذه المسألة قد أثرت بشكل سلبي كبير على طبيعة علاقات الناس وتواصلهم، فأصبح هناك نوع من التباعد، وصارت هذه الوسائل هي الأسرع والأسهل للتواصل مع الآخرين وحلت هذه التقنية محل الزيارة التي قد تأخذ منّا وقتاً طويلاً في زحام الشارع وفي أداء الزيارة والتحية.
ومع هذا فإن هذه التكنولوجيا كانت إحدى أسباب القضاء على العلاقات الجميلة الدافئة بين الناس والتي تفتقدها القلوب، بل إنها جاءت مساندة إلى مشاغل العمل وضغوط الحياة وهموم المنزل والأسرة ورعايتهم كي تجعلنا ننسى الآخرين ولا نقوم بواجبنا تجاههم. فأصبحت علاقاتنا الآن تنحصر في رسالة قصيرة ترسل يوم العيد، أو في بداية شهر رمضان وبقية أيام السنة نضع تواصلنا الاجتماعي على سطح المكتب! لأنه لا وقت لدينا للتزاور للأسف!!.
ولعل بعض الناس هداهم الله اعتقد أنه بمجرد إرسال رسالة عبر الجوال أو الإنترنت أنه قام بالواجب تجاه الطرف الآخر مهما كانت صلة قرابته به. فهذا أخذ يهنئ والداه وإخوانه دون القيام بزيارتهم التي هي حق عليه وذاك يقوم بواجب العزاء بإرسال رسالة دون زيارة أهل المتوفى والقيام بواجب العزاء وآخر يهنئ بالزواج دون الحضور وإجابة الدعوة والكثير ممن يؤمن بأن مثل هذه الرسائل تكفي تماما متناسيا أن هناك فوائد كثيرة في الزيارة وإجابة الدعوة وكما في حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (حَقُّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ خَمْسٌ رَدُّ السَّلَامِ وَعِيَادَةُ الْمَرِيضِ وإتباع الْجَنَائِزِ وَإِجَابَةُ الدَّعْوَةِ وَتَشْمِيتُ الْعَاطِسِ). فجمهور العلماء يعدون إجابة الدعوة من الأمور الواجبة على المسلم إلا بعذر شرعي.
وأخيراً فإن مثل تلك الوسائل تضفي جو المحبة بين الناس وتقوي أصول المودة بينهم فالإنسان لا يستطيع العيش دون علاقات وتواصل مع الآخرين. فالمشاعر والأحاسيس وإن اختلفت طرق إيصالها تظل دافعا كبيرا في ربط حلقات المجتمع ليكون أسرة واحدة.
ومن هنا جاء التأكيد على استغلالها الاستغلال الحسن دون التعويل عليها كوسيلة تواصل وحيدة في المجتمع.
faiz2006@hotmail.com