Al Jazirah NewsPaper Saturday  04/09/2010 G Issue 13855
السبت 25 رمضان 1431   العدد  13855
 

أوتار
تشريح الأموات
د. موسى بن عيسى العويس

 

هو حديث في حقيقته عن (تجريح الأموات) لكن، لكون هذا الموضوع بلغ عند بعض فئات المجتمع مبلغ (التشريح) فضّلنا هذا العنوان، رغم أنه يأبه الطبع البشري، وتأنف من النفوس الزكية.

- الجميع يعلم علم اليقين أن حرمة الإنسان بعد موته باقية كما هي الحال في حياته، إن لم تكن بعد الممات أشد، لانقطاع أمل التواصل واللقاء، والتسامح والعفو بين الأطراف، وليس أدل على تلك الحرمة عدم جواز التعدي على جسده بعد الممات إلا لأهداف تعليمية، يترتب عليها إنقاذ حياة أشخاص آخرين، أو إثبات شبهة جنائية أقرتها الهيئات والمجامع الفقهيه.

* لو سمحنا لأنفسنا بالاستطراد في الحديث، لقلنا: إن الديانات الأخرى - غير الإسلام، وهو أكمل الشرائع وأعظمها - احتفوا كبير الاحتفاء بالميت، وبالغوا وغلوا حتى وضعوا أجسام البشر بعد موتها على أسطح أبراج عالية، تحت حرارة الشمس اللاهبة، ومياه الأمطار الغزيرة، تلتهم لحومها الطاهرة الطيور الجوارح، إلى غير ذلك من العادات والمعتقدات التي جاء الإسلام فهذّبها، ونقاها مما يخالطها من شوائب المعتقدات.

* اليوم نجد بعض الفئات للأسف تعدى بأقواله وأفعاله على من غادروا هذه الحياة، وفارقوا أهلهم وذويهم، بل نجد من اتخذ الطعن، والهمز، واللمز، والسب، والشتم قربة يتقرب بها إلى الله، وعبادة يتعبد بها، دون مراعاة حتى لمشاعر الأحياء. تطاولٌ واضحٌ وصريحٌ، وإيذاء ظاهر على أناس شهدوا أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا رسول الله، وأقاموا الصلاة... ولم يعرف عنهم التهاون، أو المساس في أركان الإيمان والإسلام وثوابته.

- من المؤسف حقاً أن ينشغل الإنسان المسلم بعيوب غيره أمواتاً،أو أحياءً، ويترك عيوب نفسه ومساوئها،وزلاتها وأخطاءها، وتقييم ما اعوّج من سلوكها، وما أجمل ما قيل في هذا الباب:

لا تكشفنّ مساوي الناس ما ستروا

فيهتك الله ستراً من مساويكا

واذكر محاسن ما فيهم إذا ذكروا

ولا تعب أحدًا منهم بما فيكا

- لنتساءل جميعًا عن تلك المصالح الدنيوية، أو الأخروية التي ستترتب على النيل من عالم الأموات، فهو كما قال بعض العلماء: (يجري مجرى الغيبة)، بل ورد الندب إلى ذكر المحاسن. ولنا أن نستغرب أشد الاستغراب من بعض تلك الفئات الواعظة والزاجرة، الماشية مع الجنائز، والمشاهدة لمراسم دفنها، تقف أمام الجمع، وتخطب، وتذكر بالله، واليوم الآخر، وضرورة الاستعداد له، وبين عشية وضحاها ترتدي رداء آخر، وتقع فيما يجب عليها الابتعاد عنه.

(رسالة إلى غازي القصيبي)

- من مراثي حافظ إبراهيم:

شهيد العلا، لازال صوتك بيننا

يرنُّ كما قد كان بالأمس داويا

بناؤك محفوظٌ، وطيفك ماثلٌ

وصوتك مسموعٌ، وإن كنت نائيا

سيشهد لك التاريخ أنك لم تكن

فتى مفرداً، بل كنت جيشا مغازيا

dr_alawees@hotmail.com

 


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد