Al Jazirah NewsPaper Thursday  02/09/2010 G Issue 13853
الخميس 23 رمضان 1431   العدد  13853
 

أقصر الطُّرق
العقيد (م) محمد فراج الشهري

 

كي تتخلص من أي شخص هناك طريقان قصيران، أحدهما أقصر من الآخر لكنه أكثر إزعاجاً، والآخر ألطف لكنه يؤدي الغرض نفسه.

الطريق القصير المزعج أن تتحدث بصراحة.. وتقول رأيك بلا مواربة أو لف ودوران.. يعني بلا سياسة أو كياسة أو دبلوماسية.. فإذا انزعجت من المدخن قل إنك تكره الدخان والمدخنين، ناهيك عن أذى التبغ للقلب والجملة المناعية.. ويمكن أن تطلب إطفاء نار (الحريق) أمامك.

وإذا عرض عليك أحد قصيدة خرقاء أو قصة تافهة وألحّ على معرفة رأيك فقل له رأيك بصراحة واضحة..

وأخبره أن يترك هذه المهنة لغيره أو قل له عليك بذل جهد كبير هائل.

وإذا كنت طبيباً وحدثت أخطاء معيبة أمامك فقل هذا خطأ.. وليحدث ما يحدث..

لكنني أود أن أنبهك إلى أنك أنت أيضاً غير معصوم عن الخطأ.. والذين تكثر من نقدهم.. سيترصدون لك.. وسيبدؤون في إحصاء همساتك وخطواتك حتى تقع.. فإن لم تقع نصبوا لك شباكاً.. أو ألفوا لك الحكايات التي تنتقص من قيمتك وربما تدهورك إلى الهاوية..

وأهم القصص التي يصدقها كل الناس.. هي القصص الجنسية.. لتشويه سمعتك والضغط عليك..

وحين يجدّ الجدّ.. وتصبح شخصاً غير مرغوب به.. يمكن لأي شيء أن يزحلقك، إذ يصنعون لك من الحبة قبّة وتصبح ضائعاً لا محالة.

إذاً هل أنت قوي بما فيه الكفاية حتى تقول رأيك بصراحة؟

بخبرتي المتواضعة رأيت طريقاً قصيراً وأيسر، فحينما تريد التخلص من أي شخص.. اطلب منه شيئاً.. وأسوأ الطلبات ما يتعلق بالمال، حتى لو كنت غير محتاج..

اختلق قصة ولمّح تلميحاً ناعماً إلى أنك قد تحتاج إلى المال - لا أحاجك الله إلى أحد - وحينئذ تفقد (صاحبك) فيذوب كالملح في الماء.. ولا يظهر أبداً.

أو قل إن لك صاحباً محتاجاً أو عاطلاً عن العمل وتود خدمته. عندها تكتشف أن الأصدقاء الحقيقيين ندرة نادرة.. أو كما قال الشاعر المجيد:

وما أكثر الأصحاب حين تعدهم

ولكنهم في النائبات قليل

ومنذ القديم حذر الطغرائي في لامية العجم وقال ما معناه (إن رجل الدنيا هو الذي لا يعول في الدنيا على رجل) وقال:

وحسن ظنك بالأيام معجزة

فظنّ شرّاً وكن منها على وجل

إذا كنا يا سادتي عبيد المال والمصلحة.

قولوا لي:

كيف سيبذل الناس أرواحهم ودماءهم من أجل الأديان والأوطان؟

قولوا لي:

ما معنى كل الكلام الفارغ الذي قيل ويقال؟

وكيف لا يمكن إغراء هؤلاء (عبيد المال) بأية منفعة دنيوية..

وكيف لا يمكن إرهابهم بالتلويح بسحبها؟

المصلحة، هي الصخرة الجلمود التي تتكسر عندها أقوى المبادئ وللأسف..

لقد أسمعت لو ناديت حيّا

ولكن لا حياة لمن تنادي

alfrrajmf@hotmail.com

 


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد