الانطباع الأول هو ببساطة الرأي أو الحكم الذي يتبادله الناس عن بعضهم البعض، في اللحظة الأولى، من أول تعارف بينهم، والمعروف أن 90% من الانطباع تتكون من أول 20 ثانية من اللقاء الأول. وتختلف أهمية وآثار الانطباع الأول وفقاً لما يترتب عليه من نتائج أو علاقات ومصالح متبادلة، فعلى مستوى الأفراد قد يُصدر شخص حكما وانطباعا على زميل جديد في العمل أو رئيس حديث، أو أي شخص ليس في صالحه وفيه شيء من الظلم والتجني والقسوة والعكس صحيح، وفي هذه الحالة قد يكون الضرر أخف لضيق دائرته ولأن تصحيح الخطأ ممكن مع الوقت، وعند اتضاح الأمور بشكل أكثر موضوعية وتأن، مقارنة بضرر الانطباع السلبي الذي يحدثه مسؤول في جهاز حكومي لتعامله مع من تقضي حاجاتهم مراجعته، ولم يحسن التعامل معهم، ولم يوفق لفهم وإدراك الآثار السلبية التي ممكن أن تحدث وتتجاوز شخصه إلى الجهاز بأكمله، لكنه في هذه الحالة أيضاً، يبقى كل ذلك أقل ضرراً من الآثار السلبية التي تنعكس على الوطن والمواطنين عندما يكون التعامل مع جنسيات مختلفة من دول مختلفة، تربطنا بها مصالح مشتركة، واتفاقيات دولية ملزمة، وعندما نرغب في التسويق لديننا ومعتقداتنا وثقافتنا الإسلامية، تصبح المسؤولية لإعطاء انطباع جيد وذي أثر إيجابي مهم للغاية، ومشتركة للجميع وبين كافة الأجهزة الحكومية وتأتي مصلحة الجمارك في الطليعة.
فموظف الجمارك يأتي دوره في هذا الأمر في المقدمة لتعامله المباشر مع القادم للمملكة، وعليه العبء الأكبر من المسؤولية، لإعطاء انطباع طيب وصورة حسنة عن الوطن وأهله، من خلال التعامل الجيد والأسلوب الحضاري المناسب لمختلف الجنسيات والثقافات التي يقابلها أثناء تأديته مهام عمله، كم في القادمين من أناس لهم دور مهم في النواحي السياسية والاقتصادية، وكم من قادم مكلف بمهمة خاصة سواء لجمع معلومات أو عقد اتفاقيات يحتاجها البلد، ونحتاج إعطاء هؤلاء انطباعا جيدا وصورة حسنة لكان الأمر يسير، لكنه أكثر من ذلك فمسؤوليات منسوبي الجمارك متعددة ومتنوعة تبعاً للأهداف التي تسعى لتحقيقها وكلها على قدر من الأهمية ومستوى عال من المسؤولية فالأهداف الأمنية والاقتصادية والاجتماعية والصحية والثقافية لا تقل أهمية عن إعطاء انطباع جيد، فتغير الأدوار واختلاف درجات الأهمية تبعاً للموقف تتعاظم معه المسؤولية الملقاة على عاتق موظف الجمارك.
أعان الله منسوبي الجمارك على تحمل هذه المسؤولية المزدوجة لخدمة دينهم ووطنهم، والتي لا يدركها الكثير من الناس، والذين لا هم لهم إلا النقد والتقليل من الإنجازات عند حدوث تصرف غير مقصود أو نتيجة لإجراء تتطلبه الاحتياطات الأمنية للوطن، ومع السمات التي يتطلبها العمل الجمركي من الفطنة والنباهة وسرعة البديهة وحسن التصرف لضيق الوقت وأهميته للتعامل مع مختلف الجنسيات والثقافات لإعطاء انطباع جيد وعمل أمني متقن، فالوقت الممنوح للموظف لا يتجاوز الدقائق خاصة في الجمارك الجوية، والمهربون والمخالفون للأنظمة ليس عليهم علامات واضحة تدل على مقاصدهم وسوء أعمالهم، والوقت متاح لهم قبل الوصول للتخطيط وابتكار وسائل وطرائق التهريب التي قد لا تخطر على بال أحد.
ولمواجهة ذلك ينبغي أن نشيد بالجهود المبذولة والخدمات المقدمة من مصلحة الجمارك وهي بلا شك واجب ومسؤولية لا ينتظرون عليها شكرا، وعلى موظفي الجمارك التحلي بالصبر والبشاشة وتطوير قدراتهم واكتساب مهارات جديدة تساهم في تحقيق أفضل الأعمال، ومع ما يقوم به مسؤولو الجمارك والمخططون فيها من جهود، إلا أن الوطن يستحق الكثير من الجهد ومن الخطط التي تسابق الزمن لتصل إلى أعلى مراتب الكمال إن استطاعوا لذلك، فرتم الوقت وسرعته لم تعد كما كانت.
نعم نحتاج إلى النقد الهادف البناء حتى يكون المواطن شريكا فاعلا في مجريات الأمور وتحسن الخدمة ومستقبل الوطن، وعلينا أن ندرك أن النقد السلبي غير البناء لا يخدم الهدف، وربما أدى لانعكاسات ومخاطر على أمن الوطن وقدرات مواطنيه.
والله ولي التوفيق.
Dr.shujaa@gemil.com