Al Jazirah NewsPaper Thursday  02/09/2010 G Issue 13853
الخميس 23 رمضان 1431   العدد  13853
 
وزارة العمل
شاكر بن صالح السليم

 

سلّمت على مسؤول في وزارة العمل ذات مرة في مناسبة ثقافية، وقبيل انصرافه تشجعت لسؤاله، قائلاً: في بلادي وزارتا عمل، الخدمة المدنية ووزارة العمل، ألا ترى أن دمج الوزارتين مطلب ملح، فقال لي «كل الدول عندها كذا «.

لم أجادله وآثرت الصمت، وبغض النظر عن وجهة نظره، إلا أن وجود وزارتين وجهات شبه متعارضة، لإدارة جمهور الوظائف والمهن، حالة فريدة وخاصة بنا، وقد يكون المسؤول فسّر كلامي بغير ما قصدته أو لأن لديه وجهة نظر أخرى.

لو قال «حجم العمالة يحتاج لوزارة كاملة» فسأكون أول من يسلّم بذلك، وإذا لم يتغيّر الوضع فقد يحتاجون لوزارات وليس وزارة واحدة، وربما سنضطر لإقامة وزارة خاصة بهم، بل مدن وقرى مستقلة، ويكفي أنهم يشغلون بال وزارة العمل وغيرها، والسؤال: إلى متى يخدم هؤلاء بشكل شبه مستقل وإلى متى لا يجد المواطن عملاً براتب وعائد يسد رمقه؟

وبدون رتوش «ياليت لو يكون القصيبي - رحمه الله- آخر وزير للعمل» لنسمع عن وزير كل المهن وكل العمال الوطنيين وغيرهم، وتفاصيل الحلم، نقل مهام وزارة العمل لوزارة الخدمة المدنية وتغيير مسمى وزارة الخدمة المدنية لمسمى مناسب، بثلاث وكالات، وكالة مختصة بالوظائف الحكومية وأخرى مختصة بوظائف القطاع الخاص، وثالثة لتنسيق قررات القوى العاملة، لتضع وكالة التنسيق خطة متكاملة للتناغم بين الوكالتين وتسهيل انتقال الموظف من الوظائف الحكومية للقطاع الخاص والعكس، وتحديد مهن السعوديين ومهن الوافدين ونسبة السعودة ونسبة الوافدين بحسب المهن وراغبي العمل من المواطنين.

والإجراءات المطلوبة من الوكالة الثالثة تسجيل أسماء وقوائم الراغبين بالعمل ومؤهلاتهم ورغباتهم ومتطلبات تدريبهم وكل ما يساعد على انخراطهم في الوظيفة أياً كانت وفي المكان المناسب، سواء الوافدين أو السعوديين، وتنظيم عمل المؤسسات المهتمة بتدريب المواطن المجاني والمدفوع والذي يهدف للتوظيف المباشر وغير المباشر، وتحديد نسبة السعودة بحسب المدن والقرى والهجر وليس حسب عرض وطول البلاد، والتواصل مع الجهات التعليمية والتدريبية لوضع الخطط التدريبية والتعليمية المناسبة للمواطن والوطن.

وعلى سبيل المثال قد ترى وكالة التنسيق سعودة جميع محلات بيع المواد الغذائية في محافظة عقلة الصقور، بينما السماح للوافدين بالعمل بالتموين الغذائي في مدينة الرياض وبنسبة محددة ولمدة معلنة أو السماح لهم بذلك في الطرق السريعة فقط.

ما ذكرته مثال، يشكّل وجهة نظري لتحقيق سعودة الوظائف بنسبة الواقع، فإذا قرّر جمهور الباحثين عن عمل في مكان ما أن يعملوا بمهنة ما، وحاجة بلدتهم أو قريتهم أو محافظتهم أو مدينتهم لا تتحمّل الاستقدام فيتم قصر تلك المهنة على السعوديين منهم، أو السماح بالاستقدام بحسب نسبة السعوديين طالبي الوظيفة ونسبة حاجة ساكني المكان، وهذه النسبة يمكن أن تتغير بشكل دوري ومتناغم وسريع أيضاً، وبطريقة تكشف التلاعب بالسعودة، وبإجراءات تمنع سرقة أسماء المواطنين لجهات العمل، بل ضمان جودة المواد الغذائية وكل المستهلكات، وقد يؤدي ذلك لعزوف المواطن عن الوظائف لينخرط بالتجارة، وقد تضطر الدولة لإجبار المواطن للانخراط في التجارة بدلاً من الوظائف وخصوصاً في وضع البطالة المقنعة، بل أتطلع لإجبار التاجر الذي لا يباشر العمل، بتوظيف السعودي بالراتب والنسبة معاً، كما يعمل غالبية الوافدين، وهذا هو الذي يحقق الرفاهية للمواطن وليست الرواتب الزهيدة.

«وزارة الموارد البشرية» الاسم المقترح بعد دمج الوزارتين، ليدرك الجميع مكانة الإنسان السعودي وبخاصة القادحون في ربوع البلاد، بل تحقيق رفاهية المواطن وتحسين معيشته، وأتطلع لإدراج هذا الحلم في الخطة التنموية الجديدة.

تناولت هذا الموضوع قبل خمس سنوات وعبر عدد من المقالات، تحت عنوان «السعودة بنسبة الواقع» وتفاصيله بحسب استفتاء عملي، يتولى إملاؤه القوى البشرية الوطنية قبل غيرهم بإشراف وزارة الموارد البشرية.

وكالة التنسيق يمكن أن تعمل على زيادة نسبة العمالة الوافدة بالمهن التي لا يمكن أن ينخرط بها المواطن في الوقت الحالي، وبما يضمن أسعاراً مناسبة، فمثلاً يمكن زيادة استقدام ممتهني التبليط، ليقدموا خدمتهم بسعر معقول، وقد يتنافسون لمقاولتهم بخمس ريالات للمتر، وعلى ذلك يمكن القياس. قبل بضع سنوات كتبت «في بلادي وزارتا عمل» وسأظل أردد ذلك، ولكل الخبراء، أكتب مقالي هذا، راجياً أن يرددوا معي «وداعاً وزارة العمل!» ليصل الصوت وبأسلوب يحقق السعودة بقوة وجودة ومتانة.



shakeer.saleem@gmail.com

 


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد