Al Jazirah NewsPaper Saturday  04/09/2010 G Issue 13855
السبت 25 رمضان 1431   العدد  13855
 
الأمير سلمان سرّ أبيه الملك عبدالعزيز
عبد العزيز بن مسفر القعيب

 

عندما يتكلم الأمير سلمان أو يرتجل كلمة تنصت له الآذان.. فكيف وقد كتب بمداده كتاباً عن والده المؤسس الملك عبد العزيز - رحمه الله - فإنه حينئذ يملأ السمع والبصر.. اطلعت على محاضرة سموه التي تم توثيقها من قبل (دارة الملك عبد العزيز) في كتاب تحت عنوان (ملامح إنسانية من سيرة الملك عبد العزيز) في 112 صفحة، وماذا عساي أن اكتب عن ذلك؟.. ولكن كتاب يصنفه الأمير سلمان بن عبد العزيز عن الملك عبد العزيز جدير بأن يثير الفضول، وان يعذر من يقول فيطيل القول.. كتاب عرض فيه جانب الإنسانية لحياة المؤسس عرضا يكشف عن دقائقها ويجلو صورها بأسلوب بديع وللأمير كعادته في إبداعه باع وذراع.

استعرض مواكب الذكرى وهو ينبئنا ويخبرنا عن ملامح من سيرة الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن بكل صدق وأمانة، ولا ينبئك مثل خبير, ولا سيما أن الأمير سلمان لازم والده ونهل من معينه.. حيث يروي الأمير الابن عن أبيه الملك المربي والقدوة الحسنة سيرة اشتملت على كثير من الخصائص والخصال والقيم في حياته، للاستئناس بقبس من تاريخ ذلك البطل.. ولقد بين سموه أن تاريخ الملك عبد العزيز لا يقتصر على جوانب الكفاح وإنجازات التوحيد والبناء فحسب، التي هي مهمة وعلمها الجميع وكتب عنها المؤرخون وتناولتها كتب السير، بيد أن ما يريد أن يبينه الأمير هو جوانب كثيرة تبرز فيها شخصيه الملك الإنسانية.. وبما انه واحد من أبنائه الذين تربوا على يديه فإنه قد وعى وسمع وقرأ واطلع على الكثير من جوانب هذه الشخصية، التي من حقها أن نضعها في مكانتها التي تستحقها بكل الإجلال والتقدير.. فهو بذلك يضرب أعظم مثل في حقوق التربية والأخلاق، وفي حق الآباء على الأبناء فلقد ذكر سموه على سبيل الاستقراء هذه الجوانب التي أصبحت راسخة في ذهنية الأمير الفطن، فتطرق إلى وحدة الوطن التي حققها الملك عبد العزيز على أرض الجزيرة العربية وتدينه وما كان يتمتع به من جبلة العطف والكرم تجاه أسرته وشعبه، وسعيه الدائم للعدل والإنصاف بين الجميع وإقامته لمؤسسات الدولة التنظيمية وكذا التعليمية والثقافية.. ولقد شدني ما دبجه يراع الأمير وأعجبت بإتقانه وتوازن ألفاظه.. حقاَ لقد أجاد الأمير سلمان كتابة التاريخ بسيرة ملك يعتبر من الملوك الأفذاذ والأبطال الذين قادوا الأمم وغيروا مجرى حياة الشعوب.. لقد سطر لنا سموه على صفحات الذاكرة بعبارات فياضة إنسانية الملك عبد العزيز جاءت من نفس منغرسة منذ قديم في معنى الأسرة الواحدة ومتعلقة بها.

حقاً لقد جاءت وحدة الوطن بعد عصر من التاريخ ماجت فيه الشعوب والجماعات وتمخضت أيامه بالأحداث الجسام والمعارك الكبرى.. فيه المصائب تتوالى من ذات اليمين وذات الشمال، كل يقارع ضد الفناء.. وفي وسط ذلك الليل المدلهم سطع في السماء نجم عبد العزيز بشخصيته العبقرية ذي الفكر الناضج والإرادة الحازمة القوية، فقد كان الناس في أشد الحاجة إليه في ذلك الوقت العسير، جاء يؤيده الله بالتوفيق وتمده القدرة بالإلهام ويوجهه الإيمان إلى السداد, لا يخاصم إلا في الله ثم الوطن والحق, فأصبح صوت الحق صوتا خالدا ليدحض به الباطل وأهله.

إنه ذلك الرجل الذي يستلهم من عقيدته الإسلامية فيضاً لا ينضب، من الحكمة والإلهام.. همه الشاغل هو تأمين الحج، وتوفير الراحة للحجيج، وخدمة الحرمين الشريفين وعلى الرغم مما يعرض عليه من مهام الحكومة الثقيلة آنذاك فانه، يقابل شعبه، ويسمع شكوى المشتكي ونصح الناصح، ويتباحث مع زواره في شؤونهم. ولا ينسى حق العائلة يتحدث معهم ويسامرهم وينهلون من معينه من مكارم الأخلاق.

إنا لنشعر ونحن نستعرض هذا التاريخ (الكتاب) بأننا لا نتلو تاريخا إنما نتلو صفحة من أنبل الصفحات الإنسانية بما حوت من المظاهر والمعاني السامية لإنسانية المؤسس الملك عبد العزيز رحمه الله.

لقد تشرفنا بالاستماع إلى سلمان التاريخ وهو يضفي برأيه في مجريات الأحداث بلغة التاريخي وحس السياسي ذي العقل الراجح ليرينا ما مرت به الدولة من محن ومصاعب وما سمت إليه من مجد وعظمة، ليس من باب كشف الماضي فحسب وإنما تقدير للماضي. إنه بذلك يثبت أنه ذلك السياسي البارع الذي تستحق أقواله وأفعاله عناية أهل الرأي والبيان، ذلك التاريخي الكبير الذي لم تكن تجره قراءة الأحداث التاريخية يوماً من الأيام في دنيا المعارك السياسية إلى التحيز، فهو بعظيم مركزه ومنزلته أخ للجميع وأب للجميع.

رأيناك يا سمو الأمير بخبرة المحنك وأنت الخبير بواقع العلاقات الدولية قارئا ذا ذاكرة قوية، لا تمنعه وعورة السياسة ولا المصاعب والعقبات مهما كان نوعها عن مواصلة السير في خدمة تاريخ هذا الوطن العزيز.. انه الشخصية التي سرقت اهتمام زعماء وملوك العالم لما يتمتع به من حضور وإمكانات الريادة والقيادة والقدرة على استخراج الوقائع والحقائق والأحداث السياسية والتاريخية وربطها ببعضها البعض بسياق العبر واستجلاء الأسباب وإظهار النتائج بما ينير البصائر.. ولا يستغرب منه ذلك, فسموه ممن اشتهر بالتأسي والاقتداء بسيرة المؤسس الذي ضُرب به المثل في العدل والحكمة. وأعتقد جازماً أنني مهما كتبت فلن أحيط بآفاق الأمير سلمان المترامية الأطراف التي تحمل ملامح إنسانية كثيرة جديرة بالإكبار والإعجاب، فإن له خصائص على نسق ملامح وشخصية والده الملك عبد العزيز - رحمه الله - يتعب من يهمه الكتابة عنها بإيجاز أو إطناب.. حقاً إن سلمان سر أبيه الملك عبد العزيز.

حفظ الله لبلادنا رجالاتها وأمنها واستقرارها في ظل قيادة خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الأمين وسمو النائب الثاني.. والله من وراء القصد.

- هيئة الرقابة والتحقيق - الرياض


tumair-2008@hotmail.com

 


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد