Al Jazirah NewsPaper Tuesday  07/09/2010 G Issue 13858
الثلاثاء 28 رمضان 1431   العدد  13858
 

في إشراقات الخير واستشراف عيد الفطر المبارك الحضور الوفائي الأثير للأمير سطام بن عبدالعزيز (2-2)
عبدالله الحميد

 

تتميز شخصية الأمير سطام بن عبدالعزيز بالهدوء والسكينة منذ عرفت هذا الرجل الهادئ الرزين، لكن هذه الشخصية الهادئة تتمتع برحابه صدور وسعة أفق، وحكمة وحلم وذكاء ودقة، تستطيع أن تستقطب ثورة الغضب والحدة والحماسة والانفعال عند استقبال فئات مختلفة من ذوي المطالب والقضايا والحاجات في قاعة الإمارة كل يوم ويخرج كل منهم راضياً مقتنعاً بالتوجيه الأثير، أو الرد المقنع، أو الحوار الهادئ الذي يصل إلى نتيجة ليختصر حل المسألة، أو معالجة القضية، أو يصطدم بعقبة تؤجل الحل إلى أجل يتفاوت فيه الوقت وفق الإجراء أو المسار الذي يسلكه.

هذه صورة موجزة لجزء من البرنامج الصباحي لعمل الأمير سطام عرفته عن قرب، تأخذ تفصيلاته صفحات ومواقف وصور ممتدة عبر تاريخ خدمته التي تجاوزت أربعين عاماً - متعه الله بالصحة والعافية والسعادة، والابتهاج، وكما ألمحت في مقالي السابق فلم يقتصر عمل الأمير سطام وخدمته للناس على مكتبه بالإمارة وإنما يتجاوز ذلك، حيث سخر جزءاً كبيراً من وقته في خدمة الأسرة والمجتمع وحضور المناسبات الاجتماعية والرسمية، وتلبية الدعوات الوفائية، والاشتراك فيها لنشر تجليات السعادة بين الناس لما تنطوي عليه شخصيته من حب وإيثار ووفاء يعرفه ويدرك أبعاده من يتصل به شخصياً أو يلتقي به، أو يقصده، أو يعرض عليه مسألة، ولا أذكر في حياتي أنه أهمل مهاتفة لي حيث يبادر بالرد عندما يعرف المتصل، أو يعتذر لانشغاله مؤقتا ليعود فيتصل ويباشر بنفسه التجاوب، وهنا أؤكد أنه ليس كل مطلب ينبغي أن يتحقق في حينه، أو مسألة تحل أو تعالج في حينها وإنما المهم هو التعامل الأنسب مع المسائل والناس بما يرضي ويقنع ويترك في النفس أثراً تلقائياً يستحق التقدير والتبرير.

ولا بد لي بهذه المناسبة العزيزة أن أذكر نخبة من المواقف الوفائية الجديرة بالإشادة وفاءً للرجال النبلاء المخلصين وتقديراً لحضورهم المشرق في أنسجة المجتمع هي:

أولاً: ما أثاره اللقاء الأثيري في التلفزيون في حلقة من برنامج (رحلة الكلمة) الذي أعده الصديق الوفي أبداً الأستاذ حمد القاضي مع المربي الفاضل الشيخ عثمان الصالح - رحمه الله - وكان لقاء تلقائياً مسكوناً بالبراءة والإنسانية دون تكلف أو تضخيم مما جعله يصل إلى القلوب بكل يسر وانسجام، ويسكن خلايا الذاكرة والوجدان حيث تناول الأستاذ عثمان الصالح من خلال تجربته التعليمية والإدارية بمعهد (الأنجال) - العاصمة النموذجي - نخبة من الطلبة البارزين في النشاطات الثقافية، منهم الأمير سطام بن عبدالعزيز والأمير أحمد بن عبدالعزيز والأمير فيصل بن فهد وكل من هؤلاء يعد من النابغين الناجحين المتفوقين في حياتهم الدراسية والعملية والاجتماعية، وقد كان لكل منهم دوره الفعلي الأثير وحضوره المؤثر في أنسجة المجتمع، وتبوأ كل منهم - فيما بعد- المنصب الذي يليق بإمكاناته وحضوره وتألقه.

وكان الأمير سطام بن عبدالعزيز ولا يزال كوكباً مشرقاً في سماء العاصمة «الرياض» وأحد أهم الأعضاء الفعالة في اتخاذ القرار بإمارة منطقة الرياض، تزداد علاقته كل يوم بأعلامها ومثقفيها ثقة وصلة وحضوراً، ولا أنسى موقفاً من مواقف الوفاء لاستفاده الشيخ عثمان الصالح عندما لفت نظري صباح ذات يوم إلى مقالٍ كتبه أستاذنا الشيخ عثمان الصالح في جريدة (عكاظ) عن أحد إصداراتي، وسألني الأمير سطام: هل شكرت الأستاذ عثمان عليه؟ فقلت له: نعم، وكنت مندهشاً من سرعة قراءته المقال الذي لم أقرأه، وبادرت إلى شكر شيخنا الأستاذ عثمان بمقالة في (جريدة المسائية) ليس لها علاقة بالموضوع وإنما تتضمن المطالبة بكتابة (مذكرات الشيخ عثمان الصالح) وكان الموقف الآخر مرتبطاً بشخصية الأستاذ عثمان الصالح عند وداعه - رحمه الله - بعد الصلاة عليه في جامع الملك خالد بأم الحمام حيث تقدم المصلين المشيعين سمو الأمير سطام، وقد عزيته ورأيت الحزن في عينيه على فراق واحد من أعز أساتذته المعلمين الأوفياء، وبعدها بأيام تفجرت مع الحزن أبيات تقول:

رأيت الحزن في عينيك ومضا

كأنك قد جعلت الحب فرضا

وعاشرت الوفاء، فكانا إلفاً

لوجهك باسم القسمات، غضا

كريم النفس، منشرحاً لصدقٍ

تفض تراكم الغضبات فضا

وتمنحنا من الحلم ارتقاءً

يطمئن نفس من يأتيك ركضا

ونسجت قصيدة أخرى في رثاء الشيخ عثمان الصالح ألمحت فيها إلى حزمه أيام كان مديراً لمعهد العاصمة النموذجي وفاءً له وتقديراً لما بذله رحمه الله.

ثانياً:

يعد من مواقف الوفاء الأثير، والحضور الفعلي المؤثر لسمو الأمير سطام بن عبدالعزيز أمير منطقة الرياض بالنيابة بصفته الشخصية والرسمية تشريف سموه حفل تكريم المتقاعدين بالأمارة وما يتمتع به من تواضع ممتزج بالوفاء يقرب شخصيته الشعبية الإنسانية على الرسمية مما تتجلى معه أشجان التقدير والاحترام المنعكس على تعامله النبيل،، وهذا الحضور الأثير هنا لا يخصني، وإنما يشمل كل زملائي المتقاعدين في ديون الإمارة الذين شرفهم سموه بحضوره شخصياً حفل تكريمهم، ورشحت لإلقاء كلمة المتقاعدين بصفتي أحدهم - ولست أكبرهم سناً ولا منصباً - فسعدت بإلقاء الكلمة بين يدي سموه إذ كان إصراره على الحضور على الرغم من ارتباطاته ومشاغله تكريماً لي ولزملائي، وآثرت أن أنشد الأثير لسموه الكريم وصحبه الكرام أبياتاً - آثرت أن تنشر في (مجلة الإمارة) لتوثيق تلك المناسبة الوفائية للمسئول الثاني في الإمارة الأمير سطام يقول مطلعها:

أحباء نفسي، وأهداب عيني

ووشم المودة في الحاجبينِ

أتيت إليكم خلي الوفاض

وعدت غنياً بكم مرتينِ

فكنتم سروري، ودفق شعوري

وهاجس ما بين نفسي وبيني

الغاية من إيراد هذا الموقف هي الإشارة إلى عمق اهتمام هذا الرائد الإداري بأبنائه والعاملين معه، وحسن التعامل معهم، والوقوف معهم في لحظة الوداع الوجدانية الشفيفة التي تمر بكل عضو عامل في أي قطاع حكومي أو خاص، وتنطبع أحداثها في الذاكرة ألقاً يستعصى على النسيان إذا حظي بالتقدير والوفاء واللفتات الرائعة التي يصنعها الرجال المخلصون لدينهم ووطنهم ومواطنيهم، وتعبر عن أنموذج أخلاقي للتعامل يمسح كل معاناة السلبية، ومعوقات البيروقراطية، والعقبات الأخرى التي تشي بها انكسارات الوظيفة وآفاقها التي تنتابها أشتات من الهموم والاعتبارات التي تلقي بتراكماتها على كاهل «الموظف» المعاني، لاسيما في البلدان النامية، لكن الحضور الواعي للإداري المسؤول العادل يمكن أن ينتشل المعاناة من الحيف والقسوة التي تحول دون المعاناة إذا استشعر تقصيراً أو ظلماً أو حساسية وقد عبرت عن موقف نبيل رائع لسموه بأبيات تقول:

تموت البراءة وسط الردى

وتحيا على شط نهر الندى

وترفل في كرنفال المنى

إذا لم تغير ذرى المبتدا

ولم تتعثر خطى طامح

يغرد فوق غصون المدى

تصافح بشر العلى بهجة

أيادٍ تصافح منك اليدا

حضنت أناملها غضةً

وأشعلت قنديلها العسجدا

وهامت بنبلك في موقفٍ

فكنت لنجدتها السيدا

سداد يصحح عوج الرؤى

ولافتة لم تدون سدى

ورؤياً تعبر عن حكمةٍ

وسيفاً يثلم تلك المدى

ويمنحه القلب من نبضه

عبير المحب، وشوق الندى

ثالثاً:

ومن واقع متابعتي وتأملي في مبادرات سموه، واهتماماته الإنسانية النبيلة لحظت عناية سمو الأمير سطام بمباشرة الحضور أو الاتصال بنفسه للمواساة والتعزية عندما يعلم عن وفاة إنسان يعرفه، أو له صلة بمن يعرفه، لا يتذرع بمشغلات أخرى عن ما يعتقد أنه واجب عليه، حتى في أثناء سفره يحرص على متابعة أخبار أحبته ومعارفه ومن تربطه بهم صلة قربى أو وشيجة، ولا يتوقف الأمر مع الأمير الوفي سطام بن عبدالعزيز على المتابعة والحضور وإشعال شموع الوفاء، وإنما يتجاوز ذلك إلى معاتبته العنيفة للتقصير على الصلة وتوثيق عرى الصداقة التي يلحظها من الطرف الآخر، وقد لحظت ذلك منه صراحة أحياناً، وتلميحاً أحياناً أخرى، وعرفت أشتاتاً من ذلك في نظراته العاتبة التي كانت أبلغ تعبيراً من البوح في مواقف لا تسمح بإعلان ذلك مباشرة، فعبرت عن مشاعري نحو ذلك الموقف مقدراً عنايته واهتمامه، ومهنئاً بالعيد السعيد، وهو ثناء ينبغي أن أبوح به بهذه المناسبة السعيدة وفاءً لرجل الوفاء على حضوره المشرق الأثير في جبين العاصمة العزيزة، وفي مقدمه احتفالاتها الأثيرة المتجددة بحضور الأمير الإنسان: سطام بن عبدالعزيز:

عهدتك تفرح إن جئت لك

وفي حاجبيك ارتياح ملك

وتنزع من لهفتي بسمة

تقبل وجه الندى، جبهتك

وتنثر في خافقي الرضى

بأنك راضٍ، فما أروعك

وتطلب مني الذي لم أقل

ولكنه في هواي اشترك

فيذهب مني الكلام سدى

ولست الغريب الذي ما ارتبك

سأشعل من هاجسي شمعة

تذكرنا بالهوى المشترك

وتعصف بالظن خلف المدى

وتقرب مهما يدور الفلك

فأنى حضرت يهل الندى

على خاطري، ما الذي أزعلك؟

تغادر عنا فيبكي الشجى

ويهفو الفؤاد إليك، ولك

وفي ختام مقالتي هذه التي هدفت منها إلى إضاءة جوانب من شخصية الحضور الوفائي لشخصية الأمير سطام الذي يؤثر أن يعمل بصمت على الرغم من إسهاماته الخيرية الرائدة في دعم المشروعات الخيرية، وأعمال البر والإحسان بصفة متصلة، واهتماماته بالتنمية، وتطوير منطقة الرياض، ورفع مستوى العناية بالبيئة والارتقاء بالخدمات فيها، والفعاليات الاجتماعية المتعددة، وترؤسه لجاناً وجمعيات ذات فعالية إنسانية فذة، وكان آخر اهتمامات تقديم (كرسي باسمه يعني بالصحة) لجامعة الملك سعود يؤكد حضوره الوفائي الأثير إلى جانب المشروعات الضخمة التي يرعاها ويباشر دعهما كل حين، وفق الله مساعيه النبيلة وعيداً سعيداً مشرقاً بالآمال، وكل عام أنتم بخير.

 


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد